يوما بعد آخر تتفاقم ازمة العقارات في تونس. ومعه تتضاعف مؤشرات الانهيار الاقتصادي وفقا للخبراء الاقتصاديين فأزمة العقارات تعني أزمة سيولة في البنوك وتعني ازمة في جلّ القطاعات تقريبا. تونس الشروق تتضاعف أزمة العقارات في تونس بتضاعف أزمة المقدرة الشرائية للمستهلكين. فالعقارات المعروضة في السوق العقارية لا يمكنها بأي حال من الأحوال ان تكون في مستوى المقدرة الشرائية التي بات عليها التونسي اليوم. فهذا الأخير الذي فقد حوالي 88 بالمائة من مقدرته الشرائية وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي لا يبدو قادرا على اقتناء عقارات تجاوزت أسعار شققها (ثلاثة غرف وصالون) الثلاثمائة الف دينار. وتنفتح هذه الازمة على مزيد من التطورات خلال عام 2021 حيث سيتم الترفيع في نسبة القيمة المضافة الموظفة على النشاط العقاري من 13 بالمائة (النسبة الحالية) الى 19 بالمائة بداية من غرة جانفي. وكان الترفيع في هذه النسبة خلال عام 2016 قد اسهم في زيادة أسعار العقارات بما يناهز 500 دينار في المتر المربع الواحد. الحلم المستحيل لأشهر طويلة استمرّ فتحي، موظف حكومي، في البحث عن فرصة ملائمة لاقتناء مسكن. «ادمنت البحث عبر المواقع الاكترونية التي تنشر عروضا لبيع الشقق الجديدة وقد شعرت بالذهول الشديد تجاه الأسعار فالشقة المتكونة من غرفتين وصالون لا يقل سعرها عن 260 الف دينار اما الشقة المتكونة من ثلاثة غرف وصالون فاقتناؤها اصبح شبه مستحيل وهي التي لا تقل ادنى أسعارها عن 300 الف دينار. هذه الأسعار تصل الى 700 الف دينار في بعض المناطق في العاصمة». ويضيف فتحي وهو يشبك يديه ضاغطا على أصابعه «الأسعار الحالية في اعقادي لا تخضع لاي مقاييس فالموظف الحكومي الذي يحصل على راتب شهري يناهز الالفي دينار لا يستطيع اقتناء هذه المنازل باعتبار وان سقف القرض السكني الذي يستطيع الحصول عليه هو 120 الف دينار وإذا ما اضفنا راتب الزوجة فإن سقف القرض المتحصل عليه بصفة تشاركية لا يتجاوز 240 ألف دينار أي اننا غير قادرين على اقتناء شقة بغرفتين وصالون. انا اتعجّب من سلطة تبدو عاجزة عن وضع حدّ لهذه الازمة بل اشعر انها مثلنا تتفرج على الأزمة مشدوهة في الوقت الذي كان يجب عليها إيجاد حل لوقف هذا النزيف في الأسعار». هكذا إذن لا تبدو أسعار العقارات المعروضة للبيع تتلاءم والمشهد الاستهلاكي الجديد في البلاد والذي انهارت فيه كل المؤشرات الخاصة بالمستهلك فارتفاع الأسعار أسهم في تراجع المقدرة الشرائية كما ان موجة الغلاء شملت كل القطاعات تقريبا واذا ما اضفنا اليها الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وخاصة الانهيار الشديد لقيمة الدينار في سوق الصرف (بلغ 3 دنانير مقابل الدولار الأمريكي و3.4 مقابل الأورو) يمكن فهم هذه الازمة الدوّامة والتي قد تأتي تداعياتها على الاقتصاد برمّته. فالباعثون العقاريون تحت ضغط الخيار الذي انتهجوه في طبيعة المشاريع العقارية المعدة للسكنية (شقق فخمة) وتحت ضغط انهيار قيمة الدينار يجدون انفسهم ينتجون مادة غير قابلة للهضم والاستهلاك وهي لا تتلاءم بكل حال من الأحوال مع مقدرة التونسي اليومي الامر الذي يدفع نقابة الباعثين العقاريين الى البحث عن حلول بديلة منها فتح السوق العقارية التونسية للأجانب لاقتناء العقارات وبالتالي الغاء رخصة الوالي بالنسبة للدول التي تجمعنا معها اتفاقيات وهما ليبيا والجزائر وكذلك توقيع اتفاقيات مع الخليجيين في هذا الاتجاه. تورط الدولة انخرطت الدولة بدورها في تشييد عقارات بالمواصفات الجديدة (فخمة) غير قابلة للهضم والاستهلاك من قبل المستهلك التونسي وبالتالي هي مجبرة على ترويجها بأسعار مماثلة وهكذا باتت البنوك محاصرة بأزمة سيولة سواء من قبل الباعثين العقاريين الخواص او من قبل الشركات العقارية الحكومية. وتبدو البنوك الحكومية اكثر عرضة للمخاطر خاصة وانها تقدم قروضا سكنية بنسبة فائدة مرتفعة جدا مقابل البنوك الخاصة فالبنك الوطني الفلاحي يقدّم قروض سكن بنسبة 4.5 بالمئة بالاضافة الى نسبة الفائدة المديرية في المقابل لا تتجاوز هذه النسبة 2.5 بالمائة في البنوك الخاصة. وبالتالي تنفتح ازمة العقارات على أزمات أخرى جديدة قد تكون عنوانا لانهيار اقتصادي وفقا لخبراء الاقتصاد. وقد فشل البرنامج الحكومي الذي اقرته الدولة (السكن الأول) في حلحلة هذه الازمة باعتبار عذم التكافؤ بين الأسعار المعروضة للبيع وبين مقدرة التونسي امام نسبة فائدة متحولة في البنوك تحت ضغط الازمة الاقتصادية. وفي تفسيره لهذه الازمة يقول فهمي شعبان نقيب الباعثين العقاريين إن المهنة كانت ضحية لعدة احكام جبائية منها الاخضاع للقيمة المضافة والزيادة في معاليم التسجيل والزيادة في أسعار المواد الأولية والمواد المصنعة والنصف مصنعة وارتفاع أسعار مواد البناء ومواد المقاطع وتراجع المقدرة الشرائية للمواطن. وتطالب المهنة بمراجعة بعض هذه الاحكام ومراجعة معاليم الاستهلاك والمعاليم الديوانية للمواد الأولية لحماية القطاع وانعاش الاستثمارات العقارية وحماية مواطن الشغل في القطاع وتمكين المؤسسات من تسديد التزاماتها للبنوك لتفادي ازمة السيولة. حوافز جبائية تقترح المهنة إقرار نسبة فائدة تفاضلية للقروض العقارية من خلال تخصيص خط تمويل خاص بالقروض السكنية وذلك قصد خلق حركية واضفاء ديناميكية في القطاع وبالتالي تعميم الفائدة على الاقتصاد الوطني وكذلك التخفيض في نسبة التمويل الذاتي من 20 الى 10 بالمئة من قيمة السكن والتمديد في مدة سداد القروض المباشرة من 20 سنة الى ان تكون السن القصوى مفتوحة وان لا تتجاوز 70 سنة. كما تطالب المهنة بالتراجع عن مقترح الترفيع في نسبة الأداء على القيمة المضافة (مقترح 19 بالمئة) المزمع الانطلاق في تطبيقه غرة جانفي 2021 وإقرار نسبة لا تتجاوز 7 بالمئة على بيع العقارات. وتقترح أيضا اعتماد التسجيل بالمعلوم القار ب100 دينار على البنايات الجديدة المنجزة من قبل الباعثين العقاريين وإلغاء جميع الاحكام المخالفة لذلك وكذلك الغاء الزيادة في معاليم الاستهلاك الموظفة على مواد الخزف والرخام الواردة في قانون المالية لسنة 2018. كما يطالب اهل المهنة بالتخفيض في نسبة الأقساط الاحتياطية (90 بالمئة) وهي ضريبة مرتفعة وفقا لاهل المهنة «حيث تؤدي إلى ارتفاع فوائض الضريبة وتؤثر على سيولة الشركات وخاصة الصغيرة والمتوسطة منها. لذلك وأخذا بعين الاعتبار للوضع الاقتصادي الدقيق لبلادنا (التضخم، والصعوبات في العديد من القطاعات، وانخفاض هوامش ربح الشركات، وانخفاض القوة الشرائية ...) وازدياد عزوف البنوك عن تمويل الشركات فإننا نقترح أن لا تتجاوز نسبة الأقساط الاحتياطية 30٪ كحد أقصى» وفقا لفهمي شعبان. كما يطالب اهل المهنة بحذف رخصة الوالي عند بيع العقار للأجانب وذلك في اطار انفتاح تونس على محيطها الإقليمي والدولي وكذلك تقديم حوافز جبائية للمواطن بهدف تشجيعه على الادخار السكني واقتناء المساكن الجديدة. في المحصلة لا تبدو الازمة في طريقها الى الحل على الأقل خلال السنتين المقبلتين حيث تشير المؤشرات الأولية الى زيادات أخرى إضافية في أسعار العقارات مع انطلاق تفعيل الزيادة في نسبة الأداء على القيمة المضافة بداية من العام 2021. ويحذر الخبراء الاقتصاديون من استمرار هذه الازمة باعتبارها عنوانا للانهيار الاقتصادي. نجيب السنوسي (مدير عام الإسكان) قريبا حركية في برنامج السكن الأول تونس الشؤوق أسماء السكن مرتبط عموما بالعديد من العناصر أولها الأرض الصالحة للبناء لاجل هذا تمت مراجعة مجلة التهيئة الترابية وقد اعدت وزارة التجهيز مشروع مجلة جديدة تم عرضه مؤخرا في يوم دراسي. ابرز إجراءات هذا المشروع هو التسريع في اجال مراجعة امثلة التهيئة العمرانية والتي كانت تصل الى اربع وخمس سنوات وبالتالي هذه مسالة كانت تعرقل تخصيص الأراضي الصالحة للبناء وبالتالي نصّ المشروع الجديد على تبسيط إجراءات هذه المراجعة للحد من مجمل العراقيل من ذلك المراجعات الجزئية للامثلة العمرانية بالشراكة مع البلديات. وكذلك مراجعة التراتيب العمرانية وجعلها تتلاءم مع التطورات العمرانية علما وان المتدخل الرئيسية في المخزون العقاري الخاص بالاراضي الصالحة للبناء هي الوكالة العقارية للسكنى. وقد اعدت الوكالة خطة مستقبلية للتدخل في مختلف الجهات ولتوفير 10 آلاف مقسم اجتماعي خلال السنتين المقبلتين علما وان الوكالة توفر 15 بالمئة من احتياجات الأراضي الصالحة للبناء. كما اننا نسعى لخلق ديناميكية للشراكة بين البلديات، خاصة بعد سن قانون الجماعات المحلية، والخواص لاحداث تقسيمات اجتماعية او مزدوجة. اما بالنسبة لتوفير المساكن فإنّ 80 بالمئة من المساكن تتم من طرف العائلات والبقية من قبل الباعثين العقاريين عموميين كانوا او خواصا أي بمعدّل 80 الف مسكن سنويا. وحاليا هناك 2600 مسكن في طور الإنجاز من قبل الباعثين العقاريين العموميين وهم سبرولس وسنيت وكالة التهذيب والتجديد العمراني. وأسعار المساكن المعروضة للبيع من قبل هذه الشركات هي في حدود 140 الى 160 الف دينار في مناطق روّاد والمروج وغيرها. صحيح انه هناك صعوبة في اقتناء مسكن بالنسبة للتونسي وهذا يعود الى تدهور المقدرة الشرائية مقارنة بكلفة المساكن لاجل هذا احدثنا برنامج السكن الأول لمساعدة التونسي على اقتناء مسكن وسيشهد هذا البرنامج حركية خلال الأشهر القادمة خاصة بعد مراجعة الامر المنظم له في جانفي الماضي. والفئة المستهدفة بهذا البرنامج هي من يتراوح دخلها بين 4.5 و12 مرة الاجر الأدنى المضمون كما تم ادخال فئة غير المتزوجين على ان تتراوح دخلها بين 4.5 و10 مرات الاجر الأدنى. وعدّلنا شروط قروض التمويل الذاتي ورفّعنا في سقف المساكن الممولة لتصل الى 220 الف دينار دون اعتبار الأداء على القيمة المضافة. وقد انتفع بهذا البرنامج الى حد الآن 850 شخصا اقتنوا منازلهم وفقا لهذا البرنامج وقد كنّا نأمل في التوصّل الى 5 آلاف منتفع وقريبا سيجد هذا البرنامج طريقع الى الحركية. اما بخصوص الترفيع في نسبة الأداء على القيمة المضافة مطلع 2021 فإننا كنّا قد أجلنا الترفيع فيها ولكننا ما نزال في مرحلة الدراسة والنقاش مع وزارة المالية ومع غرفة الباعثين العقاريين وسنتوصّل الى حلول تقلّص من الضغط على هذه الفائدة.