عاجل/ إطلاق النار على وفد دبلوماسي في جنين: استنكار أوروبي واستدعاء لسفير اسرائيل    الترجي يطالب بتحكيم أجنبي لمباراته في نصف نهائي كأس تونس    العثور على جثة فتاة عشرينية على طريق نفزة – بنزرت    موفى أفريل 2025: تراجع قيمة الصادرات من زيت الزيتون ب28,9 بالمائة    عاجل/ منع المناولة: هؤلاء العمّال مرسّمون مباشرة عند دخول القانون حيّز التنفيذ    سفير تونس لدى طرابلس يلتقي برئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا    وزارة المالية: تراجع عجز الميزانية بشكل طفيف في 2024 ليناهز 10 مليار دينار    منوبة: نقطة بيع الأضاحي بالميزان بالسعيدة من معتمدية وادي الليل    عملة جميع فروع الملّاحات التّونسيّة في إضراب عن العمل بثلاثة أيّام.    وزارة الحجّ والعمرة تُحذّر من جفاف الجسم    غدًا النظر في مطلب الإفراج عن المحامي أحمد صواب…    عاجل/ مكّنا أجانب وارهابيين من وثائق الجنسية: هذا ما تقرّر ضد موظفين سابقين بقنصلية تونس بسوريا    إسبانيا: إدانة 5 أشخاص على خلفية إهانات عنصرية ضد فينيسيوس    للتمتّع بأسعار معقولة في شراء أضحية العيد: توجّهوا إلى نقاط البيع المنظمة    النوم لأكثر من 9 ساعات قد يكون مؤشرًا لأمراض خطيرة.. تعرف على عدد الساعات المثالية للنوم    وزارة الداخلية تفتح مناظرة لإنتداب عرفاء بالحرس الوطني    ب"طريقة خاصة".. مؤسس موقع "ويكيليكس" يتضامن مع أطفال غزة    أربعينية الفنان انور الشعافي في 10 جوان    الكاف: افتتاح نقطة لبيع اللحوم الحمراء من المنتج إلى المستهلك بمدينة الكاف    كاس افريقيا للاندية الفائزة بالكأس لكرة اليد (رجال وسيدات): برنامج الدور نصف النهائي    الحماية المدنية : 64 تدخلا لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    إطلاق سراح الشاب ريان خلفي الموقوف بالسجن المدني ببنزرت    تونس تطالب باسترجاع كنز من المريخ!    منتخب الأصاغر يواجه ودّيا نظيره الجزائري    أحمد السقا يعلن طلاقه من مها الصغير بعد 26 عامًا من الزواج    منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر يصل القضاء    نهائي كرة السلة: الإفريقي يستقبل الاتحاد المنستيري في ثالث مواجهات النهائي    تقرير: إسرائيل تستعد لضرب إيران بشكل منفرد    غوغل تُحدث ثورة في البحث: إطلاق وضع جديد مدعّم بالذكاء الاصطناعي    عاجل/ في العاصمة: طبيب يطعن زوجته بسكين..    صادم/ جريمة مروعة: عامل ينهي حياة أمه ب"آلة حادة"..    بايدن ينفي علمه المسبق بإصابته بسرطان البروستاتا    "الموساد" يحصل على الأرشيف السوري الخاص بالجاسوس إيلي كوهين    موسم حبوب واعد في منزل تميم وتثبيت تسعيرة التجميع    عاجل/ "الثغرة القاتلة".. اجتماع "سري" لمحمد السنوار تسبب بمقتله..ما القصة..؟!    سلسلة فيفا للشباب 2025 تحت 16 عاما - المنتخب التونسي يلاقي غدا الخميس نظيره السويسري من اجل المركز الثالث    من العقود الهشة إلى الترسيم القارّ: قانون جديد ينصف آلاف العمال في تونس    فلاحون يرفضون 21 دينار للكلغ الواحد: ''العائلة اللي ربت العلوش تكلّف عليهم دم قلبها''    كيف سيكون الطقس الأيام القادمة: حرارة غير عادية أم هواء بارد وأمطار؟    رسميا: الفيفا تكشف عن برنامج مباريات الترجي في مونديال الأندية 2025    وزير الشؤون الاجتماعية: ''في تونس يُرفض شخص من أجل الخطبة لأنه غير مُرسّم''    مانشستر سيتي يصعد للمركز الثالث بفوزه 3-1 على بورنموث في اخر مباراة لدي بروين على ملعب الاتحاد    طقس اليوم: الحرارة في انخفاض طفيف    وزارة النقل تضبط قائمة أعضاء اللجنة الاستشارية في مجال التكوين البحري ومهامها    السعودية: غرامة مالية ضخمة ضد الحجاج المخالفين    وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تلغي امتياز استغلال المحروقات "بيرصة"    "اعتقال" قطة "بتهمة" تهريب مخدرات إلى سجن في كوستاريكا    عن «فيلم البوسير» لمولدي الخليفي : تونس تتوّج بجائزة مفتاح العودة في غزة    السينما التونسية بين الماضي والحاضر: موضوع لقاء ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي    نابل تحتضن الدورة الثانية من الملتقى العربي للنص المعاصر تحت شعار " المجاز الأخير: الشعر تمرين على الوجود"    جمعية الصحة العالمية تعتمد بجينيف اتفاقية الوقاية من الجوائح الصحية والتأهب والاستجابة لها وتونس تصوت لصالحها    من الهند إلى تونس: عيد الألوان يغسل الحزن بالفرح    وزير الصحة يؤكد استعداد تونس لتكون منصة إقليمية لتصنيع اللقاحات والأدوية    موعد رصد هلال ذي الحجة    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    رصد هلال ذو الحجة 1446 ه: الرؤية ممكنة مساء هذا التاريخ    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    من تجب عليه الأضحية؟ تعرّف على الشروط التي تحدّد ذلك    









إشراقات .. حلو ومرّ
نشر في الشروق يوم 23 - 03 - 2019

كان الانقلاب المناخي مناسبا لي لقضاء يوم 20 مارس في دفء العائلة وقد انتبهنا في آخر لحظة إلى أنّ يوم العطلة ذاك إنّما هو عيد الاستقلال، وهو يوم راحة مغمور بعطلة الربيع المدرسيّة ومهمّش بالاحتفالات التي كانت ترجّح عليه السابع الجديد في محاولة لطمس العهد المجيد.
من سخرية القدر أن نعيش اليوم محاولة مضادّة لردّ الاعتبار إلى ذلك العهد مع جيل الاستقلال بدءا بإعادة تمثال الزعيم إلى مكانه من الشارع المعروف باسمه في مقابل تشويه العهد السابق كأنّنا لم ننجز شيئا طيلة ربع قرن ماض
ومادمنا نتعامل بهذه العقلية مع التاريخ جاعلين كلّ عهد جديد لاغيا لسابقه فلن نهتدي إلى الطريق الصحيح ولن نفلح في طلب الكرامة والتنمية.
قضيت ذلك اليوم العالمي للسعادة سعيدا بأقلّ بكثير من سعادة السكندينافيين بصفتي متوسّطيّا واقعيّا يقنع بالقليل و تونسيّا يرضى بأقلّ من القليل ولو كان بصيصا من النور في ظلام واقعنا التعيس بفعل الثورة المنحرفة التي مجّدناها بقدر ما باركنا سلفا يوم التحوّل، ونحن في كلّ مرّة كالموشك على الغرق المتعلّق بخشبة نعيش بالصبر و الأمل في التغيير نحو الأفضل .
قضيت يومي سعيدا، لا باعتباره يوما عالميّا للفرنكوفونية يجعلني أهتمّ بوضع اللغة العربية، بل سعيدا بمطر مارس المساوي للذهب الخالص، وسعيدا بخطاب رئيسنا « البجبوج» – كما أحبّ أن أذكره مع محبّيه – لثلاثة أمور الأوّل كلّ ماقاله مباشرة أو مشفّرا بالإشارة الضامرة كعادته، عن فشل الحكومة وعبث الأحزاب وسياحة النوّاب و سباق الانتخاب، وخاصّة عن الحياة والموت والقضاء والقدر مستشهدا بقول المعرّي :
ربّ لحد قد صار لحدا مرارا ضاحك من تزاحم الأضداد
وببيت السموأل :
«إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه
فكلّ رداء يرتديه جميل»
والأمر الثاني تشخيصه بالأرقام، في اتّجاه معاكس لتوصيف رئيس الحكومة، للوضع إلى حدّ المصارحة: «البلاد مريضة»، ولكنّ الأمل ليس في سياسييها المتنافسين على المناصب، المتكالبين على المكاسب، بل في رجال الدولة المقدّرين للمسؤوليّة والمقدّمين إنقاذ الوطن على المصلحة الشخصيّة . ومن هنا يبدأ إصلاح ما أفسدته النفوس المريضة والأنظار الضيّقة عسى أن يتحرّك القطار في الاتجاه الصحيح.
والأمر الثالث موقفه المعقول من تاريخنا بتأكيده على وجوب تقبّله كاملا ب»حلوه ومرّه» حسب عبارته التي كان استعملها آخرون، منهم طه حسين في دعوته الليبراليّة إلى الأخذ عن أوروبا عبر فرنسا حلوها ومرّها قاصدا تعميم التعليم وتجديد الثقافة كأساس للتحديث. وهو ما وافقه فيه وعليه بورقيبة وكرّمه لأجله إبّان استضافته.
وأنا ابن ذلك الفكر معتزّ بتاريخنا بما فيه من سداد خير الدين باشا وفساد مصطفى خزندار، لاستخلاص العبر تلافيا للعثرة في نفس الحفر.
ولكنّ حركة بغيضة نغّصت فرحتنا بالذكرى وقلّصت سعادتي باليوم تمثّلت في هدم شعار متوّج لواجهة دار الباي بقرطاج هدما بربريّا أو هلاليّا - شبيها بإحراق روما لقرطاج و لإتلاف فصل من تاريخ تونس - غداة عيد الاستقلال كطريقة متخلّفة بل آثمة في الاحتفال .
من تلك الدار أخرج بورقيبة الأمين باي آخر العائلة المالكة إلى شقّة بسيطة بلافيّات كإقامة جبريّة على حدّ قول الحفيدة . تلك الدار ليست اليوم متحفا لعهد البايات كما كان يجب أن تكون، بل قصرا فسيحا أكثر من اللاّزم لبيت الحكمة الذي صار تابعا للرئاسة بدل وزارة الثقافة. ويالها من حكمة – إن وجدت هناك – تهدم معلما تاريخيّا بفعلة مكرّرة مذكّرة بالعدوان على جزء من حنايا زغوان في مستوى المحمّديّة بإشراف البلديّة .
وكلّما نسينا حوادث التاريخ فالفساد في العباد يظلّ متأصّلا مستفحلا، وهدم البلاد يمضي متواصلا شاملا، كارثة تلو أخرى، كأنّ ديدننا صار هدما عهدا لعهد !
والهدم أسهل من البناء لدى الخائفين من التاريخ، العاجزين عن الرأي الرشيد بروح المصالحة وعزم التشييد . والذين يتجاهلون التاريخ أو لا يعرفونه لا مستقبل لهم، بل محكوم عليهم بالعيش في الماضي على رأي فرنسوا بوصاك (François G.Bussac) في سيرته « بستاني المتلوي « (Le jardinier de Métlaoui).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.