إن دين الإسلام دين كامل ينتظم حياة الأفراد والمجتمعات، وما يكون به استقامة حياتهم في الدنيا، ونجاتهم في الآخرة. كثير من الناس اليوم يظنون أو لسان حالهم ينطق بذلك: أن الدين صلاة وصيام وزكاة وحج فقط، وهذا فهم قاصر لدين الإسلام. لذلك تجد فصاماً مقيتاً في تطبيقهم للدين في حياتهم، فهم يحافظون على أداء العبادات من صلاة وصيام وحج وغيرها، بل ويجتهدون في فعل النوافل كالسنن الرواتب وصلاة الضحى وصيام الأيام التي يستحب صيامها وتكرار الحج والعمرة، وهذا كله أمر طيب، لكنك حين تنظر إلى حالهم في التعامل مع الناس في أسواقهم وفي خصوماتهم وفي جميع شؤون حياتهم، تجد العجب العجاب غش في البيع والشراء، وفجور في الخصومة، وغيبة وبغي، وكذب وبهتان، ونكران للجميل، وغدر بالعهود، وحسد وبغضاء، وأذية للقريب والبعيد، وقطع للأرحام، وعقوق للوالدين، وغياب للعدل والإنصاف، وشح وطمع، وتعاون على الإثم والعدوان، أين الإسلام؟ أين الإيمان؟ أين الإحسان؟ هل عرف هؤلاء حقيقة الإسلام؟ إن المسلم الذي عرف حقيقة الإسلام لا يكذب لأنّه يعلم علم اليقين أنّ الكذب عاقبته النّار ، عن النّبي صلى الله عليه وسلّم قال ... وإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنّ الفجور يهدي إلى النّار، وإنّ الرّجل لَيَكْذِبُ، حتى يكْتَبَ عند الله كذابًا. (متفق عليه) والذي عرف حقيقة الإسلام لا يؤذي جاره؛ لأنه وعى حديث النبي صَلى الله عليه وسلم حين قال: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه. (البخاري) وعن أبي هريرة رضي َالله عنه قال: قيل للنبي صَلى الله عليه وسلم: إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار، وتتصدق وتفعل، وتؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا خير فيها، هي من أهل النار، قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة وتتصدق بأثوار (يعني من أقط) ولا تؤذي أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي من أهل الجنة. فمن عرف حقيقة الإسلام، لا يغش ولا يخادع ولا يغدر؛ لأنه يعلم أن هذا ليس من صفات أهل الإسلام، مرّ رسول الله في السوق على صبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: يا رسول الله أصابته السماء (يعني المطر) قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟وقال: من غشنا فليس منا. (رواه مسلم) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا جمع الله عز وجل الأولين والآخرين يرفع لكل غادر لواء، فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان. (البخاري ومسلم) والغادر: كل تارك للوفاء، ناقض للعهد.