الكاف: مساعدات مدرسية لفائدة ابناء العائلات المعوزة    المنتخب يشرع في تحضيراته لكأس افريقيا    من مملكة النمل إلى هند رجب ...السينما التونسية والقضية الفلسطينية... حكاية نضال    "دار الكاملة" بالمرسى تفتح أبوابها للجمهور يومي 20 و 21 سبتمبر    مع الشروق : التطبيع وهم.. والعدو حقيقة    المنظمة الفلاحية تؤكد أن معز بن زغدان لا يزال رئيسها الشرعي    بطاقة إيداع بالسجن ضد شاب هدّد دورية أمنية بسلاح وهمي: التفاصيل    القيروان .. تقديرات بإنتاج 52 ألف طن من زيت الزيتون    تونس تروّج لوجهتها السياحية في الصين: حضور قوي في كبرى التظاهرات الدولية    اختتام الأسبوع الأول من مهرجان سينما جات بطبرقة    سوق المحرس العتيق...نبض المدينة وروح التاريخ    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    كرة اليد – بطولة النخبة : النتائج الكاملة للجولة الخامسة (فيديو)    لماذا يرتفع ضغط الدم صباحًا؟ إليك الأسباب والحلول    بطولة النخبة لكرة اليد: الترجي والنادي الإفريقي يتقاسمان الصدارة بعد الجولة الخامسة    احتجاجات مناهضة لإسرائيل تنهي سباق إسبانيا للدراجات مبكرا    عبد المجيد تبون يعين سيفي غريب وزيرا أول ويكلفه بتشكيل الحكومة الجزائرية الجديدة    بنزرت: حرفة صناعة الفخّار بسجنان تسري في عروق النساء وتصون ذكرى الأجداد    ركلة جزاء متأخرة من صلاح تمنح ليفربول فوزا صعبا في بيرنلي    مباراة ودية - تعادل قوافل قفصة مع هلال الرديف 2-2    بداية من 17 سبتمبر: تيك توك قد يُمنع أمريكا    مدنين: غدا افتتاح السنة التكوينية الجديدة بمعهد التكوين في مهن السياحة بجربة ببعث اختصاص جديد في وكالات الاسفار وفضاء للمرطبات والخبازة    عاجل: تأجيل إضراب التاكسي    الكاف: تنظيم معرض الكتاب بالمركب الثقافي الصحبي المصراتي بمناسبة العودة المدرسية    ينطلق غدا: تونس ضيفة شرف الدورة الثانية لمهرجان بغداد السينمائي الدولي    عجيل توجّه شاحنة وقود إلى ميناء بنزرت لتزويد سفن "أسطول الصمود"    انطلاق أول سفينة تونسية ضمن أسطول الصمود من ميناء قمرت(فيديو)    وزارة التربية تكشف تفاصيل و جديد العودة المدرسية..#خبر_عاجل    تسهيلات التأشيرة للمصريين: من هم المستفيدون؟    60 مليون دينار لمساعدة أطفال الأسر محدودة الدخل في انطلاق السنة الدراسية 2025-2026!    عمليات زرع أعضاء ناجحة تنقذ 4 مرضى..وهذه التفاصيل..    ارتفاع طفيف في الحرارة يوم الأحد والبحر قليل الاضطراب    سبتمبر مختلف: خريف مبكر يطرق أبواب هذه المناطق    إنتاج الكهرباء في تونس يرتفع 4% بفضل واردات الجزائر    بنزرت: خروح 3 سفن فقط في اتجاه شواطىء غزة    جمعية سفراء السلامة المرورية تدعو الى تفعيل "المنطقة 30" بمحيط كافة المؤسسات التربوية    نحو دعوة الكنزاري للمثول امام مكتب الرابطة    22 سبتمبر الجاري: "يوم فرص الأعمال مع تونس" ببوخارست    الطلب على الطاقة يرتفع ب10% مع موفى جويلية 2025    من قياس الأثر إلى صنع القرار: ورشة عمل حول تنفيذ مؤشرات الثقافة 2030 لليونسكو    العجز الطاقي لتونس ينخفض مع موفى جويلية الفارط بنسبة 5 بالمائة    منظمة شنغهاي للتعاون تدين الغارات الجوية الإسرائيلية على قطر    قائمة الأكثر كسبا للأرباح.. رونالدو الأول ورام يتفوق على ميسي    كرة القدم العالمية : برنامج أبرز مباريات الأحد و النقل التلفزي    حادث مرور قاتل بهذه المنطقة..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    مصر.. رجل اعمال فرنسي يسرق كمية من الذهب من مصنع مجوهرات    محمد الجبالي يوضح: لم أتهم فضل شاكر بالسرقة والتشابه موجود    عند سوء الاستخدام.. بعض الأدوية قد تصبح قاتلة...شنيا هي؟    كيفاش البصل يحميك من الأمراض والبرد؟    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    الشركة التونسية للملاحة: إلغاء سفرة تونس – مرسيليا المبرمجة اليوم على متن السفينة قرطاج..    وزارة الصحة تطلق خطة وطنية للتكفل بمرضى الجلطة الدماغية    السبت: حالة الطقس ودرجات الحرارة    الديوانة: حجز بضائع مهرّبة تفوق قيمتها 19 مليون دينار خلال الأسابيع الفارطة    وزارة الصحة تحذر    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    أبراج 12 سبتمبر: يوم يحمل فرصًا جديدة لكل برج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقائص مشروع قانون «المساواة في الإرث»(2/1)
نشر في الشروق يوم 25 - 02 - 2019


(متفقد مركزي بإدارة الملكية العقارية)
إن المُتابع لمشروع قانون "المساواة في الإرث" الذي أحيل مؤخرا على مجلس نوّاب الشّعب لا يُمكن إلاّ أن يستغرب من ضُعف هذا المشروع وهناته الكثيرة، فتتسارع الأسئلة في ذهنه: هل أن اللّجنة التي صاغته على دِراية بمادّة المواريث الدقيقة أم هي لجنة حُقوقيّة فقط؟ وهل استشارت بشأنه أهل الاختصاص أم لا؟ وهل أخذت الوقت الكافي لصياغته أم تسرّعت فيه؟
وكل هذه التساؤلات تُطرح بسبب النقائص العديدة والثغرات الكثيرة التي تضمّنها مشروع هذا القانون والتي سنتطرق إلى أهمّها في هذا المقال، وذلك من ناحية قانونية بحتة بعيدا عن الجدل الفكري والإيديولوجي الذي احتدم بين مُعارضيه ومُؤيّديه.
يتضمّن هذا المشروع إضافة الفصول من 146 مكرّر إلى 146 سابعا إلى مجلة الأحوال الشخصية، وينص مقترح الفصل 146 مكرّر على أن: "البنت انفردت أو تعدّدت ترث جميع المال أو ما بقي عن أصحاب الفروض عند وُجودهم.
ولا يرث معها الأب أو الجدّ إلا السّدس دون أن ينتظر شيئا آخر.
ولا يرث معها الإخوة والأخوات مهما كانوا ولا الأعمام مهما كانوا ولا صندوق الدولة".
إن المتأمّل في صيغة هذا الفصل يُلاحظ أنه ليس فيه أيّة إضافة لحقوق البنت الحاليّة في الإرث سوى ما ورد بالفقرة الثانية منه في خُصوص حَجْبِهَا للأب أو الجدّ حَجْبَ نُقْصان من السُدس مع انتظار الباقي بالتعصيب إذا كان هناك باقٍ، إلى السُدس فقط. أما الفقرتان الأولى والثالثة من هذا الفصل فهُما مَشمولتان بأحكام الردّ الواردة بالفصل 143 مكرر من مجلة الأحوال الشخصية، فالبنت سواء انفردت أو تعددت يُمكنها أن ترث كامل التركة بالفرض والردّ معًا، كما أنها تَحْجِب بقانون الردّ الخاصّ جميع الإخوة والأخوات والأعمام وبنوهم وصندوق الدّولة.
وبالتالي، فالفقرتان الأولى والثالثة من هذا الفصل هُما من باب التّزيد الخالي من الفائدة القانونية والمنطقية، والأَوْلَى حذفهما لأن حُكمهما مشمول بقانون الردّ.
من ناحية أخرى، فإن استعمال عبارة "البنت" بالفقرة الأولى يُثير إشكالا جدّيا: فمثلا لو توفي الشّخص عن بنت ابن وأب فقط، فهل أن الأب هنا يرث معها السدس فقط دون أن ينتظر شيئا آخر؟ إن الصياغة المقترحة للفصل غير دقيقة، لذا من الأفضل استعمال عبارة "الفرع الوارث المؤنث" بدلا عنها حتى تشمل البنت أو بنت الابن وإن نزلت.
إضافة إلى ذلك فإنّ الفقرة الأولى للفصل 146 مكرر تُؤدي في عديد الحالات إلى إنْقاص نصيب البنات والحطّ منه بقدر كبير مُقارنة بالأحكام الحاليّة للإرث، ونضرب لذلك مثالا: فمن توفي عن زوجة وأب وأمّ وبنتين، وخلّف تركة قيمتها 216 ألف دينار، فإنه بتطبيق قواعد الإرث الحاليّة يكون للزوجة الثُمن أي 03 أسهم، وللأب السُدس أي 04 أسهم، وللأمّ السُدس أيضا 04 أسهم، وللبنتين الثُلثان أي 16 سهما معًا، وأصل الفريضة من 24 سهما وتَعُولُ إلى 27 سهما لِتَزَاحُم الفُروض فيها. وبتطبيق هذه الفريضة على التركة تأخذ الزوجة 24 ألف دينار، ويأخذ كل واحد من الأبّ والأمّ 32 ألف دينار بمفرده، وتأخذ كل بنت بمفردها 64 ألف دينار.
في حين لو تمّ حلّ نفس هذا المثال حسب مشروع قانون "المساواة في الإرث"، فإن للزّوجة الرُبع عملا بالفصل 146 سادسا من نفس المشروع، وللأب السدس وللأمّ السدس، وللبنتين باقي التّركة بالتساوي، فيكون للزوجة 54 ألف دينار، ولكل واحد من الأب والأمّ 36 ألف دينار بمفرده، ولكل بنت بمفردها 45 ألف دينار.
وهكذا نلاحظ أن النقص الذي لَحِق مناب كل بنت يُعادل 19 ألف دينار، وهو فارق كبير.
أما بالنسبة للفصل 146 رابعا، فإنه يُورّث جميع الأحفاد مهما كانت طبقتهم ويُعطيهم مناب والدهم أو والدتهم كما لو كان حيّا في تاريخ وفاة الجدّ أو الجدّة، وذلك بالتّساوي بين ذُكورهم وإناثهم. وما يُعاب على صياغة هذا الفصل هو أنه أوّلاً يُورّث الأحفاد للبنت رغم أنهم غير موجودين أصْلاً ضمن قائمة الورثة الحصرية الواردة بالفصل 90 من مجلة الأحوال الشخصية، وهو ما يجعله مُسقطا في حُكمه وغير مُنسجم مع الأحكام العامة للإرث التي تفترض أن يكون الوارث موجودا ضمن قائمة الورثة التي ضبطها القانون؛ وثانيا أنه يتحدّث عن توريث الأحفاد بقطع النظر عن الحَجْبِ، وهذا لا يستقيم لأنه في علم الميراث لا يرث الشّخص إلاّ إذا لم يكن محجوبا حجب حرمان بغيره من الورثة؛ وثالثا أنه يُورّث الأحفاد مهما كانت طبقتهم ولا يقتصر على أحفاد الطبقة الأولى كما هو الأمر في الوصية الواجبة، وهذا أمر مُبالغ فيه لأنه عادة ما نجد أن أحفاد الطبقة الأولى هم الأكثر قُربًا إلى أجدادهم، كما أنه واقعيا من النّادر أن نجد الطبقات الأسفل من الأحفاد وقت وفاة الجدّ أو الجدّة.
ولكل هذه الاعتبارات يكون من الأجدر إعادة صياغة هذا الفصل فقط بالتنصيص على أنه إذا استحقّ الأحفاد الوصية الواجبة قُسّمت بينهم بالتساوي، وهكذا نعتمد "المساواة" في نطاق نظام الوصيّة الواجبة الحالي وليس في إطار الإرث.
أما في خصوص الفصل 146 خامسا فقد نصّ على أن:" الأمّ والأب إذا اجتمعا وانعدم الفرع الوارث يرثان بالتّساوي جميع المال أو ما بقي بعد فرض الزوج أو الزوجة عند وجوده أو وجودها".
إن المتأمّل في هذا الفصل يُلاحظ قُصورا واضحا في صياغته يتجلى في نقطتين: النقطة الأولى هي عدم التّنصيص على وجود الإخوة من عدمه، الأمر الذي قد يُفْقدُ النصّ كل جدوى وذلك لأنه بِوُجُود اثنين فأكثر من الإخوة، حتى وإن كانوا غير وارثين لِحَجْبِهِمْ بالأب، تَنْتَقِلُ الأمّ من فرض الثلث إلى فرض السُدس عملا بالفقرة الأخيرة من الفصل 127 من مجلة الأحوال الشّخصية. والنقطة الثانية هي عدم انسجام هذا النصّ مع بقية أحكام الإرث المتعلقة بالأمّ، ونبين ذلك من خلال مثال: لنفرض أن شخصا توفي عن أمّ وأب، وليس له فرع وارث ولا إخوة مطلقا، فإذا طبقنا عليه الفصل 146 خامسا، فإن الأمّ والأب يقتسمان التركة لكل واحد منهما النّصف؛ لكن لوغيّرنا الأب في هذا المثال ووضعنا مكانه الجدّ، فإن الأمّ ترث الثلث فقط، ويرث الجدّ الباقي أي ثُلثي التركة، وهذا أمر غريب وغير منطقي عند المقارنة لأنّ الجدّ الأبْعَد درجة وَرث منابا أكثر من مناب الأبّ الأقرب درجة، أما الأمّ فقد اختلف منابها رغم أن قرابتها هي نفسها. وهذا راجع إلى أنّ اللجنة التي أعدّت هذا المشروع ركزت على مسألة "المساواة" فقط وغابت عنها النظرة الشّمولية لأحكام الإرث، أو هي لجنة حُقوقيّة بالأساس وغير مُختصة في قانون المواريث.
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.