الأخلاق في الإسلام هي المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني وهي مجموعة القيم الجالبة للخير والطاردةً للشر حددها لنا رب العزّة في كتابه العزيز وترجمها لنا رسوله الأمين في سيرته العطرة لتنظيم حياة الإنسان على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على الوجه الأكمل والأتم. فالأخلاق هي سمة المجتمعات الرّاقية المتحضّرة، فأينما وجدت الأخلاق فثمّة الحضارة والرّقي والتّقدم. فالأخلاق الفاضلة هي التي تعصم هذه المجتمعات من الانحلال وتصون الحضارة والمدنية من الضياع ومن دونها لا تنهض الأمم ولا تقوى. ولقد اعتنت كل الديانات السماوية بالأخلاق فبعث الله الرسل والنبيين عليهم أفضل الصلاة والسلام للمساهمة في بناء الصرح الأخلاقي، وجاء بعدهم النبيّ محمد صلى الله عليه وسلّم ليتمم عملية البناء الأخلاقي والتي توارثها الأنبياء من قبله. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق. (رواه أحمد) . إن من أول ما تهدف إليه الرسالة المحمدية تربية النفوس تربية قويمة وتنشئتها على مبادئ الحق والخير لتكوين المجتمع القوي الذي يستمسك بهذه المبادئ والأسس، فشملت تعاليمها جميع جوانب الحياة دون أن تترك هذه التعاليم فضيلة من الفضائل إلا دعت إليها وحثت على التمسك بها، ولم تترك أي رذيلة من الرذائل إلا نبهت عن أخطائها وأخطارها وأمرت بالابتعاد عنها، حتى غدت حياة الإنسان منظمة وفق قانون الهي محكم دقيق. والأخلاق لها أثر في سلوك الفرد لما تزرعه في نفس صاحبها من الرحمة، والصدق، والعدل، والأمانة، والحياء، والعفة، والتعاون، والتكافل، والإخلاص والتحديات من شأنه أن يبني مجتمعًا محصنًا لا تنال منه عوامل التردي والانحطاط، فليس ابتلاء الأمم والحضارات كامنًا في ضعف إمكاناتها المادية أو منجزاتها العلميَّة، بل إبتلاؤها في ذهاب وضياع قيمها الأخلاقية التي تسودها وتتحلى بها. إنّ أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية لا يستطيع أفراده أن يعيشوا متفاهمين متعاونين سعداء ما لم تربط بينهم روابط متينة من الأخلاق الكريمة. لذلك فإنّ الأخلاق في الإسلام لا تقوم على نظريات مذهبية ولا مصالح فردية ولا عوامل بيئية تتبدل وتتلون تبعا لها وإنما هي فيض من ينبوع الإيمان يشع نورها داخل النفس وخارجها، فليست الأخلاق فضائل منفصلة وإنما هي حلقات متصلة في سلسلة واحدة، عقيدته أخلاق، وشريعته أخلاق، لا يخرق المسلم إحداها إلا أحدث خرقا في إيمانه،