كانت أنهج الحلفاوين إلى بطحاء باب سويقة مسرحا لأجيال من الفنانين والفنّانات كان الغناء لديهم رسالة لتثبيت الهويّة التّونسيّة كفتحية خيري وشافية رشدي، كما احتضنت بدايات العديد من الأصوات التونسية على غرار علي الرياحي وصليحة والهادي الجويني وكذلك إبن الحلفاوين الألمعيّ الفنّان الفكاهي صالح الخميسي. ولا يمكن بحال أن ننسى نهج القنطرة العريق، نهج الأجواق الموسيقيّة المتكوّنة من فنّانين مكفوفين . وتتميز بطحاء الحلفاوين بجملة من الوجوه التي أثرت في تاريخها المعاصر مثل المرحومين سيدي علي بن الخوجة إمام جامع صاحب الطابع والحاج الفتني أمين الحمامجية وأولاد الجيّد حمّودة معالي والدكتور أحمد بن ميلاد وأحمد بن فريجة وعائلة التمار وعائلة زبير والهادي التركي والمنجي سليم وغيرهم كثير من القياديين والشّخصيّات الطّريفة من جماعة تحت السّور. ولا ننسى أيضا في هذا الخصوص مطابع الصّحف في بداية نشأتها، حيث كانت مقرّاتها في المربّع المتّقد حيويّة والمعروف بالمربّع باب سويقة، فأعلام الصّحافة الهزليّة التّونسيّة كانوا هناك كمحمد بن فضيلة صاحب جريدة «الوطن» والصحفيين بيرم التّونسي وحسين الجزيري. يعد صالح الخميسي المولود في الحلفاوين والذي اختار العيش فيه من أن يكون شاهدا على عصره من خلال نقله لنماذج وظواهر اجتماعية تميّز بها مجتمعه آنذاك، بطريقة ساخرة ولاذعة. ويعود التزامه هذا إلى انضمامه إلى جماعة تحت السور وهي مجموعة من المثقفين الذين اجتمعوا بمقهى تحت السور بحيّ "باب سويقة" بالعاصمة التونسية ما بين أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي إلى 1943. ومن أشهر أعلامها على الدو عاجي ومصطفى خريّف ومحمود بيرم التونسي. عكست أغنياته المظاهر الاجتماعية لمجتمعه طيلة الثلاثينات والأربعينات التي سخر منها ونقدها بشدّة في أغان مثل "الدقازة" وحبوني ودللت" أو "تدوير الدم ولا الهمّ". كانت طريقة الخميسي مميّزة فهي مضحكة ولكنّها ذات رسالة جادة رغم سخريتها اللاذعة. لقد كان حضور صالح الخميسي متوهجا بشكل لافت في ليالي رمضان ببطحاء الحلفاوين من خلال مساهمته الفاعلة في تنشيط السهرات من خلال ما يقدمه من ابداعات غنائية ذات طابع خفيف وساخر ومرح جعلت منه احد الأصوات التي كتبت بأحرف من ذهب تاريخ الحلفاوين الفني في شهر رمضان على وجه الخصوص في ثلاثينات واربعينات القرن الماضي. يتبع