التونسيون غاضبون هذه الأيام على الشاهد، لكن مؤسس النداء يترجاه للعودة لما فيه «خير الحزب وخير تونس»، يوسف يستخف بكل أنواع الغضب ولا يرد على دعوات الرجوع لأنه منشغل ب»إصلاحاته الكبرى» فهل تؤثر في مستقبله السياسي؟. تونس الشروق: لا علاقة ليوسف الشاهد حتى اليوم بأي نوع من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، فهو لم يعلن عن نيته الترشح للرئاسية ولم يؤكد بعد انتماءه إلى حركة «تحيا تونس» ولا انسحابه من «نداء تونس». هو رئيس الحكومة المدعومة من بعض الأحزاب دون الأخرى، وهو المرفوض من بعض التونسيين دون بعضهم الآخر، وهو الحاضر دوما في مقدمة نوايا التصويت في الاستحقاق الرئاسي القادم، وهو المتهم بالاستفادة الحزبية والانتخابية من منصبه الحكومي، وهو الذي يقود حربا على الفساد مثيرة للجدل و»إصلاحات كبرى» على حد تعبيره مختلف حول جدواها وضرورتها وانعكاساتها... اليوم يزيد الشاهد في توسيع دائرة الغاضبين منه والمناهضين لسياسته، فهل تنخفض شعبيته إلى أدنى مستوياتها بحلول موعد الانتخابات أم يواصل استفادته المفترضة من ترؤس الحكومة؟. لن يصوّت له أحد؟ شريحة هامة من التونسيين غاضبة هذه الأيام من سياسة رئيس الحكومة فهو من وجهة نظرها لا يهتم لمعاناتها ولا لفقرها ولا لمصالحها ولا لمنافعها ولا لتدهور مقدرتها الشرائية… بل إن كل همه أن يستغل الفرص واحدة بعد أخرى لتمرير قرارات تثبته في الحكم وترضي عنه الجهات المانحة. الشاهد مصر على إصلاحات كبرى يراها ضرورية لإنقاذ الاقتصاد لكنه لا يبحث عن المشاكل العميقة ليجد لها الحلول المناسبة والعادلة بل يفرض حلولا ترقيعية يتضرر منها المواطنون دون أن يكون لهم دور في الأسباب فيقر الزيادات في الأسعار حتى يغطي العجز في الميزانية ويرفع سن التقاعد حتى ينقذ الصناديق الاجتماعية. دائرة الغضب من الشاهد تتوسع يوما بعد آخر، فبعد ما حدث له قبل أيام في مجلس النواب، يستعد بعض المتضررين من الترفيع في أسعار الوقود لشل البلاد... وإذا واصل يوسف استخفافه وتماديه في قراراته الموجعة فلن يجد من يصوت له لو قرر الترشح للاستحقاق الرئاسي، ولكن هل هذه القراءة النظرية قابلة للتطبيق على المستوى الواقعي؟. في المقدمة للواقع حقيقة مغايرة فالشاهد يتقدم منذ السنة الماضية جميع منافسيه المحتملين على الرئاسية وفق جميع جهات سبر الآراء المختلفة. نسبة الرضا عن الشاهد أكبر من نسبة الرضا عن أداء رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، ونسبة التصويت المحتملة له أرفع من تلك الممنوحة على التوالي لقيس سعيد ومنصف المرزوقي والباجي والغنوشي وغيرهم. رئيس الحكومة لا يتوانى عن إصدار القرارات الموجعة واتباع سياسة لا تحظى بالإجماع ويتعرض إلى حملات تشويه شبه منظمة من خصومه وأعدائه ولا يكاد يتجاوز محنة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية حتى يصطدم بأخرى ومع هذا سيكون رئيس الجمهورية القادم لو قدّم ترشحه لانتخابات تنتظم اليوم. الشاهد قادر على رفع أسهم أي حزب متى أعلن انتماءه له رسميا لهذا لم يتوان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عن دعوته إلى الالتحاق مجددا ب»النداء»، قبل أن يخاطب المؤتمرين غداة افتتاحه مؤتمر «نداء تونس» بقوله: «أطلب منكم رفع تجميد عضوية رئيس الحكومة في نداء تونس، وإعادته إلى الحزب، ففي ذلك خير للحزب وخير لتونس…».ولكن ما الذي يرفع أسهم الشاهد؟. بديل لخصومه يستفيد الشاهد من عديد العناصر المتداخلة، فالبعض من التونسيين غاضب منه ولكنه غاضب أكثر على خصومه المحتملين، وبعضهم الآخر لا يعتبره الرئيس الأمثل لكنه لا يجد مرشحا للرئاسة أفضل منه، وبعضهم الآخر يشعر بالمرارة إزاء بعض قراراته لكنه مقتنع بضرورتها رغم إيلامها. الشاهد يملك أيضا صفات وشروطا ضرورية لرئيس الدولة لا تتوفر مجتمعة لدى سياسيين آخرين مثل قوة الشخصية والكاريزما والإصرار والتحدي والقدرة على المناورة والدهاء السياسي بالإضافة إلى صغر السن في وقت يعزف فيه الناخب (في العالم) عن شيوخ السياسة. الشاهد يستفيد كذلك من الحكم رغم عجزه عن استمالة الناخبين بتقديم الإغراءات والتسهيلات، ويستفيد أكثر من توجه جانب من الأنظار إلى الخصومات الجانبية كتلك القائمة حاليا بين المحافظين والحداثيين وتلك التي تزداد شدة بين الثوريين (الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي والحراك وجانب من النهضة) وبين ما توصف ب»الثورة المضادة» (أتباع عبير موسي في الحزب الدستوري الحر)، ومهما زاد في إغضاب الناخبين فسيجد جزءا هاما منهم يتسابقون على التصويت له حتى يكون لبعضهم بديلا للباجي وللبعض الآخر بديلا للغنوشي ولبعضهم الثالث بديلا للمرزوقي ولبعضهم الرابع بديلا لعبير موسي. آخر نتائج سبر الآراء أظهرت آخر نتائج سبر الأراء لدى مختلف المؤسسات المختصة تقدما واضحا للشاهد على حساب منافسيه المحتملين على كرسي رئاسة الجمهورية فحسب آخر سبر للآراء أجرته «الشروق» فإن الشاهد يحتل الصدارة بنسبة تصويت في حدود 20 بالمائة. وحسب مؤسسة سيغما كونساي فإن رئيس الحكومة يتقدم منافسيه وخاصة منهم أستاذ القانون الدستوري بنسبة تصويت لا تقل عن 19،3 بالمائة. وحسب مؤسسة إمرود كونسلتينغ، فإن الشاهد يحافظ على تقدمه بنسبة تصويت في حدود 13،3 بالمائة رغم أنه لم يعلن بعد عن نيته للترشح.