مرصد المياه: تراجع نسبة امتلاء السدود إلى حوالي 27،4 بالمائة    مباراة ودية (اقل من 23 سنة): المنتخب التونسي يفوز على نظيره العراقي    عودة مئات آلاف النازحين إلى شمال القطاع وسط جهود حكومية لإعادة الخدمات وبسط الأمن    تأجيل محاكمة رجل الأعمال رضا شرف الدين لجلسة 24 أكتوبر    سوسة: عروض تونسية وإيطالية تُثري ليالي مهرجان أكتوبر الموسيقي    المهدية : انطلاق مشروع طموح لتطوير القصر الروماني بالجم    وزير التجارة يدعو الى استكشاف وجهات جديدة للترويج لزيت الزيتون والتمور    حافظ القيتوني مدربا جديدا للألمبي الباجي    ما تنساش: مقابلة المنتخب الوطني يوم الإثنين على الساعة 14:00!    احذر: المياه البلاستيكية تنجم تولي سامة بعد هذا الموعد!    قطاع غزة: 9500 مواطن لا يزالون في عداد المفقودين    والد عبد الكريم النفطي في ذمة الله    250 مؤسسة من 19 دولة في الصالون الدولي للنسيج بسوسة    وزارة التجهيز: ''QR-Code'' يسهّل على الأجراء شراء السكن!    عاجل: الأمطار ترجع لتونس هذا الأسبوع وتحذيرات للشمال والساحل    دعتهم للحضور يوم 14 أكتوبر: استدعاء رسمي للمعلّمين المقبولين في التربية البدنية!    هذا عدد شاحنات المساعدات التي تنتظر الدخول الى غزة..#خبر_عاجل    عاجل: الإغلاق الحكومي الأمريكي يهدد أكثر من 4 آلاف موظف اتحادي    هل يتمكن فضل شاكر من الحصول على''إخلاء سبيل مشروط؟''    ديسمبر 2025: ادراج طب الشيخوخة كاختصاص قائم بذاته    3 حاجات رد بالك تشاركهم مع الآخرين    قابس: المجلس المحلي بقابس المدينة يطالب بتفكيك الوحدات الصناعية الملوثة للمجمع الكيميائي التونسي    التونسي علي كنيس مازال رهن احتجاز الاحتلال ضمن 47 مشاركا في أسطول الحرية    كميات البذور الممتازة المجمعة موسم 2025-2026 تسجل ارتفاعا ملحوظا مقارنة بالموسم الفارط –المرصد الوطني للفلاحة-    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والاتحاد الأوروبي يطلقان، بعد غد الاثنين، آلية تمويل الاقتصاد الأخضر في تونس    استعدادا لكأس العالم 2026 - فوز الأرجنتين على فنزويلا وتعادل أمريكا مع الإكواتور وديا    المهدية:أول إقامة ريفية ووجهة للسياحة البديلة و الثقافية في طور الانجاز    عاجل: ترامب يصدم الفائزة بجائزة نوبل بعد أن أهدتها له    عاجل/ قضية ذبح خرفان مريضة بمسلخ بلدي: هذا ما قرره القضاء في حق الموقوفين..    الرابطة الثانية: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الرابعة ذهابا    من دون دواء..علاج سحري لآلام المفاصل..    البيت الأبيض: ترامب يغادر غدا نحو فلسطين المحتلة ثم مصر    صفاقس تستقبل 7 حافلات جديدة : تفاصيل    تونس تتحصّل على جائزة One Health Award 2025    الطقس اليوم: سحب وأمطار خفيفة بالشمال والوسط ورياح قوية في الجنوب    عاجل : إيقاف لاعب تنس مشهور أربع سنوات و السبب غريب    عاجل : الفرجة بلاش ... منتخب تونس لأقل من 23 سنة يواجه العراق اليوم    الدورة الثالثة لمعرض " لمة الصنايعية " من 16 الى 18 أكتوبر الجاري بتونس المدينة    عاجل/ الإعلان عن انطلاق مشروع جديد لدعم تشغيل الشباب في هذا القطاع..    وزارة الفلاحة:اجتماع لعرض محتوى التّقرير الوطني لقطاع المياه لسنة 2024 في نسخته النهائية    كيف تتعامل مع الخوف من الطيران؟ خبيرة نفسية تشرح الأسباب والحلول    دوز تحتفي بالشعر الغنائي    جندوبة: استراتيجيا جهوية للحفاظ على الغابات من التصحر والتغيرات المناخية    على طريقة الجمعيات الرياضية وببادرة من أوركسترا لسوليست...لأول مرّة اشتراكات سنوية لعشاق الموسيقى السمفونية    تصفيات كأس العالم 2026: المنتخب التونسي في فسحة هجومية يمطر شباك ساوتومي بسداسية نظيفة    اقتحام معهد في سليانة وسرقة هواتف تلاميذ: الاحتفاظ بمشتبه بهم    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    تطور جديد في أزمة شيرين عبد الوهاب بعد اتهامها بالسبّ والقذف..شنيا الحكاية؟    عاجل: انطلاق The Voice رسميًا في هذا التاريخ... مفاجآت بالجملة!    غرفة التجارة والصناعة لتونس تفتح مناظرة خارجية    عاجل/ ضربة موجعة لمروجي المخدرات..    الاطاحة بعصابة لسرقة المنازل بهذه الجهة..    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    وقت سورة الكهف المثالي يوم الجمعة.. تعرف عليه وتضاعف الأجر!    الميناء البوني بالمهدية... ذاكرة البحر التي تستغيث    الجمعة: أمطار رعدية بهذه الجهات    أخطار التنازع والاختلاف على وحدة المسلمين    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسلسلات رمضان..عنف واستهتار...من أجل الاشهار
نشر في الشروق يوم 15 - 05 - 2019

يتوفّر للمشاهد التونسي في رمضان هذا العام كمّ من الإنتاج الدرامي والكوميدي في تنافس بين 5 قنوات بينها القناة الوطنية الأولى. كمّ لم يوفّر الجودة المنتظرة لتنحصر المشاهد بين فقر النص وعنف التصوّر؟
تونس الشروق:
بعد الإفطار لم يعد التونسيون يتجمعون حول قناة واحدة لمتابعة انتاج هزلي وإنتاج درامي تحتكرهما القناة الوطنية وهو الحال الذي استمرّ عليه واقع الإنتاج الدرامي والكوميدي في تونس لسنوات طويلة. ففي رمضان هذا العام تُعرض على التونسي 6 مسلسلات و4 سلسلات هزلية في 5 قنوات هي قناة كارطاج+ ونسمة والتاسعة والحوار التونسي والوطنية الأولى. فيما يفوق عدد القنوات العشر وهي وليدة هذا الوجه التونسي الجديد منذ العام 2011
وهي أيضا وليدة حرية التعبير وحرية الصحافة التي تُزهر في البلاد منذ هذا التاريخ. فكيف هو الإنتاج الدرامي لهذا العصر الذهبي؟
استحسان الكم
هذا الكم من الإنتاج يستحسنه التونسي بلا شكّ فهو امر طال انتظاره أولا وثانيا هو فاتحة للتنافس حول الجودة. وهو سوق حديثة تصطدم بواقع فقر النص وكتابة السيناريو. فالسيناريوهات المعروضة للمشاهدة خلال هذه الأيام حاولت عكس الواقع بفقر في الحوار وفقر في الرسائل التي يتوجب توجيهها لمعالجة الإشكالات الاجتماعية القائمة. وفي الغالب تعالج الإنتاجات الدرامية قصصا مجتمعية تنتهي بإرسال رسائل إيجابية للمتلقّي. لكن العنف المصوّر في الانتاجات الدرامية هذا العام يسوّقه كنموذج ولا يعالجه.
وتلاقي الانتاجات الدرامية لهذا العام رغم تنوعها انتقادات واسعة خاصة في علاقة بمسلسل «أولاد مفيدة» نظرا لكمّ العنف الذي تضمنه وهو الامر الذي دعا الى تدخل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري «هايكا» واجبار القناة على تأخير بث المسلسل الى ما بعد العاشرة ليلا ثمّ ضرورة الإشارة الى انه تُمنع مشاهدته من قبل الأطفال دون 12 سنة. وكان ردّ القناة حذف بعض المشاهد حتى يتسنّى لها بث المسلسل في وقتها نظرا لالتزاماتها مع المستشهرين. ويدافع أصحاب هذه المشاريع الدرامية عن فكرتهم ونصهم باعتبارها جزءا من الواقع التونسي. ونظريّا لهم الحق في هذا التبرير فالمجتمع يزخر بالظواهر المجتمعية التي يمكن ان تكون مضمونا ج
يدا لمسلسل تليفزيوني بهدف معالجتها ومنها نذكر ظاهرة الإدمان إذ تقول ارقام إحدى الدراسات ان نسبة الإدمان بلغت 70 بالمئة بين التونسيين ما بعد الثورة وان 60 بالمئة من المدمنين هم من الفئة العمرية 13-18 سنة وان 30 بالمئة من المدمنين فتيات وان هذه النسبة ترتفع الى 40 بالمئة في المعاهد الثانوية والجامعات وان «الزطلة» او القنب الهندي هي اشهر أنواع المخدرات وأكثرها استهلاكا في صفوف الشباب.
هذه الأرقام المفزعة كانت لتلاقي طريقها للطرح الجيد بهدف معالجتها لو كُتِبت بنص جيّد ولكن الشكل الذي يطرحه مسلسل «أولاد مفيدة»، باعتباره الأكثر عرضة للنقد، لا يعالج الظاهرة بقدر ما يسوقها كنموذج قد يتاثر به الشباب والمراهقون.
ارهاق المشاهد
هناك مشاهد أخرى لا تسوق رسائل إيجابية وجيدة خاصة لفئة الأطفال والمراهقين فتصوير مشهد مدته حوالي دقيقة في السلسلة الهزلية «قسمة وخيّان» حول كيفيّة تدخين السيجارة هو مشهد مجاني لا يمكنه ان يقدم باي شكل من الاشكال إضافة الى معارف المتلقّي بقدر ماهو مشهد مخالف للقانون فتونس تخوض منذ 10 سنوات معركتها من أجل مكافحة التدخين. وسنّت قانونا للغرض يجرّم الاشهار للتدخين في الأماكن العمومية. وسلطت عقوبات على المخالفين الا أن الكثير من المشاهد التلفزية التي يتم عرضها خلال رمضان الحالي لا تحترم هذا القانون. بل هي تروج بشكل مباشر للتدخين.
كما أن أغلب الانتاجات الرمضانية المعروضة لا تقترب من الواقع التونسي. فمسلسل «مشاعر» مثلا الأكثر مشاهدة، وهو انتاج سيتواصل عرضه ما بعد شهر رمضان هو سابقة في الإنتاج الدرامي في تونس، لا يقترب من الواقع التونسي في شيء وهو الذي يخضع بدوره الى المنطق التجاري الذي تخضع له المسلسلات التركية المروجة في السوق العربية ومنها تونس عبر قناة «نسمة». ففي «مشاعر» ليس هناك قصّة تترجم مشكلا ما في البلاد وتسوّق لأنموذج يحتذى .
وحتى من حيث المتعة والترفيه لم توفر الانتاجات المعروضة المتعة التي يستحقها مشاهد أمضى يومه صائما ويحتاج الى منتوج يرفه عنه فإلى جانب السطحية في طرح المواضيع هناك رسائل سلبية يتم تمريرها فالعنف اصبح أيضا مادة للتندر والضحك وهو ما يفسر محاولة اضحاك المشاهد بترعيب شخصية فنية او إعلامية او سياسية بحبسه مع إرهابي وتهديده بحزام ناسف وفي غفلة منّا تمر رسالة الفنان محسن الشريف المعروف بتطبيعه مع الكيان الصهيوني وهو يقول «انا تتمس منّا شعرة الدنيا تتقلب عليكم». ما هذا؟ ما كل هذا الابداع الفنّي الذي نعيشه في زمن الحرية والابداع؟ يحصل هذا بعد مضي حوالي 10 سنوات على الثورة ويُفترض ان الحرية اشتدّ عودها بعد هذه السنين وان الفرصة باتت متاحة للابداع والتميز وليس تأبيد الظواهر الاجتماعية السيئة بالتسويق لها وجعلها نموذجا يحتذى .
فالفن يعني الابداع والخلق وهو بالضرورة لا يعني الصورة والسطحية من اجل جلب المستشهرين. وبعض المسلسلات المطروحة تعكس نظرية أصحابها في معالجة الواقع الاجتماعي. وهي نظريات سطحية لا عمق فيها بل إنها قد تعكس مثلا «حالة نفسية» لأصحابها. فالعنف والإرهاب والرعب ليس مادة للتندّر او الترفيه في شهر رمضان. ويمكن لهؤلاء ان يصلوا الى المشاهد ويقنعوه بإنتاج افضل من المعروض حاليا باستثناء بعض الانتاجات التي فيها عمل جدّي مثل مسلسل «المايسترو».
نجلاء عرفة (باحثة في علم الاجتماع وناشطة في المرصد الاجتماعي التونسي)
دراما التصالح
مع «البانديّة»
تونس الشروق أسماء
قالت نجلاء عرفة الباحثة في علم الاجتماع والناشطة في المرصد الاجتماعي التونسي ل»الشروق» إنّ الدراما التونسية تعكس حالة العنف في المجتمع. وهي تزيد من تأجيجها وهكذا تستمر دوّامة التأثّر المسترسل من رمضان الى آخر باعتبار الإنتاج الكمّي للدراما التونسية في رمضان.
كما قالت إنّ الدراما سمحت بظهور نموذج العنف في الواقع من ذلك زيادة الوشم في صفوف الشباب والمراهقين وزيادة اللغة الجسدية للشباب تقليدا لطريقة مشي وتخاطب ابطال مسلسلات العنف وكذلك تنامي العنف اللفظي في صفوف الشباب والمراهقين. وأوضحت ان هناك خلطا عموما بين الدراما والواقع. فالتونسي ينظرالى المسلسلات المصرية والتركية وغيرها على أساس انها عمل درامي فيه قصة فنية. اما المسلسلات التونسية فهو ينظر اليها على أساس انها واقعه. والمؤسف ان هذه المسلسلات تستوحي العنف من المجتمع وتعيد إنتاجه مرة أخرى والمشكل إذن في كيفية طرح قضايا العنف عبر الدراما فالتناول بدا ضعيفا وسطحيا ولا يقدّم مقاربة او
مقترحات حلول لاصلاح الجريمة مثلا والفعل الاجرامي لدى الناشئة، طبعا مع استثناء مسلسل «المايسترو» رغم مشهد العنف اللفظي الوارد فيه في حلقة مساء امس الأول الاثنين»، وبالتالي أبدت هذه المسلسلات تعاطفا مع «الباندي» خاصة لدى الناشئة وهي الشريحة العمرية الأكثر تأثرا بهذا المنتوج خاصة انها شريحة لا تجيد التعبير.
والتعاطف مع العنيف والمجرم و»الباندي» يعني ان تتمنى في نهاية المشاهد ان ينجو هذا البطل وبالتالي يفقد المتلقي القدرة على التفريق بين الشر والخير وبين الخطإ والصواب.
هذه المنتوجات لا يمكنها بأي حال من الأحوال ان ترتقي بالمتلقي وتعطيه الرسالة الإيجابية والجيدة وبالتالي هي تشدّ المجتمع برمّته الى الانحطاط فمنتجو هذه المسلسلات لم يتركوا للمتلقّي فرصة اختيار ما يودون مشاهدته بل هم فرضوا نمطا من الدراما التي تعالج المشاكل المجتمعية الحقيقية بشكل سطحي او ربّما تتسبب في مضاعفتها. هذا الى جانب استمرار النظرة الدونية للمراة في الدراما التونسية فهل يعقل ان ترد مثل هذه الجملة «نحن خذيناهم ولمّيناهم» في سيناريو مسلسل يتابعه الآلاف في زمن الحرية والمساواة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.