احتضن مسرح قصر قرطاج الرئاسي في احدى ليالي رمضان 1974 سهرة غنائية ثقافية متنوعة ,تابع مختلف تفاصيلها الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة وحرمه وسيلة بورقيبة وعدد هام من أعضاء الحكومة والسلك الديبلوماسي بتونس. وقد تولى اعداد هذه السهرة وتنشيطها الشاعر الغنائي عبد المجيد بنجدو بحضور المؤرخ الكبير عثمان الكعاك.. وتناول الحوار العديد من الخصوصيات الابداعية والثقافية في تونس وقد تخلل ذلك أغنيات لعدد من الفنانين التونسيين الذين برزوا بشكل لافت في ستينات وسبعينات القرن الماضي على غرار الطاهر غرسة والصادق ثريا ومن الأصوات النسائية نجد سعاد محاسن التي قدمت «صغير وريقو شاح» كما قدم الفنان حمادي اللغبابي لوحات تعبيرية تجاوب معها الحضور فكان التصفيق الحار. هذه السهرة تبقى من الوثائق النادرة التي سجلت لحظات ابداعية جمعت بين أهل السياسة والمبدعين من خلال رؤية خاصة للشاعر الراحل عبد المجيد بنجدو الذي يبقى أحد أبرز شعراء الأغنية في تونس الى جانب كونه منتجا ومقدما لعديد البرامج الاذاعية والتلفزيونية منها «كتاب الأغاني» و«ليلة من ليالي تونس القديمة» و«أفلام وأنغام» وهو شاعر ذاتي النزعة حافظ على أوزان الخليل تنوعت قوافيه ومالت قصائده الى الوطنية وغلب عليها الغنائية نظم الأغاني مما كان له الأثر على لغته التي اقتربت من لغة العامة التقريرية والمباشرة. وبخصوص رجل الثقافة والأدب عثمان الكعاك الذي صاحب عبد المجيد بن جدو في سهرة رمضان 1974 فهو يعدّ أحد رموز الثقافة الوطنية التونسية بما قدّم لأبنائها من زاد معرفي غزير شمل التاريخ وكذلك اللغة والآداب والفنون وما يتصل بتراث العلماء والكتّاب والشعراء وهو ما شكل اضافة للثقافة العربية الاسلامية في تونس وفي غيرها من الأقطار العربية مغربا ومشرقا. شغل عثمان الكعاك عديد المسؤوليات في الإذاعة التونسية منذ تأسيسها سنة 1938 وكذلك في دار الكتب الوطنية «مكتبة العطارين» وقد عرف الكعاك بغزارة انتاجه الأدبي والفكري والثقافي حيث صدرت له العديد من الكتب على غرار «موجز التاريخ العام للجزائر» فضلا عن دراسات ومقالات في المسرح والموسيقى والأدب. وتجدر الملاحظة الى ان عثمان الكعاك المولود بتونس سنة 1903 قد التحق بالرفيق الأعلى بمدينة عنابة (الجزائر) سنة 1976 خلال مشاركته في الملتقى العاشر للفكر الإسلامي.