يبدأ اليوم مسار الانتخابات الرئاسية السابقة لآوانها بانطلاق فترة قبول الترشحات التي ستدوم أسبوعا واحدا وسط حالة من الترقب والغموض بشأن هوية المترشحين القادرين على حسم رهانها. تونس (الشروق) وعلى الرغم من طبيعة النظام السياسي الحالي الاقرب الى التوصيف بالنظام البرلماني المعدل ذو الصلاحيات المحدودة نسبيا لرئيس الجمهورية، يبقى الرهان الرئاسي المنتظر ذو أهمية بالغة للفاعلين السياسيين وذلك في علاقة بمركزية المنصب وتماسه مع المعادلة الوطنية والسياسية. وفاة الباجي بعثرت الأوراق إن الفاعلين السياسيين تعاملوا مع الاستحقاق الرئاسي بمنطق الترقب لما ستفرزه الانتخابات التشريعية من نتائج ومعادلات، حيث انبرت التشكيلات السياسية الكبرى الى ربح عامل الوقت في عملية كشف هوية مرشحيها وفي عقد التحالفات والتفاهمات الاساسية لادارة العملية، فكانت لوفاة رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي بعثرة للاوراق السياسية في زمن «قاتل» لا يسمح لا بالمناورة السياسية ولا بتوظيف العامل الزمني في تحديد الخيارات المطروحة بما أدى الى حالة غموض عامة تلفّ حظوظ مجمل المرشحين للرئاسية القادمة. وتفيد المعطيات الاولية (في انتظار تأكيد خلال فترة قبول الترشحات) أن عدد الترشحات سيكون منحصرا بين 20 و 30 شخصية ، بنحو مشابه لانتخابات 2014 التي تقدم لها 27 مرشحا، غير أن الظروف التي توفرت منذ 5 سنوات ليست هي نفسها المخيمة حاليا على المشهد السياسي، فالحزب السياسي الذي كان في صف معارضة منظومة الحكم حينها (نداء تونس) استفاد من تلك المعارضة من خارج الحكم في كسب الرهان التشريعي الذي مهد لفوزه في الرئاسية. حظوظ يلفّها الغموض في المقابل يدخل حزب تحيا تونس الرهانين التشريعي والرئاسي محملا بجزء من مسؤولية الحكم الحالي، ويقف مرشحه الطبيعي للانتخابات الرئاسية أمام تحديات عديدة تضاعف ضبابية الحظوظ من بينها دعم شريك الحكم (حركة النهضة) من عدمه، والمنافسة المتوقعة اذا ما تقرر ترشيح وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي. كما أن بنية التنافس التي صيغت في انتخابات 2014، والتي تركزت على القطبية الثنائية من معسكرين على مفارقات الهوية والحداثة والمعايير القيمية الموجهة تحطمت كلّها ولم تعد ورقاتها صالحة للاستعمال بعد تحالف النهضة والنداء القديم وشراكة تحيا تونس ومشروع تونس والنهضة حديثا. وبدورها كانت حركة النهضة أبرز المستفيدين ان لم تكن أهم المحددين لفرض تسبيق الاستحقاق التشريعي على الانتخابات الرئاسية، لأن هذه الآلية تمكنها طبيعيا من تقدير مسألة دعم مرشح من خارجها أو تقديم ترشيح من داخلها على ضوء ما ستفرزه التشريعية من نتائج، غير أن تقديم الموعد الرئاسي وفرض هيئة الانتخابات للامر الواقع الرافض لطلبها بتزامن الموعدين الانتخابيين زاد في غموض هوية مرشحها وحظوظه في حسم «المعركة». هذا الغموض في حركة النهضة عبرت عنه مواقف عديدة متقاطعة حينا ومتباينة احيانا ففي الوقت الذي يصرح فيه رئيسها راشد الغنوشي ب«علاقة الصداقة» مع الزبيدي يحصر القيادي في الحركة علي العريض المنافسة في 5 اسماء هم كل من عبد الفتاح مورو وراشد الغنوشي وعبد الكريم الزبيدي ويوسف الشاهد ومصطفى بن جعفر. ويمتد الغموض ايضا الى داخل حزب نداء تونس فإن عبر عدد من قياداته عن توجه نحو ترشيح عبد الكريم الزبيدي فإن بلورة الموقف النهائي والحاسم لم تتحدد بعد، وذلك قياسا بالتفويض الممنوح اول امس لقيادات الحزب للاختيار والتفاوض من أجل المشاركة بالانتخابات الرئاسية. وفي المحصلة سيبدأ اليوم تقديم الترشحات للانتخابات الرئاسية بنحو تدريجي حيث ستتحدد أبرز الاسماء المرشحة للفوز أو على الاقرب المرشحة لعبور الدور الأول بناء على ما يمكن أن يعقد من تفاهمات سياسية بين الفاعلين. عبد الله العبيدي (محلل سياسي وديبلوماسي سابق)...تقلبات المشهد السياسي مصدر الغموض شدد المحلل السياسي و الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي في تصريحه ل«الشروق» على أن ما عرفته الساحة السياسية في الفترة الاخيرة من تقلبات عديدة أثر بشكل كبير في مسألة هوية (identité) جل المترشحين. هذه الانتماءات المتعددة وظاهرة التحول السياسي والتي كشفتها الترشحات للانتخابات التشريعية سيكون لها تأثير في تقديم الترشحات للرئاسية وفق محدثنا ، متابعا القول أن الوحدة الوطنية الشعبية الصماء التي برزت أثناء وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي سيكون لها تأثير بالغ في الاختيار وفي تحديد ملامح الرئيس القادم. غموض وترقب في الأحزاب لم تقدم الاحزاب الكبرى صورة واضحة بشأن هوية مرشحيها للانتخابات الرئاسية حيث أحيط بها غموض بشأن المسألة: تحيا تونس: صرّح رئيس الحزب يوسف الشاهد أنه لا يفكر في الانتخابات الرئاسية وتلا هذا التصريح تأكيد الامين العام سليم العزابي بأن الشاهد هو مرشح الحزب للرئاسية. النهضة: أكد القيادي علي العريض أن الحركة ستحسم اليوم في مرشحها حاصرا المنافسة في الغنوشي ومورو والزبيدي والشاهد وبن جعفر. نداء تونس: برزت دعوات واسعة في اجتماعه الاخير الى ترشيح عبد الكريم الزبيدي وتم تكليف القيادة بالمشاورات والحسم لاحقا.