الكاف «الشروق»: وتؤرخ المعالم الأثرية بجهة الكاف للعمق الحضاري وتعكس تعاقب الديانات السماوية والحضارات الإنسانية وما تمثله الجهة من موقع استراتيجي في المسلك الرابط بين «دقة» و»عنابة الجزائرية»، وموقعها الساحر على مرتفع جبل الدير بما تنبطق عليها التسمية ب»مدينة الحب والتاريخ والجمال». فمعالمها تتميز بالطرافة وغرابة الشكل، أما رمزها فهي «القصبة» التي تتألف من قلعة كبيرة، بناها محمد باشا المرادي عام 1679 م. وعلى الرغم من هذا العمق والتفرد والتعدد للمعالم والزوايا إلا أنها لم تتحول بعد إلى رافد تنموي شامل يجلب الزوار والمستثمرين ويدفع نحو تحقيق مبدأ التكامل بين الثقافي والسياحي والتنموي بالتركيز على القطاعات الواعدة مثل: الفلاحة التي اقترنت بسهول السرس والدهماني وخصوبة الأراضي وما لها من تاريخ في إنتاج «القمح» منذ العصور القديمة. وإن اقترنت رؤية أهالي الجهة لموروثهم بمفهوم اليأس وقيام البعض من المنحرفين بشن حملة تخريبية مست مؤخرا من «المدرسة المليتية» بالمدينة العتيقة و»مائدة يوغرطة» بقلعة سنان و»المقبرة البيزنطية» و»الحمام الروماني» بالكاف الشرقية على مساحة 20 هكتارا. بما أثار استياء مكونات المجتمع المدني والجمعيات المعنية بالتراث مطالبين معهد التراث بحماية هذه المواقع وصيانتها، علها تتحول إلى رافد ثقافي وتنموي في قادم الأيام. تهديدات... وحسب ما أفاد به محمد الريم العبيدي (مجتمع مدني) فإن حارس الضيعة الفلاحية المجاورة للمقبرة البيزنطية والحمام الروماني بمنطقة القصيعات قد تعرض إلى عديد التهديدات من قبل العصابات التي تحول المنطقة إلى حضائر لتعاطي الحفر بالمعدات أو بالساعد ليلا نهارا، وقد أدلى بأقواله لدى الجهات المعنية إلا أن الحلول لا زالت غائبة، هذا علاوة على أنه تم تقديم شكاية في الغرض لدى أعوان الحرس الوطني بالكاف الشرقية وإعلام النيابة العمومية بهذه التجاوزات في انتظار التدخل وفتح الطريق المؤدي إلى المقبرة الحديثة وتأمينها حتى لا تظل مرتعا للصوص الآثار والحالمين بالثراء واستخراج الكنوز باستعمال آلات متطورة. أين الجمعيات ومعهد التراث؟ عمار ثليجان (رئيس جمعية صيانة وإنماء مدينة الكاف) بين أن المعالم الأثرية بالكاف على عراقتها وتنوعها لا زالت تعاني الإقصاء والتهميش لعدم برمجتها ضمن زيارات منتظمة من قبل الوفود السياحية محملا المسؤولية إلى وزارة الثقافة ومعهد التراث، وعلى الرغم من صيحات الفزع التي تم إطلاقها والتنديد بالانتهاكات وحملات التخريب الممنهجة التي تتعرض لها كل المعالم التراثية بجهة الكاف إلا أن الجهات المعنية بالترات تتمادى في تهميش الجهة وطمس معالمها مع غياب استراتيجيا وبرنامج عمل واضح يحول معالمها إلى رافد تنموي هام يدفع الحركية التجارية . والمطلوب هو ضبط برنامج كامل لصيانة معالم الكاف التي تتهاوى يوما بعد يوم وأولها المدرسة المليتية والبازيليك ومتحف العادات والفنون الشعبية والقصبة ومائدة يوغرطة. فالكاف متفردة بموقعها الجيولوجي، وهي مصنفة مرجعيا ضمن المؤتمر الجيولوجي العالمي المنعقد بواشنطن سنة 1989 كموقع مرجعي يزوره الخبراء للاطلاع على بقايا التحولات الجيولوجية والطبيعية العالمية مع تصنيف 38 معلما أثريا بكامل أنحاء الولاية . ويبقى السؤال المطروح : أين نحن من هذه الزيارات بعد أن طال الاستغلال «المافيوزي» المعالم الأثرية . مواقع أثرية منسية ومخربة وتفتقر المواقع الأثرية التي لم يتم تصنيفها ضمن المسلك السياحي من « القصبة الحسينية « إلى « مائدة يوغرطة « بقلعة سنان إلى قاعدة بيانات ومجسمات وصور تسوق لها وتعرف بها في الداخل والخارج على غرار المنطقة الأثرية «القوسة» بتاجروين و»ابة» و»ألتيبيروس» بالدهماني و»الأربس» و»زنفور» و»القبور الجلمودية « و»وادي المهاريس « بالسرس و»قصور هلة» بالقصور و»الضريح الروماني» بالطويرف وغيرها من المواقع المغمورة التي لا تعرف إلا بعد تخريبها ونهب مدخراتها من التحف والمجسمات والعُملة التي تكتسي صبغة أثرية، على غرار ما حصل في بعض الجوامع المعروفة بالأولياء مثل سيدي بركات بالدهماني وسيدي علي بن عبد الله وبوحمة وسيدي حسن بالسرس، حيث تعرض البعض منها للحرق وأخرى للهدم من أجل إعادة البناء طمعا في مزيد الحفر تحت غطاء شرعي وقانوني. ملاحقات أمنية وإيقافات وحسب مصادرنا فإن الوحدات الأمنية مستمرة في ملاحقة العصابات الإجرامية التي تنفذ عمليات نهب وتخريب المعالم الأثرية بالكاف، وقد تم إيقاف أكثر من 100 شخص منذ 2011 وإحالة عدة أطراف على النيابة العمومية بشبهة الاتجار بالآثار وخاصة بالمعالم التي تفتقر للحراسة المنتظمة أو غير المصنفة .