حين نضجت ظروف الهجرة النبوية وأعدّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم ا لأرضية الملائمة لإنبات رسالة الإسلام في تربة المدينةالمنورة الطاهرة والمتقبّلة للرسول ولتعاليم رسالته.. في ذلك الوقت تلقى الرسول الأمر الإلهي بالهجرة عزم أمره وأرسل كل أصحابه وأتباعه في سرية مطلقة. ولم يستبق إلا الصحابيين الجليلين سيدنا أبو بكر وسيدنا علي من باب التمويه على قريش التي كانت زرعت عيونها ونشرت آذانها تسترق أخبار محمد وأخبار أتباع محمد. وسوف تكشف لنا أحداث الهجرة النبوية فيما بعد أسرار إبقاء الرسول على ابن عمه علي وصاحبه أبي بكر إلى جانبه... وكذلك الحكمة من اختيار هذين الشخصين بالذات، فواحد سوف يكون الصاحب في الرحلة من مكة إلى المدينة... والآخر سوف يتقمص دور النبي ليبيت في فراشه ويموّه على كفار قريش في انتظار أن يبلغ الركب النبوي بر الأمان. خرج الرسول وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه ليلة 27 صفر من العام الرابع عشر للبعثة. وأمر عليا أن يبيت في فراشه ليلتها وبادره بقوله: «نمْ في فراشي وسبّح ببردي هذا الخضري فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم». ففعل عليّ بلا نقاش ولا جدال ودون خوف من بطش قريش التي كانت قد أعدت خطة جهنمية لاستهداف الرسول والهجوم عليه وقتله في محاولة لوأد هذا الدين الجديد. وقد زيّن لهم كفرهم بأن يختاروا من كل قبيلة شابا قويا لتنفيذ العملية وبذلك يتفرق دمه بين القبائل ويصعب الثأر على قبيلته فتقبل بالفدية وينتهي الأمر. لكن التدبير الإلهي يهزم مخططات قريش وينزل سيدنا جبريل على الرسول فيخبره بالمؤامرة ويطلب منه عدم المبيت في البيت في تلك الليلة والهجرة إلى المدينة. وحتى نوصّف المشهد في تلك الليلة الرسول يخبر أبا بكر نيته في الهجرة فيطلب منه الصحبة الصحبة وتوفير راحلتين للغرض. في الجزء الآخر من المشهد سيدنا علي يتسلل إلى بيت النبي ويبيت في فراشه. أمام بيت الرسول تجمع الشبان الثمانية الذين اختارتهم قريش وتسلحوا بحقدهم وبسيوفهم الحادة. عندها يخرج رسول الله من بيته ويحثو التراب على رؤوسهم دون أن يشعروا به وينطلق للقاء صاحبه أبي بكر ومباشرة رحلة الهجرة إلى المدينة. داخل البيت وفي فراش الرسول كان ابن العم والصاحب والصديق علي بن أبي طالب يقضي ليلته. وأمام البيت كان عتاة القوم ينتظرون خروج الرسول ويمنّون الأنفس بالظفر به.. لكن هيهات... فمع طلوع الصباح تلقوا الصدمة المروّعة حين اكتشفوا بأن الرسول خرج ولم يروه وبأن عليّا هو من نام في فراشه. فإلى حلقة أخرى