تكلّمنا في عدد الأمس عن العلاقة التاريخية بين الترجي والزّعيم الراحل الحبيب بورقيبة كما تطرّقنا إلى تفاصيل الهدف «الأسطوري» لنجم الفريق عبد المجيد بن مراد عام 1972 في شباك «السي .آس .آس» وقد بَيّنا بأن ذلك الهدف «العَجيب» كان من باب الردّ على الهزيمة المُرّة التي تلقاها نادي «باب سويقة» في «فينال» الكأس سنة 1971. ولاشك في أن الخوض في تجربة بن مراد مع شيخ الأندية التونسية تُحلينا إلى موضوع المواهب الكروية البارزة التي شهدتها المسيرة الترجية. نجم استثنائي بالتوازي مع الفنّان بن مراد، استقطب الترجي عبر تَاريخه الطّويل فَيلقا من الأسماء المَهارية مثل عبد الجبار مشوش ونورالدين ديوة الذي يُصنّفه الكثيرون كأحسن لاعب منذ أن نشأت اللّعبة في تونس. ولن تَنسى الجماهير الترجية والتونسية أيضا ابداعات تميم الحزامي الذي جَاور بن مراد في التشكيلة الصّفراء والحمراء المُعزّزة بداية من السبعينات بنجم سيملأ الدنيا ويشغل الناس لعقدين من الزّمن (كلاعب) ثمّ لعدّة أعوام أخرى كمسؤول ومُحلّل ووزير. والكلام طَبعا عن «الأسطورة الحيّة» طارق ذياب الذي لن نُبالغ في شيء إذا قُلنا إنّه من «الكَوارجية» الذين قد لا يَتكرّرون مَرّتين. ملك افريقيا جَاء طارق إلى ساحة «باب سويقة» في سن مُبكّرة ليصنع العَجب مع الترجي وليكتب اسمه بالذّهب في صُفوف المنتخب. مَوهبة طارق كانت بارزة للعِيان منذ أن كان يُداعب الكرة في «بطاحي» أريانة وقد بَرهن أيضا عن سِعة امكاناته في صفوف منتخبات الشبان والدورات التكوينية ل»مدرسة» اللاعب والمدرب المعروف في «المكشخة» عبد الرحمان بن عزالدين وكانت تلك «المدرسة» قد ساهمت في بروز كمّ هائل من اللاعبين الذي سيكون لهم شأن كبير في مرحلة مُوالية مثل الهادي البيّاري ولطفي العروسي... ورغم وجود العديد من العناصر الشهيرة والأسماء الثقيلة في الترجي فإن طارق سرعان ما أصبح الرقم الواحد في «باب سويقة» ويُحسب لبن مراد عَقليته الاحترافية العالية بما أنه تنازل بصفة تدريجية عن مواقعه الهُجومية وأدواره الاستراتيجية لتميم وطارق إيمانا منه بأن مصلحة الجمعية فوق كلّ الاعتبارات. وقد نحت طارق مسيرة استثنائية بالأزياء الذهبية حتى أنه أصبح القائد والهدّاف التاريخي للجمعية (127 هدفا) كما أنه تُوّج بالعديد من البطولات والكؤوس فَضلا عن حصوله على الكرة الذهبية لأحسن لاعب في القارة الافريقية وهي جائزة لم يَتذوّق حَلاوة الفوز بها أي لاعب تونسي غير «الامبراطور» طارق ذياب وذلك عام 1977. مسيرة كبيرة مع المنتخب بالإضافة إلى مسيرته الطويلة والرائعة مع الترجي نجح سيّد المهارات الفنية و»ملك الدربيات» التونسية في ترك بصمة تاريخية مع المنتخب الذي شارك معه في الكأس العالمية لسنة 1978 فَضلا عن تسجيل أجمل الأهداف بالأزياء الوطنية ومن المؤكد أن هدفه «الخُرافي» في شباك المغربي بادو زاكي عام 1988 مازال عالقا في الأذهان وغير قابل للنسيان. هذه العَملية وصفها المعلّق آنذاك بالقول:» هدف مَثمّاش» وهو الوصف نفسه الذي قد نَستخدمه للكلام عن موهبة صاحب اليسرى الذهبية وأحد أفضل اللاعبين الذي تَقمّصوا «المَريول» رقم (10). وربّما يكون طارق أحسن لاعب يَحمل الرقم (10) في المائوية الأولى للترجي الذي يحلم بإيجاد نظير لقائده السابق مع دخول المائوية الثانية. (يُتبع)