سيدي بوزيد (الشروق) مع طلوع الفجر تتعالى اصواتهم لتشق الصمت معلنة عن بدء يوم جديد من العمل. انهم رجال ونساء تجمعوا للحصاد قدموا من الاجوار والاقارب والاصحاب للمشاركة في جمع الصابة ويقضون يوما اشبه بالاحتفال غناء واناشيد افراح وزغاريد وضحك ونكت انها بالمصطلح الريفي « العرافة « وهو تجمع رجالي ونسوي ليوم او اكثر من اجل الحصاد فيخرجون في الصباح الباكر باتجاه المكان المقصود اين توجد صابة القمح او الشعير ويحمل كل واحد منهم منجلا وعندما يتجمعون يأتي صاحب الحقل ويعطي اشارة الانطلاق في اجواء حماسية تنافسية وفيها يبرز المهرة من الحاصدين وسط زغاريد النسوة الحاضرات .وبينما يقوم الرجال والنساء بالحصاد يتتبع من كان حاضرا من الاطفال والشباب جماعة الحاصدين بجمع « حلل» القمح ليتم ترصيفها في « الجَيَّابَة « وهي شبكة من الحبال يوضع بداخها سنابال القمح ليسهل حملها متراصة لترفع بعد ذلك اما في عربات او على ظهور الدواب وخاصة الحمير،لتنقل الى البيدر وتكدس هناك استعدادا لدرسها. اجواء هذا اليوم لا تزيد الحاضرين الا تقاربا حيث لا يشعرون بالتعب رغم ما يبذلونه من جهد وما يحصدونه من سنابل. ويختم اليوم بوجبة دسمة تحضّرها زوجة صاحب الحقل من اكلة الكسكسي الذي يعد للغرض بلحم ضان مما يشتهون .وتتعالى اصوات النسوة انشادا بالصلاة على النبي تبركا وطمعا في صابة وافرة تنسيهم التعب والمشقة .» العرافة «عادة الاجداد هي عنوان التضامن والتآخي والتلاحم بين القرويين ويعرف هذا الشكل من اشكال التضامن بتجمع سكان القرى او المداشر لقضاء حوائج بعضهم خاصة في حصاد الصابة. اما اليوم فالحقل الذي كان يعج بالرجال والنساء والأطفال من مختلف الأعمار- وفدوا متجندين للمشاركة في عملية الحصاد التي تستغرق أياماً ينتقل فيها الجميع من حقل إلى آخر ليقوموا بالعمل ذاته، أي «العرافة» - اصبح فارغا لا حركة فيه .وللاسف لم يعد هذا المشهد مألوفا في حقولنا حيث لم يحافظ عليه الاحفاد لعوامل كثيرة منها مكننة الفلاحة ونقص في المساحات المزروعة.