شدّت رئيسة الحزب الدستوري الحر في الفترة الاخيرة الانتباه من خلال تكثيف تحركاتها بين التنقلات والاجتماعات الشعبية والظهور الإعلامي. تونس – الشروق: بعد حادثة الاعتداء التي استهدفت اجتماع حزبها في سيدي بوزيد نهاية الأسبوع الماضي برزت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي على الساحة السياسية بشكل لافت وانضاف الى ذلك بروز لافت أيضا على وسائل الإعلام وتقدم في نتائج سبر الآراء. عوامل عديدة أدت إلى هذا البروز وفق المختصين في الشأن السياسي غير أن التساؤل الأهم حسب هؤلاء هو هل ان هذه العوامل قادرة لوحدها على تمكين الحزب من التقدم في الانتخابات؟ حادثة سيدي بوزيد علق المختصون على حادثة الاعتداء التي استهدفت عبير موسي وحزبها في سيدي بوزيد بالعبارة الشهيرة «رُبّ ضارة نافعة» لأنها جعلت الأضواء مسلطة على الحزب الدستوري الحر. فقد حصد الحزب تعاطفا ملحوظا لدى شق من الرأي العام على غرار بعض الاحزاب التي أصدرت بيانات تندد فيها بما حصل وبعض مكونات المجتمع المدني والحقوقيين والمواطنين.. ذلك أن حوادث العنف السياسي أصبحت سرعان ما تشدّ الانتباه في تونس وتُقابل برفض شديد في ظل مناخ الحرية والتعددية الحزبية الذي أصبح سائدا منذ سنوات على الساحة السياسية والذي لم يعد يسمح باقصاء أي كان، مهما كان انتماؤه، من النشاط السياسي ومن التعبير (باستثناء خطابات التحريض والكراهية والعنف). وهو ما ينطبق على حزب عبير موسي وعلى غيره من الأحزاب. ضد النهضة على صعيد آخر يعتبر متابعون أن الخطاب الذي تعتمده موسي منذ مدة والمستند أساسا إلى ورقة « ضد النهضة» ساهم بدوره في إدارة الرقاب إلى حزبها خصوصا ان شقا من التونسيين مازال يتخوف من «التغول السياسي» للنهضة ويخشى من اختلال التوازن على الساحة السياسية لفائدتها في ظل اتهامات للنهضة بمحاولة المس من مكتسبات الدولة المدنية وهو ما تنفيه النهضة باستمرار. ذلك أن تراجع دور حزب نداء تونس في تحقيق هذا التوازن (بعد الأزمات العديدة التي مر بها) ومحدودية دور بقية الاحزاب الوسطية والتقدمية في اللعب بنديّة أمام النهضة جعل شقا من التونسيين ينظر إلى عبير موسي على أنها قادرة على إعادة التوازن على الساحة السياسية بمناسبة الانتخابات القادمة عبر حزبها والحلول محلّ حزب النداء وزعيمه التاريخي الباجي قائد السبسي خصوصا من خلال الاستحواذ على الخزان الانتخابي الدستوري الذي كان أحد عوامل نجاح النداء في 2014.. الباجي والنداء فرضية حلول الحزب الدستوري الحر ورئيسته عبير موسي محل حزب نداء تونس وزعيمه الباجي قائد السبسي في الانتخابات القادمة استنادا الى ورقة «ضد النهضة» وإلى «التصويت الإيجابي» اللذين مكنا النداء ورئيسه من الفوز في 2014 سيبقى وفق المتابعين رهين ما ستفرزه تطورات الأيام القادمة بالنسبة لوضعية نداء تونس. فبعض المتابعين يرون أن نجاح مؤتمر نداء تونس نهاية الاسبوع الجاري وتجاوز ازمته الداخلية قد يعيده مجددا إلى الواجهة في الانتخابات القادمة وقد يعيد لرئيسه الشرفي الباجي قائد السبسي أيضا حظوظا وافرة في صورة ترشحه للرئاسية. فنداء تونس رغم الازمات التي مر بها مازال محافظا على جانب هام من قواعده وعلى خزان انتخابي محترم وبالتالي فان امكانية قفز الدستوري الحر فوقه بمناسبة الانتخابات القادمة ستكون مشروطة بما سيبذله من مجهودات في الفترة القادمة لتوسيع قاعدته الحزبية في الجهات وللرفع من خزانه الانتخابي خاصة «الخزان الدستوري» الذي استفاد منه نداء تونس في 2014 ويحاول منذ مدة المحافظة عليه واستعادة الغاضبين منه. لا يكفي هل تكفي مثل هذه العوامل لتُواصل عبير موسي وحزبها لفت الانتباه وتحقيق التقدم في الانتخابات القادمة؟ في الديمقراطيات الكبرى يستند العمل الحزبي والسياسي إلى الأفكار والبرامج الانتخابية التي ينتظرها الناخبون حتى يصوتوا لفائدة الاحزاب التي يرون فيها القدرة على تحقيق انتظاراتهم. لكن الواقع الحزبي في تونس يكشف اليوم أن العمل الحزبي يفتقر إلى هذا المبدإ وهو ما ينطبق على أغلب الأحزاب إن لم يكن جميعها دون استثناء. فمنذ أشهر والساحة السياسية تعيش صراعات حزبية مختلفة لكنها بعيدة كل البعد عن صراع الأفكار والبرامج والمشاريع القادرة على تحقيق الإضافة للمجموعة الوطنية. وبالتالي فإنّ الاعتماد على الخصومات الحزبية او الشخصية الضيقة او الأحداث العرضية (مثلا أحداث العنف السياسي أو غيرها) ومحاولة الظهور في مظهر الضحية لنيل استعطاف الناخبين أو الاعتماد على خطاب «ضرب» المنافس بكل الطرق الممكنة لا يمكن أن يُمثّل عامل نجاح انتخابي لأي حزب مهما كانت درجة بروزه على الساحة العامة... بروز لافت لعبير موسي في الفترة الأخيرة تعاطف واسع من الساحة السياسية بعد حادثة الاعتداء على اجتماع حزبها في سيدي بوزيد ظهور يومي على مدى الاسبوع الماضي في أغلب وسائل الاعلام تقدم في عمليات سبر الآراء الاخيرة التمسك بورقة «ضد النهضة» التي يُحبّذها شق هام من التونسيين