مدينة كسرى من ولاية سليانة، من أقدم القرى في العالم فقد سكنها الإنسان منذ قديم الزّمان، وذلك لارتفاعها وتوفّر عناصر الحياة بها من ماء ومرعى وغاب وأراض خصبة، وبالتّالي تعاقبت عليها الحضارات التّي عرفتها البلاد التّونسيّة كالحضارة البونيّة والحضارة الرّومانيّة والحضارة البيزنطيّة ثمّ الفتح ّالإسلامي. كسرى تغيّر اسمها حسب الحقبات التّاريخيّة الّتي عرفتها: فكانت «كزر» البربريّة، و«كيزور» أو «شيزور» الرّومانيّة والبيزنطية و«كسرة» في العهد الحفصيّ، و«كسرى» بداية من العهد العثمانيّ حيث كانت مركزا إداريّا. هذا وتقول الأسطورة إنّ وجود هذه القرية الوديعة يعود إلى زمان أكاسرة الفرس، وذلك عندما قرّر كسرى أنو شروان ملك فارس أن يرسل ابنته الأميرة الّتي مرضت مرضا استدعى البحث عن مكان حدّد خصائصه أطبّاء البلاط، وهي الارتفاع والهواء النّقيّ والماء الزّلال. ووقع الاختيار على هذا المكان بأرض بيزنطة في ذاك الزّمان. وحلّت الأميرة الفارسيّة بالأراضي التّونسيّة واستوطنت هذا المرتفع وأنشأت قرية كسرى على ارتفاع 1174 مترا على مستوى البحر ولكنّ الباحثين في هذا المجال فنّدوا هذه الأسطورة وأكّدوا على بربريّة القرية فهي إحدى أقدم القرى البربريّة التّونسيّة الّتي تقف شاهدا على أكثر من خمسة عشر قرنا من حياة هذه المدينة الأثريّة الّتي أسّسها البربر وتعاقبت عليها حضارات عدّة. كسرى ذات طابع معماريّ متفرد وتختلف كليا عن باقي المدن ،اذ تبدو بيوتها للوهلة الأولى معجونة بالصّخر، ّ منذ العهود الجلموديّة الأولى. أمّا المعالم والمواقع التّاريخيّة الّتي ما زالت موجودة بها إلى الآن فإنّ أبرزها الحصن البيزنطيّ والقصبة الّتي يسمّيها أهالي كسرى «بالقصر» والقبور البونيّة والنّقائش والمحفورات الصّخريّة الرّومانيّة.