ببعض الاختصار والاختزال تقدّم هذه «الدائرة» للقارئ المبتدئ والباحث المتوسّع المعلومات الأساسية والمراجع الضرورية عن مختلف المواضيع والمجالات الممثّلة للحضارة التونسية عبر تطورها مرتّبة ألفبائيا، لغاية التسهيل والتقريب. وقد استثنينا المدائن التي خصصناها بعدّة مؤلفات متوّجة ب «موسوعة مدن تونس» مثلما استثنينا الأعلام الذين جمعناهم في « معلمة أعلام تونس» والألقاب التي وثّقناها في « الأصل والفصل / معجم ألقاب التونسيّين». وأردناها، في غير ذلك، جامعة - دون ادّعاء الإلمام الكلّي والشمول التّام - اقتناعا منّا بالجدوى العمليّة والإفادة السريعة على صورتها هذه، واعترافا بالعجز والتقصير لو رمنا الإحاطة بكلّ شيء، وهو أمر مستحيل مهما أوتينا من الوقت والجهد الزحف الهلالي ينسب إلى بني هلال لكثرتهم، ويشاركهم فيه بنو سليم وبنو رياح وزغبة. وهم من الأعراب الذين استقرّوا بصعيد مصر بعد الفتن التي شاركوا فيها من قبل، في التاريخ الإسلامي . وعلى سبيل المثال فقد ذكر ابن خلدون أنّ بني سليم كانوا شوكة بغي على العبّاسيين وأحلافا للقرامطة الثائرين عليهم وأخلافا لهؤلاء على البحرين في قيامهم بالدعوة للشيعة إلى أن طردهم منها بنو الأصفر بن تغلب دعاة العبّاسيين أيّام بني بويه . ومن الصعيد، حيث أقاموا زمنا مع أمثالهم من بني هلال ورياح وزغبة زحفوا على إفريقيّة بعد أن سرّحهم الخليفة الفاطمي حاكم مصر عملا برأي وزيره اليازوري وانتقاما من المعزّ بن باديس الصنهاجي إثر إعلانه الاستقلال عن الفواطم في القاهرة وإعلان الولاء للخليفة العبّاسي ببغداد . أعانهم بالمال والذخيرة فاجتازوا النيل وانتشروا انتشار الجراد في البلاد بعدد أربعمائة ألف. ولمّا بلغت جموعهم إفريقيّة سنة 440 ه / 1048 م خرج لهم المعزّ في عساكره المتألّفة من صنهاجة وزناتة والتقى بهم قرب جبل حيدران بالجنوب الشرقي على الطريق بين القيروان وقابس في سنة 443 ه / 1052 م – حسب تعليق الساحلي على عبد الوهّاب – فمات في المعركة من الجانبين خلق كثير. ولكنّ زناتة انخذلت تاركة المعزّ في جنده الخاص وعبيده بعدد عشرين ألفا ممّا أجبره على العودة إلى المنصوريّة ليتحصّن فيها بسور أوصله بالقيروان سنة 444 ه / 1053 م . لكنّ الزاحفين اقتفوا أثره وحاصروا عاصمته فأمر أهلها بمغادرتها مثله إلى المهديّة حيث عامله بها ابنه الأكبر تميم في رمضان 449 ه / 1057 م، وقد استخلفه إلى أن توفّي في 24 شعبان 453 ه / 2 سبتمبر 1062 م ودفن بالمنستير على عادة آبائه . وفي الأثناء استباح بنو هلال وأتباعهم العاصمة، أي القيروان، ومدنها وبواديها بالفساد نهبا وتخريبا محوّلين ازدهارها في عصرها الذهبي إلى انحطاط، ووحدتها إلى تفكّك وصراع بين دويلات، وأمنها إلى عدوان النرمان الغزاة طيلة قرن كامل حتّى جاء لتوحيدها بعد تخليصها عبد المؤمن بن علي أمير الموحّدين في سنة الأخماس 555 ه / 1160 م. على أنّ بعض المؤرّخين يبرزون نتيجة إيجابية للزحفة الهلاليّة تتمثّل في اكتمال تعريب البربر عن طريق الاندماج الاجتماعي والثقافي، في حين يلاحظ آخرون انعكاف البربر على أنفسهم في قراهم الجبلية المنيعة ومحافظتهم إلى اليوم على تميّزهم بلغتهم وعاداتهم. وقد ترك هذا الحدث العظيم أثره البليغ في الأدب الشعبي بعنوان السيرة الهلاليّة وفي عديد الأعلام البشريّة والجغرافيّة . عبد الوهاب (ح.ح.) : الخلاصة، ص 81 – 82 ؛ الكعبي (م.) : موسوعة، ص 260 (بنو سليم) ؛ المرزوقي (محمد): على هامش السيرة الهلالية . – سراس للنشر، تونس 2002، ص 63 – 76 (فصل : منازل الهلاليين في الشمال الإفريقي). سبيل أحد المرافق العموميّة ممّا أمر بإنجازه ملوك تونس لتوفير ماء الشراب للأهالي، في الأحياء وعلى الطرق، من العيون والآبار بالنواعير إلى أن مدّت حديثا قنوات شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وريثة شركة أحدثت لنفس الغرض في أوائل العهد الاستعماري . وكان التعويل قبل ذلك بقرون على مياه زغوان المجلوبة على الحنايا في العهد الروماني إلى قرطاج وفي العهد الحفصي إلى رياض أبي فهر بجهة أريانة وقصور باردو بعد تخصيص ساقية منها لجامع الزيتونة .والاسم الدارج «سبّالة»، وتشتمل على بزيم يسيل منه الماء القادم عبر قنوات إلى الجابية الجامعة له. ومن « سبابل» تونسالمدينة الجاري ماؤها من السبع نواعر، وعليها عدّة أحباس، وسبّالة باب بوسعدون، وسبّالة ميضاة بير المركاض، وسبابل ربض سويقة الجاري ماؤها من بير العلجيّة، ولها أحباس، وفسقيّة باب حومة العلوج، وسبابل ربض باب الجزيرة الجاري ماؤها من بير التهامي، ولها أيضا أحباس، وفسقيّة الملاّسين، وسبّالة بير سيدي المشرف، وسبّالة المدينة ببطحاء ابن مردوم أسّسها السلطان الحفصي أبو العبّاس أحمد (حكم 1370 – 1394 م)، وسبّالة خارج الباب الجديد أسّسها خلفه السلطان أبو فارس عبد العزيز (حكم 1394 – 1434 م)، وسبيلان متّصلان بالماجل الذي أحدثه هذا السلطان – حسب الزركشي – « أحدهما للشرب للعاطشين من جعاب نحاس – يجذب منها الماء بالنفس، والآخر ورد لمن يرده بقربة أو غيرها «. والمحافظة منها اليوم على عمارتها – رغم مظاهر الإهمال – سبّالة باب سيدي عبد السلام بتونس. وأجملها – بأكثر عناية – سبّالة يوسف داي ببنزرت، من جملة عدّة أسبلة هناك، وقيمتها الأثرية في النقيشة المكتوبة بالعربيّة والتركيّة والدّالة على أنّ بانيها هو المهندس علي بن دسيم الأندلسي، بناها سنة 1631 م، وجلب إليها ماء الشراب من بئر بواسطة ناعورة . وشبيهاتها في سيدي بوسعيد وسليمان وزغوانوباجة، وبعضها بنقائش كالتي على سبيل باب العين بباجة المنوّهة بمبرّة يوسف صاحب الطابع سنة 1215 ه / 1800 م والتي على السبيل المجاور للجامع الكبير بسليمان من محاسن أحمد باي الأوّل سنة 1255 ه / 1839 م، والتي على البئر الجديد (ة) بسيدي بوسعيد من إنشاء يوسف صاحب الطابع وشعر إبراهيم الرياحي ( ت 1850 م )، والتي كانت على طريق سيدي بوسعيد المرسى وعلى بئر من إنجاز الطيّب باي سنة 1313 ه / 1895 م وإن لم يعتل العرش . ونضيف إليها بروطة بالقيروان التي حفرها الأمير هرثمة بن أعين سنة 180 ه / 796 م وأعيد البناء عليها في العهد المرادي سنة 1101 هت / 1689 م حسب النقيشة الشعرية البشروش (ت.) : موسوعة، ص 261 ؛ الجراي ( فتحي) : التصرّف في الماء والإشراف على الأسبلة خلال العهد الحسيني من خلال وقفيّة ونقيشتي سبيلي مصطفى البلهوان بقرية سيدي بوسعيد . – في : أعمال المؤتمر العالمي الحادي عشر لمدونة الآثار العثمانية حول خريطة المواقع والمعالم الأثرية والنقائش القبورية أثناء العهد العثماني مؤسسة التميمي، تونس 2016، ص 37 – 74؛ الحمروني (أ.): بلاد باجة، ص 46 (سبيل باب العين) ؛ المدوّنة الموريسكية، ص 57 (سبيل يوسف داي ببنزرت، مع المراجع) ؛ العنابي (خير الدين) : سيدي بوسعيد عبر التاريخ . – في : مجلة « معالم ومواقع «، ع 22، سبتمبر 2007، ص 8 ؛ غلاّب (أحمد) : سليمان أجمل البلدان . – تونس 2009، ص 23 ؛ القفصي (عبد الحكيم) : لمحة موجزة عن الأسبلة بمدينة بنزرت . – في: ندوات جمعية صيانة مدينة بنزرت، 1991، ص 7 – 11 ؛ الكعبي (م.) : موسوعة القيروان، ص 246 – 247 . (يتبع)