لقي قرار وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة الزيادة في أسعار المحروقات رفضا قطعيا من مختلف الهياكل و المنظمات النقابية التي حذرت من تداعياته الخطيرة على المهنيين و المؤسسات و على المواطنين . تونس الشروق: أعلنت وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة مساء السبت المنقضي عن الزيادة في أسعار البيع للعموم لبعض المواد البترولية ليرتفع سعر البنزين الخالي من الرّصاص (الرفيع) بثمانين (80) مليما ليصبح سعر اللتر 2065 مليما، وسعر الغازوال دون كبريت بثمانين (80) مليما ليصبح سعر اللتر 1825 مليما في حين ارتفع سعر لتر الغازوال العادي إلى 1570 مليما، بعد الترفيع فيه بقيمة تسعين (90) مليما. و بررت وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة قرار الترفيع هذا، بالإرتفاع المتواصل لأسعار النفط ومشتقاته في الاسواق العالميّة مشيرة الى ان سعر النفط الخام تجاوز خلال الفترة الأخيرة من هذه السنة عتبة ال68 دولارا للبرميل . هذا القرار الذي صدر ايّام قليلة بعد نفيه من قبل وزير الصناعة سليم الفرياني الذي صنفه في خانة «الإشاعات»، فاجأ الجميع و نزل نزول الصاعقة على كل الهياكل و المنظمات النقابية التي وصفته ب «الخطير» و عبرت عن رفضها له أيا كانت مبررات وزارة الصناعة و الحكومة ، كما اثار انتقادا واسعا لدى الشارع التونسي الذي خرج شقا واسعا منه للاحتجاج مطالبا الحكومة بالتراجع الفوري عن هذه الخطوة «العشوائية «. تجميد الزيادات حاولنا رصد المواقف الرافضة لهذا القرار الذي اثار استنكارا واسعا حيث اعتبرت منظمة الاعراف هذه الزيادة ضربة جديدة قاصمة للصناعة التونسية و ستزيد من مصاعب المؤسسات ومن الكلفة الاجتماعية لعجز القطاعات المعنية وستؤدي إلى مزيد ارتفاع الأسعار وبالتالي ارتفاع نسبة التضخم وسيعيق النمو الاقتصادي ويعطل التنمية الجهوية. وحذر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية من التداعيات الخطيرة لهذه الزيادة على تنافسية وديمومة المؤسسات وعلى القطاع الصناعي وعلى المهنيين في قطاع نقل الأشخاص والبضائع بمختلف أصنافه والذين أصبحوا غير قادرين على تغطية مصاريفهم والإيفاء بالتزاماتهم ويواجه العديد منهم خطر الإفلاس بسبب هذه الزيادات المتكررة فضلا عن ارتفاع تكاليف الصيانة وقطع الغيار جراء تواصل انهيار الدينار. و اكد اتحاد الصناعة و التجارة أنه كان من الأجدر البحث عن حلول جذرية للتدني الكبير للإنتاج الوطني من النفط إلى أقل من النصف وكذلك التوقف عن منح رخص التنقيب عن البترول بسبب الفصل 13 للدستور وتعطل الاستغلال والإنتاج لسنوات في العديد من المواقع بسبب الاضطرابات الاجتماعية في جهات الإنتاج، وعدم التشجيع الجدي على الاستثمار في الطاقات البديلة والمتجددة. و دعا اتحاد الاعراف الى وقف نزيف الزيادات في أسعار الطاقة والمحروقات وتجميد أي زيادة سنة 2019 و الجلوس في أقرب وقت مع الاتحاد للحوار حول اتخاذ إجراءات مصاحبة لهذه القطاعات في مستوى الاستثمار والجباية وغيرها حتى لا تتسبب هذه الزيادات في نتائج لا يحمد عقباها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي . خسائر الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري عبر بدوره عن رفضه لهذه الزيادة في أسعار المحروقات، منّبها إلى تداعياتها على مستوى الترفيع في تكلفة الإنتاج وتفاقم خسائر الفلاحين والبحارة وإلى انعكاسها السلبي على أسعار الاستهلاك والمقدرة الشرائية للمواطن التونسي . ودعا اتحاد الفلاحين سلطة الإشراف الى اتخاذ إجراءات عملية فعالة للحد من تداعيات هذه الزيادة وإلى الإسراع في الترفيع في نسبة دعم المحروقات في قطاع الفلاحة والصيد البحري ، مؤكدا حق هياكله في التحرك واتخاذ كل الأشكال النضالية المشروعة احتجاجا على هذه الزيادة المفاجئة في أسعار المحروقات. تحرك مشترك الموقف ذاته عبر عنه الاتحاد التونسي للتاكسي الفردي الذي ادان بشدة هذا القرار و اعتبره بمثابة المسمار الأخير الذي يدق في نعش العاملين بالقطاع و توجه برسالة الى رئاسة الحكومة طالبا من خلالها بضرورة «تعديل الكفة في هذه الزيادة الاخيرة و لو بالزيادة في العداد او إعطاء هذا القطاع الاولوية في مراجعة عدة قوانين خاصة به تخرجه من الازمة «مشيرا الى ان هذا القرار من شانه تعميق الازمة في صفوف المهنيين الذين ذاقت بهم السبل . من جهته عبر الاتحاد التونسي لسيارات الأجرة « اللواج» عن رفضه لما وصفه بالقرار « المفاجئ و غير المدروس» حيث اكد الامين العام للاتحاد ناجي بن سلطان ان الوزارة بمثل هذا القرار بصدد التشجيع بطريقة غير مباشرة على التجارة الموازية من خلال اجبار المهنيين و المواطنين على الالتجاء الى البنزين المهرب الذي كان من الاجدر التصدي له . ووصف ناجي بن سلطان الزيادات المتكررة في أسعار المحروقات بالعشوائية التي من شانها مزيد اثقال كاهل العاملين بالقطاع و عامة الشعب الذي أرهقته السياسة المتبعة من قبل الحكومة .و دعا الامين العام لاتحاد سيارات الأجرة» لواج» كافة الهياكل النقابية العاملة بقطاع النقل و كافة المواطنين الى الاستعداد للتحرك الاحتجاجي المشترك ضد هذا القرار «الجائر». منظمة الدفاع عن المستهلك تحذر رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك طالبت هي الاخرى الاخرى بالعدول عن قرار هذه الزيادة غير المبررة في اسعار المحروقات مؤكدة أن المواطن ذا الدخل المتوسط والضعيف هو الذي سيتحمل التكلفة باعتبار أن المحروقات تدخل في تكلفة كل المنتوجات والخدمات وسيعمد المنتجون إلى تحميله كل تبعات هذه الزيادة. ونبهت منظمة الدفاع عن المستهلك القائمين على الدولة إلى خطورة مثل هذه الزيادات في سياق ارتفاع متواصل لأسعار كل المنتوجات وخاصة منها الفلاحيّة وتدهور قيمة الدينار ، داعية الحكومة إلى مراعاة قدرة المستهلك التونسي على تحمل مثل هذه الزيادات المتكررة التي تهدد السلم الاجتماعي . و دعت منظمة الدفاع عن المستهلك الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تهدف إلى الحدّ من الارتفاع المتواصل للأسعار خاصة مع قدوم شهر رمضان المعظم و إلى وضع عديد الإجراءات الحمائيّة قبل اتخاذ قرارات تتعلق بترفيع الأسعار التي أصبحت لا تحتمل من طرف أغلب الشرائح الاجتماعية والتشاور مع مختلف الهياكل المتدخلة في المجال . وكان وزير الصناعة سليم الفرياني قد نفى في تصريح لإذاعة شمس آف آم بتاريخ 21 مارس المنقضي إمكانية الزيادة في سعر المحروقات مؤكدا ان الأمر لا يعدو أن يكون مجرد إشاعات. للمرة الخامسة على التوالي شهدت أسعار المحروقات زيادات للمرة الخامسة على التوالي منذ بداية سنة 2018 ، الاولى بتاريخ 1 جانفي بقيمة 50 مليما في سعر اللتر الواحد من البنزين الخالي من الرصاص (الرفيع) والغازوال دون كبريت والغازوال العادي ، و الزيادة الثانية بتاريخ 31 مارس 2018 وشملت المواد البترولية نفسها بقيمة 50 مليما للتر الواحد من كل مادة تلتهما زيادة في 22 جوان من السنة ذاتها بقيمة 75 مليما ثم زيادة رابعة بتاريخ 1 سبتمبر 2018 تراوحت بين 60 و75 مليما قبل ان تعلن وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة امس الاول عن زيادة خامسة تراوحت بين 80 مليما و 90 مليما في سعر اللتر الواحد من هذ المواد البترولية . في حركة احتجاجية على قرار الترفيع في سعر المحروقات عمد امس عدد من أصحاب السيارات الى غلق الطريق الوطنية عدد3 على مستوى معتمدية السبيخة من ولاية القيروان ، كما عمد سواق سيارات الأجرة (التاكسي الفردي و الجماعي) و الاَلات الفلاحية الى غلق جل المنافذ المؤدية الى مدينة سليانة مطالبين الحكومة بضرورة التراجع الفوري عن هذا القرار . عدد من مكونات المجتمع المدني وممثلين عن الجمعيات في ولاية سيدي بوزيد و المنستير نفذوا بدورهم وقفات احتجاجية رفعوا خلالها شعارات رافضة لهذه الزيادة التي من شانها التأثير على مختلف القطاعات و مزيد اثقال كاهل المواطن الذي يعاني من تدهور مقدرته الشرائية نتيجة الارتفاع المشط في أسعار اغلب الحاجيات الاساسية . وبخصوص تونس الكبرى عمد عدد من المحتجين الى غلق جملة من الطرقات من بينها محول سليمان قرنبالية ، محول المروجميامي ، محول الوردانين ، محول مدخل سوسة . رئيس لجنة المالية في البرلمان منجي الرحوي اعتبر ان الزيادة الاخيرة في سعر المحروقات تحيل على الشعب و نهب لاموال المواطنين .