خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن هيئة وركّبه في أجمل صورة وأودع فيه حب الجمال والزينة بل دعاه إلى ذلك حين قال (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(الأعراف:31/32)وإذا كان الإسلام قد رخّص للرجل و المرأة التزين والتجمل فإنه قد قيّده بضوابط محدودة فحرّم الوشم والنمص والوصل وغيرها لما فيها من خروج على الفطرة وتغيير لخلق الله تعالى والتدليس والإيهام وغير ذلك. وقد استحدثت في السنين الأخيرة وبعد التقدم الطبي الكبير أنماط جديدة من أساليب التجميل والتزين تتمثل فيما عرف بجراحات التجميل التي أقدم عليها كثير من الناس وخاصة من النساء. إن عمليات التجميل تنقسم إلى نوعين: عمليات جراحية ضرورية يحتاج إليها الإنسان لوجود عيوب خلقية ولد بها الإنسان أو ما يلحق به من تشوهات نتيجة حروق أو حوادث فهذه العيوب التي تصيب الجسم يتضرر بها الإنسان حسيا ومعنويا وإصلاحها إنما هو من باب العلاج وليس فيه تغيير لخلق الله وقد أباحها العلماء. وعمليات جراحية غير ضرورية كتكبير الثديين والشفتين وتفليج الأسنان وغيرها وقد حرّمها فريق من العلماء مستدلين بقوله تعالى (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا)( النساء:119) وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم (لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) البخاري. وقد عللوا هذا النهي بأن فيه تغييرا لخلق الله إلاّ أن فريقا من العلماء يرى أن هذا النوع من الجراحات التجميلية يجب النظر إلى قصدها ومآلاتها باعتبار أن الأمور بمقاصدها وبنيّة أصحابها فالوصل والنمص والتفليج وغيرها ليس مقصودا لذاته وإنما للوقوف على العلة التي وراءه فإذا كان القصد من العملية الجراحية التجميلية الإغراء والإغواء والدفع إلى الفجور وارتكاب الرذيلة كما هو عند بعض النساء المنحرفات حيث يعرضن أجسادهن للإيقاع بفرائسهن من أجل المتعة الحرام أو كان القصد منها الغش والتدليس والخداع خاصة من المرأة المتقدمة في السن تجاه من تقدم إلى خطبتها من الرجال حيث تخفي سنها وعيوبها والغرض منه التغرير والمغالطة لما يفضى إليه بعد ذلك من النزاع وعدم الوفاق عندما تبدو المرأة بخلاف ما عليه الأصل مما قد لا يرضى عنه الخاطب . ولكن قد تكون مثل هذه العمليات التحسينية ضرورية للمرأة التي تريد أن تتزين لزوجها إذا كان بها عيوب ظاهرة كأن يكون بوجهها شعر كثيف أو كانت كثيفة الشعر في حاجبيها أو غير ذلك مما ينفّر زوجها منها فمطلوب منها إزالته لأن زينة المرأة لبعلها مطلوبة ولا يعد ذلك من تغيير خلق الله.إن تحسين المسلم لمظهره وطلبه للحسن ليس مما ينافي الشريعة الإسلامية بل في نصوصها ما يدل على استحبابه شرط أن لا يكون مخالفا للفطرة التي خلق عليها الإنسان أو كان مقصده الدعوة إلى الفجور أو الغش والتدليس فالله جميل يحب الجمال.