تعتبر تونس من البلدان الرائدة في مجال حقوق الطفل والاهتمام بالطفل في سن ما قبل الدراسة، من حيث القوانين والاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الطفل. لكنها ما زالت متخلفة على أرض الواقع وتشكو محاضن ورياض الأطفال من العديد من التجاوزات، فماهي أهم أسباب تخلف هذا القطاع. تونس – الشروق: شهدت السنوات الدراسية الفارطة عدد من الحوادث المؤلمة داخل بعض محاضن ورياض الأطفال العشوائية تمثلت في حادثة اغتصاب طفلة الثلاث سنوات بجهة المرسى ووفاة رضيعين بولاية صفاقس وسقوط جزء من سقف احدى المحاضن ووفاة طفل بمحضنة بمدينة جرجيس خلال الأيام الفارطة. هذه الأحداث المؤلمة بينت أن قطاع الطفولة في تونس يشكو من العديد من النقائص والاخلالات التي يدفع ثمنها الأطفال والأولياء على حد السواء. فيكفي أن نعلم أن الميزانية المخصصة لقطاع الطفولة في تونس صلب وزارة المرأة لا يتجاوز ال1 بالمائة لندرك أننا ما زلنا بعيدين كل البعد عن الدول المتقدمة التي تخصص الجزء الأكبر من ميزانياتها لقطاع الطفولة وقطاعي التربية والتعليم. تطور في قطاع المحاضن عرف قطاع محاضن ورياض الأطفال نموا عدديا كبيرا في أواخر التسعينات من القرن الماضي بفضل تشجيع المبادرة الحرّة والاستثمار للحساب الخاصّ حيث كانت تسند التراخيص بشكل مكثّف. ولمزيد تنظيم هذا القطاع تمّ في سنة 2003 إصدار كراس شروط خاص بفتح هذه المؤسسات يمكّن الباعث من الانتصاب الفوري بعد الحصول على وصل إيداع ثمّ تقع مراقبته لاحقا. ويقدر عدد رياض الأطفال في تونس حسب ما صرحت به للشروق السيدة عليسة خواجة مديرة مكلفة بالطفولة بوزارة المرأة ب4386 مؤسسة تستقبل حوالي 300 ألف طفل وبها 16 ألف اطار بيداغوجي لكن حوالي 50 بالمائة ممن يعملون في رعاية الأطفال بهذه المؤسسات هم من غير المختصين. وأوضحت في هذا الصدد أنه سيتم مستقبلا التنصيص على إدماج الإطارات المختصة في التربية بمؤسسات ما قبل الدراسة وإدخال علم النفس التربوي كعنصر مضاف في رياض الأطفال مبرزة أن الكراس يرتكز على مقاربة حقوقية غايتها الترفيع في إدماج ذوي الإحتياجات الخصوصية. وسينصص كراس الشروط الجديد المنظم لقطاع رياض الأطفال في تونس كذلك على معايير الجودة خصوصا في مجالات مثل البناءات والوسائل والعناصر البيداغوجية حسبما أكدته المسؤولة معلنة اعتزام الوزارة احداث 60 مؤسسة لفضاءات الطفولة المبكرة حتى سنة 2021 في اطار مؤسسات الطفولة العمومية. وكشفت عن إنطلاق برنامج يهدف الى ضمان استعادة نشاط 45 روضة بلدية من مجموع 60 كانت تنشط قبل سنة 2011 مشددة على دور هذه الرياض في زيادة معدل التربية ما قبل الدراسة المقدر نسبته حاليا ب 36 بالمائة في أوساط أطفال تونس. ولئن عزمت الوزارة إلحاق نسبة 65 بالمائة من الأطفال قبل دراستهم بمؤسسات التربية فقد أقرت السيدة عليسة خواجة بأن عدد الرياض القانونية لسنة 2018 كان في حدود 54474 تشرف عليها الوزارة أما عدد الأطفال المنتمين لهذه المؤسسات فقدر ب211765 طفل اقل بين 3 و5 سنوات وبلغ عدد الإطارات 18862 إطارا. أما عدد محاضن الأطفال التي يكون فيها عمر الطفل اقل من 3 سنوات فقد قدر سنة 2018 ب 326 روضة أطفال. وعدد الأطفال برياض الأطفال 6063 طفل. وعدد الإطارات في المحاضن904 إطارا. وفي ما يخص المؤسسات الفوضوية خلال سنة 2018 فقد تم رصد 389 فضاء فوضوي وتم نتفيذ209 قرار غلق وهناك فضاءات قادرة على تسوية وضعيتها وعددها 39 فضاء. في المقابل تراجع عدد المؤسسات العمومية بعد غلق معظمها وخاصّة رياض الأطفال البلدية والتفويت فيها لفائدة القطاع الخاص أو تغيير صبغتها. وقد نتج عن ذلك تراجع واضح في جودة الخدمات بسبب عدم كفاءة الإطار العامل بالقطاع الخاص إلى جانب تراجع عدد الأطفال المسجّلين بهذه المؤسسات خاصّة بالمناطق المحرومة والنائية بسبب ضعف المقدرة الشرائية للأولياء وارتفاع معاليم التسجيل. قانون المحاضن الجديد من المنتظر أن يقع عرض مشروع قانون يتعلق بالمحاضن ورياض الأطفال في الأيام القادمة على مجلس الوزراء قبل إحالته على مجلس نواب الشعب. رغم أن هذا القانون قدم لمجلس النواب منذ سنتين تقريبا الا أن المجلس مازال لم ينظر فيه إلى الآن رغم أهميته واستعجاليته أيضا باعتباره يهم أساس المجتمع ومستقبله. ويعتبر هذا المشروع أول نص قانوني لتنظيم القطاع الذي يشكو من تجاوزات كثيرة متأتية من الانتشار الكبير للرياض العشوائية المفتقرة للشروط الصحية والبيداغوجية والإطار التربوي المختص في تربية الأطفال والعناية بالرضع. ويحتوي القانون الجديد على 27 فصلا من أهم نقاطه العقوبات الزجرية التي لم تكن موجودة من قبل في كراس شروط إنشاء المحاضن ورياض الأطفال. الصعوبات والعراقيل كما أشرنا سابقا يشكو قطاع محاضن ورياض الأطفال من صعوبات وعراقيل, تمثلت في تراجع عدد محاضن الأطفال نظرا لارتفاع تكلفة البعث وسعر التجهيزات الضرورية لهذه المؤسسات. وقد سجل سنة 2018 غلق 62 محضنة وروضة أطفال بطلب من الباعثين. وغلق 12 محضنة وروضة أطفال لانعدام النشاط. كما نجد أن النقص في كفاءة الإطار العامل بالمحاضن يعد من أهمّ الإشكاليات التي يشكو منها القطاع حيث بلغت نسبة الإطارات غير المتكونة (غير المدرّبة) 57,8 سنة 2014 وذلك بسبب محدودية التكوين الأساسي في المجال وعدم التزام أصحاب المحاضن بتمكين العاملين بها من دورات تكوينية لتحسين مؤهّلاتهم. هذا إلى جانب وجود تفاوت كبير في توزيع المحاضن بين الجهات إذ يتمركز العدد الأكبر من هذه المؤسسات بإقليم تونس الكبرى وبإقليم الوسط الشرقي (سوسةالمنستير المهدية وصفاقس) في حين تفتقر إليها بقية المناطق وذلك لعدّة أسباب من بينها ارتفاع تكلفة البعث ونمط العيش. الرياض العشوائية يعاني قطاع رياض الأطفال من فوضى كبيرة خاصة بعد الثورة. حيث انتشر عدد كبير من رياض الأطفال العشوائية وغير القانونية. هذه الرياض تعتبر مرتعا للعديد من التجاوزات والإخلالات التي تتسبب في مخاطر كثيرة للأطفال خاصة منهم الرضع والذين لا تتجاوز أعمارهم الثلاث سنوات. فهذه الدور المخصصة للعناية بالأطفال تفتقر إلى وجود الإطار التربوي المختص وغالبا ما تدير هذه الروضات امرأتين أو ثلاثة يقمن بكل شيء كالعناية بالأطفال الصغار وتدريسهم ومراجعة دروسهم. هذا دون أن ننسى عدم توفر النظافة والاكتظاظ الكبير وعدم الاهتمام ببعض الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. وهنا على الأولياء أن يكونوا أكثر وعيا في اختيار الروضة أو المحضنة المناسبة لأطفالهم والابتعاد عن الروضات غير القانونية حفاظا على سلامة أبنائهم. نبيهة كمون رئيسة الغرفة الوطنية لمحاضن ورياض الأطفال من الأجدر الاعتناء بالطفولة بدل بناء الوحدات السجنية أشارت نبيهة كمون التليلي رئيسة الغرفة الوطنية لمحاضن ورياض الأطفال إلى أنه منذ سنوات، يعاني هذا القطاع من فوضى كبيرة بسبب انتشار عدد كبير من رياض الأطفال العشوائية وغير القانونية. وتكرّرت حوادث تعكس مدى التجاوزات والإهمال. ويعود ذلك حسب رأيها إلى عدم اعتناء الدولة بقطاع الطفولة سواء من حيث ضعف الميزانية المرصودة له, أو من خلال عدم تشريك الغرفة في برنامج الاصلاح الذي تعتمد الوزارة القيام به. وأضافت أنّ وزارة المرأة والطفولة والمسنين لم تتعامل بجديّة مع مشاكل رياض الأطفال العشوائية، مؤكدة أنّ إصلاح القطاع لن يتحقّق إلّا من خلال سنّ قانون يجرّم كلّ مخالف. وتوضح أن القانون ينصّ على مجموعة من العقوبات بحقّ المخالفين. من جهةٍ أخرى، تشير التليلي إلى ضرورة تغيير نظام المراقبة، وتجنّب بناء علاقات مع مديري الرياض لتحقيق مصالح شخصية على حساب الأطفال، بالإضافة إلى إنشاء وزارة خاصة بالطفولة. وتتساءل عن سبب رفض الوزارة أن تكون الغرفة عضواً في لجنة متابعة رياض الأطفال الفوضوية، والتي تعدّ مسؤولية مشتركة بين المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني على حدّ سواء. ومن جانب آخر انتقدت السيدة نبيهة التليلي استراتيجية الدولة في التعامل مع قطاع الطفولة, ورأت أنه من الأجدر رصد الميزانية المخصصة لبناء 6 وحدات سجنية جديدة لبناء رياض أطفال ومؤسسات للطفولة المبكرة ونوادي أطفال. لأن الاهتمام بالطفل منذ سنه المبكرة وتوفير الظروف الطيبة له سيجعل منه تلميذا منضبطا ورجلا صالحا في المجتمع مستقبلا مذكرة في هذا السياق بالمقولة التي تؤكد أن فتح مدرسة جديدة سيغلق سجنا والعكس بالعكس. كما دعت الدولة للنسج على منوال الدول المتقدمة ودول الخليج العربي التي ترصد إمكانيات هامة للإحاطة بالطفولة وتوفير جميع الظروف المناسبة لتحقيق التوازن النفسي للأطفال وتنمية مهاراتهم العلمية والذهنية. عليسة خواجة مديرة مكلفة بقطاع الطفولة بوزارة المرأة هذه سبل النهوض بقطاع الطفولة في تونس تعرف عليسة محاضن ورياض الأطفال سواء كانت تنضوي تحت اشراف وزارة المرأة أو تابعة للجماعات المحلية أو القطاع الخاص بأنها مؤسسات اجتماعية تربوية تحتضن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة وخمس سنوات. حيث يتعاطون نشاطات مختلفة تتراوح بين التربوي والترفيهي وتعلم البراعات. وهي تساهم في تربيتهم تربية شاملة وتسهر على رعايتهم نفسيا وجسديا بالتعاون مع الوسط الأسري. وعن سبل تطوير قطاع الطفولة أشارت السيدة عليسة أن ذلك تم وسيتم من خلال بعث اختصاص التنشيط بمحاضن ورياض الأطفال بالتنسيق مع مركز هندسة التكوين وتكوين المكونين التابع لوزارة التكوين المهني والتشغيل، لتكوين جيل من الإطارات المختصّة وذات الكفاءة المهنية العالية للإحاطة بالأطفال بهذه المؤسسات. تحسين مستوى التكوين ومضمونه للارتقاء بحرفيّة المتدخّلين في المجال من خلال تنظيم دورات تكوينية من قبل متفقدي الطفولة لتكوين الإطارات بالجهات والذين يتلقون بدورهم تكوينا طبقا لروزنامة سنوية محددة. وضع خطة عمل لتحسين جودة الخدمات من خلال تطوير الأدلة وزيادة المُعينات البيداغوجية والمتابعة والتكوين المستمر للمشرفين على الأطفال من قبل متفقدي الطفولة وخاصة في مجال حقوق الطفل وثقافة مقاومة العنف. العمل على مزيد قبول الأطفال المعوقين بمحاضن الأطفال وتنظيم حملات تحسيسية ودورات تكوينية لفائدة العاملين بهذه المؤسسات في مجال رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخصوصيّة. 54474 محضنة وروضة قانونية تشرف عليها الوزارة 904 هو عدد الاطارات في المحاضن 18862 هو عدد الاطارات العاملة في قطاع الطفولة 6063 طفل عدد الاطفال المنتمين للمحاضن 326 هو عدد المحاضن المخصصة للاطفال أقل من 3 سنوات 211765 عدد الاطفال الأقل من ست سنوات ينتمون للمحاضن ورياض الأطفال