مرة أخرى تصنف المفوضية الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسال تونس في قائمة الدول المتهاونة في مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال مع اثنين وعشرين دولة أخرى منها ليبيا والسعودية وإيران وهذه ليست المرة الأولى التي صنفت فيها تونس في قائمة سوداء خلال السنوات الأخيرة إذ صنفت في السابق كجنة ضريبية وكنا نأمل أن تغادر تونس نهائيا مناطق السواد والعتمة ولكن يبدو أن المسار مازال صعبا وطويلا في ظل الوضع الذي تعيشه البلاد وضعف أجهزة الرقابة وغياب الإرادة السياسية التي تدفع نحو محاسبة المورّطين في قضايا غسيل الأموال وجرائم الإرهاب من الذين يوفرون الحصانة السياسية للارهابيين ويعرقلون أي قرار لمحاكمتهم ومحاسبتهم. والواضح أن الاتحاد الأوروبي شريكنا الاقتصادي الأساسي غير راضٍ عن تعاطي حكومة يوسف الشاهد مع مجموعة من الملفات منها تدفق المال من جهات مشبوهة على جمعيات وأحزاب وأشخاص فرغم وجود تقارير ومعطيات واضحة لدى البنك المركزي عن كل أورو أو دولار دخل البلاد في تحويلات عبر البنك المركزي إلا أن هذه الملفات لم تتجرأ أي حكومة على فتحها كما أن تعاطي القضاء مع قضايا الأرهاب كان دون المأمول بسبب ضغوط سياسية لم تعد تخفى على أحد. فالمناخ السياسي بعد 14 جانفي وفّر حاضنة سياسية وشعبية للارهاب وما رصدناه من ردود فعل حول ما سمي بالمدرسة القرآنية بالرقاب من جمعيات وحقوقيين يدافعون عن المدرسة ويبررون ما يحصل فيها من تجاوزات في حق الأطفال ليس إلا قطرة من بحر لهذا المناخ الذي حوّل تونس الى بلد متهاون في مكافحة الارهاب وغسيل الأموال. فمنظومة الجمعيات الدينية والمدارس التي تدعي الصفة القرآنية وانتشار الزواج العرفي كل هذا النسيج سيحوّل تونس الى أفغانستان شمال أفريقيا على بعد ساعتين فقط عن أوروبا بما يعني تهديدا مباشرا لحدودها الجنوبية وهو ما أشار إليه التقرير. إن هذا التصنيف الجديد يضع رئيس الحكومة يوسف الشاهد أمام امتحان حقيقي فهل سيفعّل القوانين باعتباره رئيس الجهاز التنفيذي والمسؤول عن النيابة العمومية من أجل فتح كل الملفات ومحاسبة كل من له صلة من قريب أو بعيد بالإرهاب أو غسيل الأموال؟ فهذا التصنيف هو إدانة لسياسة الحكومة ولمن يساندها من أحزاب وخاصة حركة النهضة المتحكم الفعلي في أجهزة الدولة والراعي للحكومة وسيبقى هذا التصنيف طعنة قاسية لكل جهود تسويق تونس وثورة ياسمينها الذي ضاعت رائحته في الرماد والعتمة!