شكّل انتشار رياض الأطفال الفوضوية وغير المقننة ملف جدل منذ ثلاث سنوات مما أثار بلبلة في صفوف العديد من الأولياء الذين باتوا مرعوبين من عمليات الدمغجة ومن التجاوزات المخلة بالأخلاق أو ما شابهها فاختار اغلبهم هجرها والبحث عن البديل. و أمام الانفلات الأمني الذي شهدته تونس بعد ثورة الرابع عشر من جانفي سنة 2011 استغلت مجموعة من الأفراد الفرصة لتبعث مؤسسات تربوية في كامل ولايات الجمهورية تُعنى بالأطفال غير ملتزمة بالقانون ولا بكراس الشروط الذي تحدده الهياكل المشرفة على القطاع ورافضة في الآن ذاته إخضاع رياضها لرقابة وزارة شؤون الأسرة والمرأة والطفولة حسب ما ينص عليه القانون وهو ما دفع بوزارة الإشراف إلى العمل على محاربة هذه الظاهرة لحماية حقوق الطفل. و كشفت أسماء مطوسي حيدري كاهية مدير المؤسسات القبل مدرسية بإدارة التنشيط التربوي والاجتماعي بالإدارة العامة للطفولة (وزارة شؤون المرأة والأسرة) ل «التونسية» أن المؤسسات التي لا تحترم الإطار القانوني من إيداع كراس الشروط في المصالح الجهوية للطفولة ولا تحترم النصوص الواردة بكراس الشروط تعتبر فضاء فوضويا. وأضافت «نحن نقوم بإشعار مصالح الولاية في حال وجود فضاءات مماثلة وقد حددت آخر إحصائية للوزارة في أوت 2013، 702 فضاء فوضوي. وعلى ضوء ذلك قمنا بإشعار الولاة وعمل اغلبهم على إغلاق العديد منها في حين لم يتصرف البعض الآخر في الإبان». و أقرت أسماء مطوسي أن والي تونس اصدر 169 قرار غلق في كل أشكال الفضاءات المخالفة مبينة انه يجب على كل مؤسسة تستقطب الأطفال من سن 3 إلى 5 سنوات الاستجابة لأحكام كراس الشروط مهما كان باعثها وداعية جميع الأولياء إلى اليقظة. وأضافت في هذا الغرض «يجب مطالبة مديري الرياض بالاستظهار بوصل الإيداع لأنه الدليل الوحيد على قانونية الروضة وفي حال عدم توفر ذلك وجب إشعارنا في الإبان فمسؤوليتنا الإشراف على 24 مصلحة ومهمتنا تتمثل في حماية الطفل لذلك على الأولياء أن يكونوا فطنين». تطوير مؤسسات الطفولة العمومية و بينت محدثتنا أن كل المؤسسات سواء كانت عامة أو خاصة تعود بالنظر للوزارة مؤكدة أن المشرفين على القطاع يعملون حاليا على مزيد تفعيل دور الدولة في هذا الإطار قائلة «سندعم منظومتنا القانونية وسنقوم بالمراقبة القبلية قبل حصول أية مؤسسة على كراس الشروط لأننا لا ندافع عن المؤسسة بل ندافع عن الطفل بصفة خاصة زد على ذلك تعمل وزارتنا اليوم على تطوير منظومة تنشيط مؤسسات الطفولة العمومية بفضل تنويع أنشطتها من خلال بعث نوادي الاختصاص والاستغلال الأمثل لأوقات فراغ الأطفال بهدف مزيد استقطاب الأطفال والإحاطة بهم». و تحدثت أسماء مطوسي عن تطور عدد النوادي ومركبات الطفولة العمومية ليبلغ 295 مؤسسة ضمن منظومة تغطي كامل المناطق وخاصة الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية والمناطق الريفية مشيرة الى أن عدد المنخرطين بنوادي الأطفال بلغ 29141 طفلا وأنه يشرف على تأطيرهم 1088 إطارا تربويا مختصا وأنه تم إحداث 3 نوادي متنقلة جديدة في سنة 2013 مع برمجة إحداث 15 ناديا قارا خلال هذه السنة والسنة القادمة موزعة على 9 ولايات في حين بلغ عدد المنتفعين بخدمات مركبات الطفولة 3680 طفلا . من جهتها أكدت عليسة خواجة مكلفة بمتابعة مؤسسات الطفولة المبكرة (رياض ومحاضن الأطفال) أن نوادي الأطفال العمومية تضم إطارات كفأة وأن الأنشطة متوفرة ومتنوعة مثل النشاط البيئي والأنشطة العلمية ونوادي موسيقى وشطرنج ونواد رياضية متنوعة. وتابعت في هذا الصدد « تشهد بعض النوادي في بعض المناطق عزوفا من طرف الأطفال لعدة أسباب من بينها ظروف بعض المناطق الداخلية ووضعية الطرقات غير المهيأة أو يعود ذلك إلى جهل الوالدين بتواجد النوادي وأؤكد اليوم أننا نعمل على تطوير الخدمة التي نقدمها للطفل في كامل نقاط الجمهورية». وحول برامج الوزارة المستقبلية أكدت محدثتنا انه سيقع الرفع من جودة الخدمات بمؤسسات الطفولة الأولى والمبكرة من خلال مراجعة منظومة التكوين الموجهة للراغبين في إدارة وتنشيط رياض الأطفال بالتنسيق مع وزارة التكوين المهني والتشغيل وسيقع تحيين البرامج البيداغوجية خاصة « دليل التنشيط التربوي الاجتماعي» المعتمد بمؤسسات الطفولة المبكرة وتكثيف الدورات التكوينية لفائدة الإطارات العاملة بالمحاضن ورياض الأطفال مشيرة إلى انه سيقع إقرار برامج لدعم الرياض البلدية من خلال إعادة نشاطها وتهيئة الرياض التي تم غلقها بالمناطق الداخلية وتجهيزها وفتحها خلال السنة الدراسية 20142015 مشيرة الى أن العمل سينطلق بحوالي 20 روضة بالتنسيق مع البلديات المعنية. و كشفت محدثتنا انه ستتم متابعة البلديات لحثها على إعادة نشاط رياض الأطفال والنظر في إحداث رياض بلدية جديدة وانه وقع تخصيص برنامج لدعم الأسر المعوزة لتسجيل أطفالها برياض الأطفال ويتم التركيز حاليا على الولايات ذات الأولوية التنموية . ندوة وطنية لإصلاح المنظومة الحالية و في إطار إعداد التوجهات العامة بالنسبة لقطاع الطفولة بمختلف مجالاته وتحديد مؤشرات موضوعية لتحقيقها في غضون العشر سنوات القادمة تمت برمجة ندوة وطنية للنظر في إصلاح وتطوير المنظومة الحالية للعناية بالطفولة بكل مكوناتها مثل الطفولة المبكرة والتنشيط التربوي والاجتماعي ورعاية الطفولة الفاقدة للسند والمهددة وذات الاحتياجات الخصوصية اعتمادا على الوثيقة التأليفية التي تم إعدادها حسب مخرجات الاستشارات الجهوية في المجال .