أوقف رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي أمس الجمعة الجدل الذي كان قائما حول حالة الطوارئ في تونس وذلك بالتمديد فيها لمدّة شهر آخر وذلك اثر إجتماع مجلس الأمن القومي. تونس الشروق: في آخر اجتماع لمجلس الأمن القوي يوم 11 مارس الماضي، نبّه رئيس الجمهورية من امكانية عدم التمديد مجددا في حالة الطوارئ مطالبا البرلمان بالمصادقة على مشروع القانون الجديد الذي ينظمها والذي وقع تقديمه منذ 5 أشهر، ويعوض أمر جانفي 1978 الذي أصبح مصنفا ضمن النصوص التشريعية غير الدستورية. وهو ما أثار بعض المخاوف من امكانية إيقاف العمل بحالة الطوارئ وما قد يترتب عن ذلك من مخاطر خاصة في ظل تعطل المصادقة على القانون الجديد أمام البرلمان. لذلك طالبت اطراف عديدة رئيس الجمهورية بالتراجع عن قراره وبتجديد حالة الطوارئ رغم عدم دستورية امر 1978 وذلك بسبب تواصل حاجة البلاد إليها لمكافحة الارهاب ولدرء كل المخاطر المحدقة خارجيا وداخليا. قرار في محله وكان مجلس الأمن القومي قد استعرض أمس تطوّرات الأوضاع الأمنيّة المحليّة والإقليميّة والدوليّة، وخاصة مستجدّات الوضع في ليبيا، حيث تمّ التأكيد على خطورة ما آلت إليه الأحداث في هذ البلد الشقيق، وفق ما أعلنته رئاسة الجمهورية، وعلى ضوء ذلك قرر رئيس الجمهورية التمديد في حالة الطوارئ. واستحسن المتابعون قرار رئيس الجمهورية خصوصا أنه تزامن مع تواصل تقلبات الأوضاع الداخلية إلى جانب التطورات الاقليمية الأخيرة في الشقيقتين ليبيا والجزائر. تقلبات داخلية على الصعيد الداخلي مازال الوضع يمرّ بتقلبات مختلفة ذات علاقة بالحراك الشعبي في مختلف المجالات على غرار اتساع رقعة الاحتجاجات وأيضا تواصل خطر الارهاب في عديد المناطق وأيضا تواصل الحرب على الفساد التي تشنها الحكومة استنادا الى قانون الطوارئ. وهو ما يحتاج الى اكثر ما يمكن من يقظة امنية واحتياطات لتفادي الانزلاق بالاحتجاجات الشعبية او غيرها نحو الفوضى والعنف وايضا لمواصلة العمليات الاستباقية والاستخباراتية التي تقوم بها من حين إلى آخر القوات الامنية لحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي وللتوقي من تحركات الخلايا الارهابية النائمة او المستقرة بالمناطق الجبلية. كما تبدو الحاجة أكيدة أيضا لحالة الطوارئ بالنظر الى ان الأشهر القادمة ستكون «ساخنة» على الصعيد السياسي في ظل استعدادات مختلف الاطراف للانتخابات وأيضا على الصعيد الاقتصادي لتفادي تعطيل الانتاج في المواقع الحساسة وكذلك لتامين الامتحانات الوطنية وللاستعداد للمواسم الاستهلاكية الكبرى (رمضان والعطلة الصيفية..) والتي تتطلب ايضا يقظة شاملة لتأمين الحاجيات الاستهلاكية من آفة التهريب. ..وخارجية على الصعيد الخارجي لا يختلف الوضع كثيرا في ظل التطورات الاقليمية الحاصلة في الفترة الاخيرة. وكانت وزارة الدفاع الوطني قد أعلنت في بيان أمس الجمعة أنها اتخذت كل الاحتياطات الميدانية لتأمين الحدود الجنوبية الشرقية ومواجهة التداعيات المحتملة لما يشهده الوضع الأمني في ليبيا الشقيقة. وقالت الوزارة، إنها دعت العسكريين إلى مزيد ملازمة اليقظة والحذر وتعزيز التشكيلات العسكرية من تواجدها بالمعبرين الحدوديين بكل من الذهيبة ورأس جدير مع تشديد المراقبة باستغلال الوسائل الجوية ومنظومات المراقبة الالكترونية للتفطن المبكر لكل التحركات المشبوهة. كما اعتبر المتابعون ان تطورات الاوضاع السياسية في الشقيقة الجزائر تقتضي ايضا مواصلة التعاون بين السلطات التونسية ونظيرتها الجزائرية لدرء كل الأخطار التي قد تهدد الامن والاستقرار في البلدين. وفي ظل تواصل الضبابية والغموض حول الوضع القانوني والدستوري لحالة الطوارئ، يُجمع المراقبون على ضرورة تحمل مجلس نواب الشعب في الفترة القادمة مسؤوليته كاملة للمصادقة على القانون الجديد المنظم لها حتى يتوقف العمل بأمر 1978 غير الدستوري وينتهي بذلك الجدل القائم والمخاوف من عدم امكانية التمديد في حالة الطوارئ مرة أخرى من قبل رئيس الجمهورية.