سجّاد أحمر مَفروش من حَافة شارع محمّد الخَامس إلى مَدخل مدينة الثّقافة. الأمر لا يَتعلّق بالبَهرجة المُعتادة لأيّام قرطاج السينمائية وإنّما الحدث يَهمّ مائوية شيخ الأندية التونسية الذي نظّم أمس حَفلا مُبهرا. حُضور كبير جَحافل كبيرة من الرياضيين والسياسيين احتلّت يوم أمس مَدينة الثَقافة وذلك في نطاق الإحتفال بمائوية شيخ الأندية التونسية. وقد كان رئيس الجمهورية الباجي قائد السّبسي في صَدارة الحَاضرين للإحتفاء بعيد ميلاد «المكشخين» وقد إكتست هذه التظاهرة بُعدا وطنيا وهو ما يُفسّر مُشاركة الدولة التونسية في الإحتفالات الترجية. ومن المعلوم أن نَشأة نادي «بَاب سويقة» في 15 جانفي 1919 كان الهدف منها «التمرّد» على الأندية الإستعمارية والدفاع عن الهُويّة الوطنية. وقد كان من الطبيعي أن يكون «قَادة» البلاد ضِمن المُحتفين بمائوية هذه الجمعية الرياضية المُتأسّسة على مَرجعية «نِضالية». وُجوه سياسية ونجوم كروية بالتوازي مع الباجي قائد السبسي، لاحظنا تَواجد فيلق من أهل السياسة مثل رئيس مجلس النواب محمّد الناصر ووزير الثقافة محمّد زين العابدين والسياسي «المُحنّك» والعارف بعالم الرياضة فواد المبزّع وأيضا حافظ قائد السبسي المشهور بإنتمائه للعَائلة الترجية هذا فضلا عن وزيرة شؤون الشباب والرياضة سنية بن الشيخ وشيخة مدينة تونس سعاد عبد الرّحيم. وقد تَضمّنت لائحة الحَاضرين أيضا رئيس اللّجنة الأولمبية محرز بوصيان ورئيس جامعة الكرة وديع الجريء وبعض مسؤولي الجمعيات التونسية كما هو الحَال بالنسبة إلى قائدي حمّام الأنف والنجم الساحلي الفاضل بن حمزة ورضا شرف الدين الذي حَظي بترحيب كبير. وسجلنا طبعا حضورا قياسيا للاعبين السابقين للترجي ويَنتمي المشاركون في هذه الإحتفالات إلى مختلف الأجيال ونستحضر منهم على سبيل الذِّكر لا الحصر بن مراد وتميم والقوبنطيني وبوشوشة والعروسي ومعلول والمحجوبي و»مَاليتولي» وبالرّبط والمناري والزيتوني... وغيرهم كثير. هذا فَضلا عن الفريق الحَالي والذي وقع تكريمه خاصّة أنه أهدى الترجي الزّعامة المحلية والعربية والإفريقية في موسم المائوية. تونس فَوق الجميع تَصف الجماهير الترجية جمعيتها ب»الدولة» في إشارة رمزية إلى «القُوّة» وقد دوّت عبارة «الدولة» في كامل أرجاء قاعة «الأوبرا» (تتّسع لحوالي 1800 شخص) لكن بمجرّد رفع الستار وترديد النشيد الوطني وقف كلّ الحارضين من سياسيين ورياضيين وإعلاميين إجلالا لعلم الدولة التونسية والتي تَبقى فوق الجَميع. وقد وقع عَزف النشيد الوطني بطريقة رائعة ومُؤثّرة قبل الكشف عن بقية فقرات هذه الأمسية الفُرجوية في المدينة الثقافية وهي ليست بالغريبة عن الترجي بما أن جزءً من الأرض التي أقيم عليها هذا المَعلم الثقافي الضّخم كان ميدانا لتمارين «المكشخين» (ما كان يُعرف عند البعض ب Parc C). عروض فنية في العَادة «يَتسلطن» الجمهور بسماع كِبار الطرب أمثال لطفي بوشناق وأمينة فاخت.. لكن الأمر تغيّر يوم أمس بما أن الحاضرين «تَخمّروا» على إيقاعات العروض الغنائية والموسيقية التي أعدّها الترجي بمناسبة المائوية. هذه العروض جَمعت بين الفن الشّعبي واللّوحات الراقصة والشّعر. إحتفاء ب»مَاليتولي» يُعتبر الزمبي كينيث «مَاليتولي» من أفضل «الكَوارجية» الأفارقة الذين دخلوا برّ تونس وقد عانق «مَاليتولي» سماء الإبداع مع الترجي لذلك خَصّته الجماهير الترجية في احتفال الأمس بإستقبال خَاصّ. وقد صَعد «مَاليتولي» على الرّكح وسط هُتافات الحَارضين الذين وقفو جميعا لتحية هذا «المُكافح» الذي صنع العجب مع شيخ الأندية وأيضا ب»مَريول» زمبيا التي بلغت «فِينال» الكأس الإفريقية عام 94 رغم حادث الطائرة الذي ذهب بالعديد من «نجوم» الفريق في 93. «مَاليتولي» خاطب الترجيين بالعَربية قائلا: الترجي يا «دولة» وإن شاء الله نفوز بكأس إفريقيا». مفاجأة معلول اختلف نبيل معلول في وقت ما مع مسؤولي الترجي الرياضي لكن هذا لم يَمنعه من المُشاركة في احتفالات يوم أمس في مدينة الثقافة. وقد كان حُضوره «مُفاجئا» للكثيرين في الوقت الذي إعتبر البعض أن تَواجد معلول في هذا «المَهرجان» أمر يُحسب للرجل لإيمانه بأن المائوية تَهمّ كلّ «المكشخين» وليس حِكرا على شخص بعينه وقاد ساهم الجميع في بناء هذا الصِّرح الكروي ومن حقّ كافة محبيه ومسؤوليه ومُدربيه ولاعبيه الإحتفاء بهذه المناسبة التاريخية وذلك بغضّ النّظر عن الخِلافات والإختلافات العَابرة وحتى تلك التي تَحوّلت إلى حَالة «مَيؤوس منها». المدرّبون السّابقون في الموعد بالتوازي مع تَجميع لاعبيه السابقين والحاليين في هذا العرس الكبير لم ينس الترجي المدربين الذين قادوا سفينته وأسعدوا جَماهيره. وقد لاحظنا تَواجد العديد من الفنيين الذين نالوا شرف تدريب الترجي مثل يوسف الزواوي ومختار التليلي والمنذر كبيّر فضلا عن نبيل معلول صاحب الثلاثية التاريخية مع الجمعية. وتغيّب في المقابل بن يحيى ويبدو أن «جُرح» انفصاله عن الفريق لم يندمل بعد. أما البنزرتي فقد إعتذر بسبب إلتزاماته مع الوداد. تكريم مُؤثّر في مشهد مُؤثّر بادر الترجي في احتفالات الأمس بتكريم عائلات الآباء المُؤسّسين كما هو شأن محمّد الزواوي والهادي القلال. وقد شَمل التكريم كل الرجالات والرؤساء الذين شيّدوا هذه القلعة الرياضية وقادوها إلى نحو نَجاحات كبيرة على إمتداد قرن من الزمن. التَكريمات شَملت الأموات والأحياء بداية بالمالكي والكعاك وزويتن وُصولا إلى الزواوي وبلخوجة والكناني وشيبوب والمدب... وقد حَظي بعض القادة بتكريم خاصّ والأمر يتعلّق بعبد الحميد عاشور والمنذر الزنايدي والهادي الجيلاني وسليم شيبوب وعزيز زهير وحمدي المدب. حَملة تَضامنية كان شكري الواعر «حاضرا بالغياب» في سهرة الأمس فقد تغنّت الجماهيرية الترجية بحارسها الدولي السابق مُعلنة عن تَضامنها الكبير معه إلى حين تجاوز «مِحنته» الحَالية. ومن المعلوم أن الواعر يُعدّ أحد أكثر «الكَوارجية» تَتويجا ب»مَريول» شيخ الأندية التونسية فَضلا عن ابداعاته المعروفة مع المنتخب.