ثماني سنوات من الدمار والقتل والتشرّد والانقسام بالإضافة الى حاضر قاتم ومستقبل مجهول تلك هو ماجنته سوريا من قطار «الربيع العربي» المدمّر الذي حول ربيع البلدان العربية الى خريف تساقطت فيه كل معالم الدولة من بنى تحتية واقتصاد وهوية وثقافة وتاريخ. الحرب القذرة على سوريا استغلت حمى الحراك الذي ضرب الشعوب العربية التي ركبت قطار التغيير عن تقليد وليس عن تجديد، لترسم خارطة دمار جديدة لسوريا وللشرق الأوسط وليكون الكيان الصهيوني هو الرابح الوحيد وعلى جميع الاصعدة من طمس القضية الفلسطينية والتطبيع مع العرب والحشد لمواجهة ايران وأخير افتكاك الجولان بصفة نهائية. بعد ثماني سنوات يمكننا الوقوف الآن وبكل عقلانية وواقعية عن حصاد سوريا من «ثورة الهدم»، 370 ألف قتيل، ٪75 من البنية التحتية في سوريا دمرت، 388 مليارا كلفة الدمار... وتحتاج سوريا إلى 500 مليار دولار للعودة إلى شكل ما قبل الحرب. كل هذا الدمار والخراب والمستقبل القاتم وقع بسبب الديمقراطية الغربية المزعومة التي من المفترض أن تغير البلدان الى الافضل، ولكن لأنّها فقط مطية وفخ قاتل من أجل الاطاحة بنظام ما رفض الانصياع والركوع او نهب ثروات بلد ما أو تأمين حزام الكيان الصهيوني واضعاف كل من يحيط به. الآن في سوريا وفي ربوع العرب عموما عاد الدم للرؤوس المتحجرة الناشفة التي ما ان تسمع مشروع هدم اجنبي حتى تمتطيه كما امتطاه احمد الجلبي سابقا عند احتلال امريكا للعراق وكما امتطاه الاخوان في الاطاحة بمعمر القذافي ورياض حجاب وغيره في سوريا، وبدأت الشعوب العربية تدرك هول ومرارة الديمقراطية والحرية الملغومة. يتباهى رئيس وزراء الاحتلال الآن وكل ما سنحت له الفرصة بالتطبيع مع العرب هو لا يقصد التطبيع وإنما ارجاع العرب اوطانا وشعوبا الى أسفل السافلين، فأين العرب المنقسمون المشردون المفقرون من أوطانهم؟ وأين العرب من القضية الأم فلسطين؟ أين العرب من وحدتهم؟. الآن اتّضحت الصورة، انجلى سحاب الديمقراطية العابر، قالت أمريكا في تقريرها السنوي الأخير حول حقوق الإنسان ان الجولان المحتل لم يعد محتلاّ وهي التي اعترفت سابقا بالقدس المحتلة عاصمة للصهاينة حصرا... إذا انتهى الدرس، ولكن حتما لم ينته هوان العرب ومأساتهم.