سناقرية: لاعبو المنتخب "لم يلتقوا حتى في مقهى" قبل مواجهة سوريا    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    إيرباص ترصد مشكلة جودة جديدة في طائرات 320A    تونس: ارتفاع قياسي في إقبال الشباب على التجنيد العسكري    شراكة دوليّة لتحسين رعاية مرضى الهيموفيليا    المهدية ...في إطار البرنامج الوطني للتّرويج للمواقع التاريخيّة.. يوم سياحي بقصر الجم الأثري    الباحث والناقد المسرحي الكويتي يوسف الحمدان ...يجب أن يرتفع صوت المسرح دفاعا عن القضية الفلسطينية    بنزرت: مكتبة صوتية لفائدة ضعيفي وفاقدي البصر    سامي الطرابلسي: سيطرنا على اغلب فترات المباراة ولم ينقصنا الا التهديف    كأس العرب: فلسطين تنتصر في أولى مبارياتها امام صاحب الأرض    أولا وأخيرا..«حابسة وتمركي»    مع الشروق : أوكرانيا... سلام أمريكي على وقع التقدّم الروسي    الحرارة تصل 4 درجات هذه الليلة..    البنك المركزي: استقرار معدل الفائدة في السوق النقدية عند 7،49 بالمائة للشهر الثالث على التوالي    غدا.. اولى جلسات الاستئناف في قضية انستالينغو (تفاصيل).. #خبر_عاجل    عدد السيارات الكهربائية التي تم ترويجها في تونس منذ بداية العام..#خبر_عاجل    عدد المتعايشين مع السيدا والخاضعين للعلاج في تونس يبلغ 2236 شخصا الى حدود ديسمبر 2024    نسق بطيء لترويج السيارات الكهربائية في تونس    عاجل : خبر سار من البرلمان... مفماش ضريبة على الثروة    الاكتئاب الشديد يعفي من قضاء الصلاة؟ التفاصيل هنا    كأس العرب: التعادل يحسم الشوط الأول لمواجهة تونس وسوريا    عاجل: منخفضات قطبية تضرب المغرب العربي    وسائل إعلام: الولايات المتحدة تريد جمع بيانات طبية من الدول الإفريقية    وزير الداخلية يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى تونس    بالأرقام..عدد السيارات الشعبية التي بيعت خلال الأشهر العشرة الأولى من 2025..    "الحكمة العملية وغليان الراهن" موضوع ندوة دولية للاحتفاء باليوم العالمي للفلسفة    عاجل/ أكثر من 1000 قتيل جرّاء فيضانات اجتاحت هذه الدول الآسيوية    البابا ليو الرابع عشر في اليوم الثاني من زيارته للبنان: نطلب السلام للبنان والمنطقة    القصرين: تقدّم بطيء في جني صابة الزيتون وسط نقص اليد العاملة وتراجع الأسعار (الإتحاد الجهوي للفلاحة)    الكاف: تزويد الجهة بكميات جديدة من البذور الممتازة وتوقعات بالترفيع في نسق التزود بالمواد الكيميائية    منطقتك معنية؟: قائمة الطرقات المُبرمجة للسنة القادمة    إنتخاب سامي العوني رئيسا جديدا للجامعة التونسية للتايكواندو    كأس العرب 2025: مواجهة قوية بين السعودية وعمان في افتتاح مباريات المجموعة الثانية    هام/ تعرف على أنسب الأوقات لشرب الماء خلال اليوم…    اليوم العلمي الاول حول علم المناعة يوم 4 ديسمبر 2025 بكلية العلوم بصفاقس    عاجل/ تفاصيل روزنامة المراقبة المستمرة بالمدارس والمعاهد الثانوية..    عاجل: تسرب غازي يخنُق تلاميذ إعدادية قابس    عاجل: أسوام الأبقار في تونس ترتفع إلى مستويات قياسية..قداش وعلاش؟    سعد لمجرد يواجه أمام القضاء على خلفية اتهامات ب''سلوك لا أخلاقي''    هل تخلّت وزارة الثقافة عن اتحاد الكتّاب التونسيين وهو يحتضر...؟!    حريق في مستودع شركة النقل بهذه الجهة..#خبر_عاجل    أموال أكثر في خزينة الدولة: المحلل المالي بسام النيفر يكشف هذه التفاصيل    وزير الشباب والرياضة يُشيد بدور الجالية التونسية بقطر في تعزيز الروابط بين البلدين    هام/ مناظرة انتداب تلامذة ضباط صف لجيش الطيران..انطلاق التسجيل..    الأمطار تهبط بغزارة في الشمال: إليك التفاصيل الكاملة    مصر والكويت في اختبار جدّي لافتتاح مشوارهما ضمن المجموعة الثالثة لكأس العرب قطر 2025    تاريخ المواجهات: تونس وسوريا 11 لقاءً قبل اليوم    عاجل/ بينهم ابن مسؤول كبير.. إسرائيل تكشف هويات شهداء أنفاق حماس..    عاجل/ البرلمان يصادق على فصلين للزيادة في أجور الموظفين بالقطاعين العام والخاص والمتقاعدين..تفاصيل جديدة..    ابدأ الامتحانات بثقة: دعاء يحفظ المعلومات في عقلك وذاكرتك    باجة: اختناق عائلتين بسبب تسرب الغاز... التفاصيل    فيديو يفجر فضيحة تجسس يهودي على المسلمين في فرنسا    البرنامج الوطني للترويج للمواقع الأثرية: يوم سياحي لزوار من عدة جنسيات بقصر الجم    بنزرت: القبض على 7 أشخاص يشتبه في تورّطهم في سرقة المستودع البلدي بأوتيك    أولا وأخيرا .. نحن أفسد الفاسدين    استراحة الويكاند    تعرضت للابتزاز والتهديد ثم عثر عليها ميتة: الكشف عن تفاصيل جديد حول وفاة اعلامية معروفة..#خبر_عاجل    التعامل مع صحيح البخاري كتابًا «فوق الدّراسة والبحث» غيّب الكثير من الجهود العلمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهم في رحلاتهم
نشر في الشروق يوم 21 - 07 - 2019

نحاول بهذه الحلقات من أدب الرحلات إمتاع القارئ بالتجوال في العالم رفقة رحّالة وكتّاب شغفوا بالترحال وأبدعوا على اختلاف الأنظار والأساليب في وصف البلدان، سواء انطلقوا من هذا القطر أو من ذاك، مع العلم بأنّ أكثرهم من المغرب الكبير ووجهاتهم حجازيّة لأولويّة مقصد الحجّ وغلبة المشاغل العلميّة والثقافيّة على آثارهم باعتبارهم فقهاء وأدباء، على أنّ الرحلة تكون ممتعة أكثر مع آخرين جالوا في قارات أخرى.
مع الورتاني في الرحلة الأحمدية (3)
وحضر الباي حفلة سينما باتي ناتان والتقطت له صور مع الممثلين و الممثّلات وقال له أحدهم مداعبا : «أنا هو الأمير في هذه الرواية « (ص 109) . كما حضر سباق الخيل ليلا، وكان ختامه في ساعة متأخّرة بألعاب مسرحيّة و بإطلاق الشماريخ ( ص 111).
وفي اليوم الخامس استضافه الفلاّحون الفرنسيّون بتونس خارج باريس، حيث نظّموا له استعراضا للثيران ومشهدا لصيد البازي للأرنب ( ص 111) . ومن فقرات اليوم السادس زيارة مدينة كومبياني حيث قصر نابليون والنصب التذكاري لضحايا الحرب العالميّة الأولى من الفرنسيين والتونسيين. وهناك أطلعه رئيس البلديّة على ذخائر أسقف قرطاجنّة سيبريان الذي أعدم يوم 14 سبتمبر 258 بأمر من الوكيل أو الوالي الروماني قالير . ويضيف المؤلّف على لسان شيخ المدينة: « فأرسل الخليفة هارون الرشيد تلك الذخائر للإمبراطور شارلوماني على ظهر مركب له في تابوت لعلمه بتقدير شارلوماني لتلك الذخائر ورغبته في امتلاكها. وسمح الأمير الأغلبي للسفير داود إسحاق بحمل عظام المقدّس . وقد رسم الفنّانون على الصندوق مناظر مختلفة إحياء لتاريخ إرسال تلك الذخائر التي مضت عليها القرون العديدة» ( 114).
«وفي أثناء جولان الأمير بالقصر (قصر نابليون وأخلافه) قصّوا عليه حادثا فيه موعظة وإن كانت أمور الدنيا كلّها مواعظ لمن يتّعظ . وذلك أنّه شوهدت في بعض الأيّام عجوز في القصر تبكي أمام أدوات لعب صبيانيّة محفوظة هناك كانت ملهى البرنس الصغير ابن نابليون الثالث الذي كان بهذا القصر، وتبيّن من بعد أنّ تلك العجوز هي الإمبراطورة سابقا زوج نابليون الثالث المسمّاة أوجيني» ( ص 115).
وبعد الغداء توجّه الباي إلى موقع شماليّ كومبياني بسبعة أميال، وسط غابة، هو موقع هدنة الحرب العالميّة الأولى، فدوّن كلمة بالسجلّ التاريخي، ووضع باقة زهور أمام النصب التذكاري، وترجم له نصّ النقيشة: «هنا، يوم 11 نوفمبر 1918 مات الجبروت الجاني الألماني المغلوب من طرف الأمم الحرّة التي أراد استعبادها». وكانت صورة النسر المجسّمة منكّسة، و النسر رمز ألمانيا ( ص 116)
وانتهز محمد المقداد الورتاني الفرصة لمراسلة كتبها لشيخ مدينة كومبياني فحصل بها منه على تقرير حول رفات القدّيس سيبريان المحفوظة في نفس التابوت مع رفات القدّيس كورناي المتوفّى في 14 سبتمبر 252، أي قبل أسقف قرطاج بستّ سنوات ( ص 118).
ثمّ زار الباي قصر كوندي في شانتيي وبه مخلّفات الدوق دومال بصفته الحفيد. وهو صاحب اليد الكبرى في الاستيلاء على زمالة الأمير عبد القادر الجزائري وصاحب الفضل على معهد فرنسا العلمي بما أهداه له من المجموعات النفيسة مع القصر ومحيطه الغابي، إذ كان دومال قائدا عسكريّا وعالما مؤلّفا . وعلى هذا علّق كاتب الرحلة قائلا : « والعاقل من يسعى جهده لنفع العموم بما عنده في حال حياته وبعده» وضرب أمثلة لمن جمعوا بين السيف والقلم كالقائد جوهر الصقلّي ولمن حبّسوا كتبا على دور العبادة والعلم كالإمام ابن عرفة (ص 120) .
وفي اليوم السابع قصد الباي وموكبه قرية سان جرمان بالسيّارات على بعد 24 دقيقة عن باريس . وفي نزل كرييون أقام مأدبة عشاء لضيوفه الفرنسيّين، منهم الماريشال بيتان وزير الحربيّة، وفيها : « شربة بالكلافس، بريك، حوت أميرال، ظهر الخروف (أي المسلان) على الأسلوب التونسي، بطاطة مقليّة، بنادق على حجم الزيتون، دجاج فرنساوي مشوي، سلاطة سكوريا، كريمة مثلّجة، حلويّات، جميع الغلال « (ص 125).
ومن خواطر المؤلّف في اليوم الثامن، زيادة على الوقائع الأميريّة، قوله : « غالبا يكون قطع المسافة الطويلة التي تستغرق نحو 12 ساعة بين مرسيليا وباريس ليلا طردا وعكسا بحيث تتعدّد فيه القطارات السريعة بخلاف النهار . وفي الليل سافر ملوك تونس. والأروبّاويّون يختارون قطع هذه المسافة الكبرى في الليل الذي هو وقت سكون وفراغ حتّى لا تضيع ساعات النهار - الذي هو زمن العمل - عن المسافرين وهم منحجرون في زوايا العربات. أمّا المسافر الإفريقي الذي لم ير أوروبا سابقا فتفوته بالسفر ليلا مشاهدة المناظر المختلفة من السهول المخضرّة والأنهار المستبحرة والجداول المتدفّقة والعمران المنتشر والقرى المبثوثة والربى المكسوّة بالغابات ممّا جميعه على خلاف المعهود بإفريقيا ( ...) أمّا رحلات رؤساء الجمهوريّة إلى تونس فإنّها دائما تكون في شهر أفريل لاعتدال الهواء في الربيع (...) ومصاريف سفر الملوك على الدولة التونسيّة، وكذلك نفقات رؤساء الجمهوريّة عند قدومهم وإقامتهم بتونس « (ص 129 – 130) . ومن الأماكن التي تدرجها فرنسا في برامج الزيارات الرسميّة محطّة فيشي وأمثالها من مراكز الاستجمام والاستحمام . « ومن المعلوم – كما قال المؤلّف – أنّ بلدان أوروبا تتسابق في إشهار ما بها من المنافع والخواص والمنتزهات» (ص 131) .
وفي المواكب لاحظ المؤلّف « من عوائد القوم التسليم على الرايات العسكريّة بالانحناء أمامها. وكذلك يفعلون أمام عظماء الرجال (...) ويقفون عند سماع الألحان الخاصّة بالدولة ( يقصد النشيد الرسمي) . وصار المسلمون يقلّدونهم» (ص 133).
بعد أيّام استشفائيّة بفيشي تحوّل الباي إلى أفيان يوم 16 جويلية 1934 ثمّ إلى جونيف ولوزان وآنسي وليون ونيس ومونتي كارلو وموناكو الشهيرة بمتحفها البحري، فكان محظيّا بمباهج الاستقبال حيث توقّف أو أقام، مع تبادل الأوسمة والهدايا .
وفي 25 جويلية قصد الركب مرسيليا بالقطار للإبحار إلى رصيف تونس في سفينة باسم الوالي العام شانزي بعد أن « قضوا مع الأمير شهرا في مختلف البلدان (يقصد المدن) بفرنسا، وتشبّعت بهمّته نفوسهم من لذّات الحياة، ونالوا بفضل حضرته النياشين والرتب، واعترى كلّ فرد منهم من كرم الأمير ما أراد وأحبّ، وتعرّفوا تبعا له بعظماء الرجال، وسمعوا في حماه بلاغتهم في الخطب، وعاينوا في ظلّه أساليب احتفالاتهم وعناياتهم بأوطانهم ورفاهيّة عيشهم ونشر العدالة فيما بينهم، وعجبوا من النظام المستحكم عندهم في كلّ شيء» ( ص 206 - 207) وكثيرا ما كان محمد المقداد الورتاني محلّيا النثر بالشعر ومستحضرا كتابه «البرنس في باريز» ومذكّرا برحلاته إلى فرنسا وخاصة إلى فيشي حيث استمتع بمياهها المعدنيّة عدّة مرّات منذ سنة 1913 وأسّس بها ناديا إسلاميّا سنة 1927.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.