محضر رسمي وتحقيق بعد حادثة حرق في مترو الخط 4    ما الذي يحدث فعلاً في الاقتصاد الفرنسي؟    السعودية.. إعدام مواطن أدين بتهريب المخدرات    مالي: المجلس العسكري يتهم "قوى أجنبية" بالتخطيط لزعزعة استقرار البلاد ويعتقل عسكريين ومدنيين    "نيويورك تايمز": قمة ألاسكا انتصار لروسيا حتى لو لم تحرز أي تقدم في ملف أوكرانيا    عاجل من واشنطن: تسريح 300 ألف عامل من الوظائف الحكومية    لقاء حاسم بين ترامب وبوتين اليوم وسط تصاعد المخاوف بشأن أوكرانيا    الترجي الرياضي يعلن..#خبر_عاجل    عاجل: لاعب الافريقي الجديد جاهز للعب ضد النجم الساحلي    أفروباسكات رجال : على أي قنوات وفي أي وقت يمكن مشاهدة مباراة تونس ونيجيريا ؟    طقس متقلّب: من نهار سخون إلى أمطار رعدية في بعض الجهات    بلاغ هام لوزارة التربية..    جريمة شنيعة: مقتل طفل على يد زوج والدته..وهذه التفاصيل..    توقعات الطقس: أمطار غزيرة ورياح قوية في بعض المناطق    الرّهان على الثقافة    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    بسبب الذكاء الاصطناعي.. هذه الوظائف ستختفي بحلول 2050    كارثة طبية في الأرجنتين.. دواء مسكن ملوّث يقتل96 شخصا    الولايات المتحدة.. مطالب بتحقيق في مجلس الشيوخ حول محادثات "ميتا" مع أطفال    "عضة خفاش" تحيل نجم المصارعة على المستشفى    وزارة الصحة الكويتية تعلن ارتفاع حالات التسمم والوفيات الناتجة عن مشروبات كحولية ملوثة    منشور حول الإعفاء العمري في السنة الاولى    الأولمبي الباجي يتعاقد مع اللاعب محمد أمين الذويبي لمدة موسمين    في عرض لأول مرة...«غناية ليك»باقة فنيّة إبداعية    صفاقس .. في الدورة الثالثة لمهرجان القرب... طينة تهتزّ على إيقاع الفرح    عاجل: مهرجان قرطاج يكرم الفنان الكبير الفاضل الجزيري    خطبة الجمعة...التوسّط في الإنفاق ونبذ الإسراف والتبذير    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    وعد ووعيد.. حرب من الله ورسوله    خطير: محاولة إضرام نار داخل عربة مترو رقم 4 وشركة النقل تندد وتتوعد    الترجي الرياضي التونسي : جزائري-فرنسي في خطة مدير رياضي    وزير الصحة: تونس جاهزة لتكون قطبًا إفريقيًا في إنتاج الأدوية واللقاحات    عاجل/ "رؤية إسرائيل الكبرى": بيان إدانة شديد اللهجة من تونس على تصريحات نتنياهو    عاجل: إلغاء عرض 'كي-ماني مارلي' في مهرجان قرطاج وتكريم الفاضل الجزيري    عاجل/ حفظ هذه التّهم في حق سليم شيبوب    حجز وإتلاف مواد غذائية ومياه غير صالحة للاستهلاك في الكاف وبنزرت وجندوبة    وزير الخارجية يتسلم نسخة من أوراق اعتماد سفيرة الدانمارك الجديدة بتونس    عاجل/ إلغاء التفرّغ النقابي: أوّل رد من إتحاد الشغل على منشور رئاسة الحكومة    توننداكس ينهي جلسة الخميس على وضع شبه مستقر في ظل تداول قرابة 8ر7 مليون دينار    وزارة الدّفاع الوطني تعلن أنّ حصّة التجنيد الثالثة لسنة 2025 تنطلق يوم 1 سبتمبر 2025    قبلي: تدخل طبّي أوّل من نوعه بالمستشفى المحلي بدوز يمكّن من انقاذ حياة مريض مصاب بجلطة قلبية    بلدية باردو تدعو متساكنيها الى ضرورة الانتفاع بالعفو الجبائي لسنة 2025    بإحتفالية "الدون": شيماء التومي تتأهل إلى نهائي دورة كازاخستان للتايكواندو (فيديو)    بورصة تونس: إطلاق تداول أسهم تأمينات البنك الوطني الفلاحي    طرشون يوضح: ''فكرة تقاسم الأعمال في الدار دراسة تربوية برك...ما فماش قانون معمول بيه''    وزارة التجارة تنفذ حملة ضد أجهزة التكييف المتاتية من السوق الموازية    النجم الساحلي: ثلاثي جديد على ذمة لسعد الدريدي في مواجهة النادي الإفريقي    تونس لم تسجّل إصابات بفيروس "شيكونغونيا" وتواصل مراقبة البعوض الناقل    عاجل : تفاصيل الإعلان عن مواعيد النتائج النهائية لمترشحي مراحل التكوين الهندسي لدورة 2025    بلاغ هام للطلبة..#خبر_عاجل    بنزرت: حجز عدد هام من التجهيزات الكهرومنزلية غير المطابقة للمواصفات    القيروان تحتضن الدورة الثامنة للمهرجان المغاربي ''للكسكسي''    نبيهة كراولي تختتم مهرجان الحمامات الدولي: صوت المرأة وفلسطين يصدح في سهرة استثنائية    مهرجان قرطاج الدولي 2025: صوفية صادق تغني في عيد المرأة ... بين وفاء الذاكرة وتحديات الحاضر    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    فظيع في القصرين :يقتل والده ويدفنه في المنزل !!    سعيد: لابدّ من العمل اليد في اليد للقضاء على الفقر والفساد    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدراما التونسية لا ترى في مجتمعنا إلاّ العنف والجنس!
نشر في الصريح يوم 28 - 06 - 2017

بدأ المهتمون بالأعمال التلفزية يبدون مواقفهم مما قدم من مادة درامية في شهر الصيام وشرعوا يقيمون فيما قدمته القنوات الفضائية الخاصة والعمومية من إنتاج وبرامج في رمضان هذه السنة في محاولة لرصد ما بقي في الأذهان من هذه الأعمال الفنية الابداعية التي تتكاثف في هذا شهر دون غيره من الشهور وينفق عليها أموالا طائلة و تنتج تخمة من الأعمال يصعب هضمها وتضع المتلقي أمام عملية هرسلة إعلامية وصعوبة في المتابعة وفهم ما يقدم.
فبالإضافة إلى أن الحيز الزمني الذي تشتغل فيه كل القنوات التونسية وتعرض فيه بضاعتها وتتنافس فيه فيما بينها هو حيز موسوم بأنه شهر العبادة والتقرب إلى الخالق والتفرغ إلى الطاعات والتخلص من بعض العادات السيئة لعل الكثير من الناس يرونها في التحلل من أسر الجلوس أمام التلفاز وتخير بدلا من ذلك الإهتمام بمسائل أخرى أهم يوفرها هذا الشهر فإن الأعمال التي قدمت تجعلك في عمومها الغالب تتساءل ماذا بقى منها عالقا في الذهن ومؤثرا ؟ وتجعلك أيضا تتساءل عن التطور الحاصل في الدراما التونسية وإلى أين هي سائرة ؟ وما هي الغاية التي ترمي إلى تحقيقها في علاقة ومقارنة بما كان ينتج ويقدم من أعمال درامية في زمن كانت فيه التلفزة العمومية هي المهيمنة على المشهد الإعلامي وفي وقت قل فيه وجود قنوات خاصة منافسة لها.
لا أحد ينكر أن الدراما التونسية قد حققت نقلة نوعية في السنوات الأخيرة بعد الثورة من حيث القضايا المثارة ومن حيث الوجوه الجديدة التي غيبت تقريبا غالبية الممثلين القدامى الذين سجلوا حضورهم في مرحلة هيمنة الإعلام العمومي بمسلسلاته الدرامية الشهيرة من سلسة أمي تراكي ناس ملاح إلى مسلسل خطاب على الباب مرورا بحلقات السبوعي وغير ذلك من العديد والعديد من الأعمال التلفزية التي ميزت مرحلة جميلة في حياة التلفزة التونسية في علاقتها بالمشاهد التونسي. كما لا أحد ينكر أن الدراما التونسية قد استفادت من تعدد المشهد السمعي البصري بدخول عديد القنوات الخاصة تجربة الإنتاج الدرامي وطرحها لقضايا كانت التلفزة العمومية تتجنب الخوض فيها حماية للذوق العام وحفاظا على حصانة الشعب من كل استفزاز أو إثارة قد تؤثر عليه خاصة في مواضيع دقيقة وحساسة كالعنف والجنس والمخدرات ولكن هذه النقلة وهذه الاستفادة التي تحققت اليوم ماذا خلفت وراءها ؟
في مقارنة بسيطة لما كان يبث من أعمال فنية في زمن ريادة الإعلام العمومي وما نراه اليوم من دراما مع هذا المد من الإعلام الخاص الذي استفاد كثيرا من سقف الحرية المتوفر بعد الثورة نلاحظ أن ما كان يشاهد في رمضان السنوات الفارطة وما ينتج من مسلسلات وأعمال درامية كان يقوم على تصور مختلف عن تصور قطاع الاعلام الخاص. تصور قوامه انتاج مسلسلات محبكة فنيا وخفيفة ومفيدة مضمونيا مع معالجة بعض مشاكل الواقع من دون تزييفه أو تضخيمه ومن دون مصادمة المتلقي بقضايا خطيرة ومعالجتها بطريقة مضخمة وصادمة فكانت تلك الأعمال في تلك الفترة متصالحة مع الشعب وتمكنت من إفادته بمادة اجتماعية خفيفة يستسيغها ويجد فيها نفسه فكانت أعمال في قالب مسلسلات هزلية واجتماعية وتشنشنات رمضانية تواصلت بعد رمضان في قال حكم تنتهي إلى معالجة الواقع وإصلاح المجتمع والتنبيه إلى بعض الظواهر المخلة بالسلوك وهذا التصور العام ذو البعد الاصلاحي التوجيهي التربوي هو تقريبا الذي نجده في الكثير من الأعمال التلفزية على غرار الحاج كلوف وخطاب على الباب وأمي تراكي وغيرها فكانت دراما هادفة وموجهة لتطوير المجتمع بعيدا عن الإثارة والابتذال وإرهاق المتفجر بمشاهد صادمة تقدم على أنها هي حقيقة المجتمع ولا حقيقة غيرها .
هذه النظرة التي ميزت مرحلة ممتدة من عمر التلفزة التونسية قد تم التخلي عنها اليوم وتم تجاوزها مع تعدد القنوات الخاصة ودخولها تجربة الانتاج الدرامي نحو تصور جديد ورؤية مختلفة تقوم على إثارة المشاعر والتلاعب بالأحاسيس وخلق واقع مضخم وتصويره على أنه هو حقيقة المجتمع والحال أن الكثير من التونسيين لا يجدون أنفسهم فيه بل لا يمثلهم و لا يشبههم أصلا هذه الدراما الجديدة التي تقودها القنوات الخاصة تركز على ثالوث يعاد باستمرار في كل أعمالها : العنف والجنس والمخدرات يضاف إليها مرتكز رابع وهو لغة الخطاب أو لغة الحوار التي تتعمد استعمال كلمات وجمل مبتذلة لا تليق أن تسمع داخل البيوت وفي العائلة وهي لغة مقرفة و صادمة.
هذه الدراما التي تعتمد على ما يسمى بتلفزيون الواقع هي أعمال تنتهي إلى دعوة الناس إلى كسر حواجز الممنوعات وتحطيم ما تبقى من حصانة أخلاقية للمجتمع وتقدم معالجة درامية لما اختارته من قضايا الحياة من دون حلول وبطريقة مشحونة بكم كبير من العنف في الأسرة والمجتمع وبكم آخر من قضايا الجنس المنفلت والخيانات وتصوير المرأة في وضعيات لا تليق بالمرأة التونسية وتصوير الواقع على أنه محكوم بثنائية العنف الجنس وإثارة هذه القضايا الخطيرة من دون مقاربة تربوية ولا معالجة إصلاحية فهذه القنوات الخاصة حينما تتناول قضية المخدرات مثلا فإنها تقدمها على أنها حقيقة وواقع وجب أن نقبله وأن نتعايش معه وأن نجد له الظروف للمواصلة والمداومة من دون رؤية توعوية تربوية ولا معالجة إصلاحية تنبه إلى خطورة الظاهرة على الفرد المجتمع وقس على ذلك كل المواضيع الأخرى.
إن الخطير في هذه الدراما التي تنتجها القنوات الخاصة فضلا عن كونها متحللة من كل ضابط ومعيار أخلاقي قيمي على اعتبار أنها لا تؤمن بوجود مثل هذه المبادئ في الفن فهي لا تنقل الواقع كما هو ولا تقترب من حقيقته لفهمه وتقويمه وإنما تنطلق من بعض مظاهر الواقع لتخلق واقعا جديدا وتقديمه صادما مخيفا على أنه هو حقيقة الشعب والواقع الحقيقي للناس.
الخطورة في هذه الأعمال هي فيما تنتجه من تحولات سريعة لمجتمع غبر مستعد لها وفي ترسيخه لقيم مادية خطيرة تغير من طبيعة المجتمع التونسي ومن نمط عيش أفراده فما تقوم به من تغيير للسلوك ولطريقة عيشه لا يختلف كثيرا عما تقوم به الجماعات المتطرفة التي تسعى إلى تغيير ملامح الشعب التونسي ولكن مع فارق بسيط وهو أن ما تنتجه هذه المسلسلات يغير حياة الناس وملامح المجتمع بطريقة سلسة هادئة لا تحدث هزات عكس منهج التغيير عند الجماعات العنيفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.