فيما تشير تطورات بورصة العلوش الى وجود وفرة في العرض مقابل كساد في المبيعات بدا جليا خلال الأيام الأخيرة أن «تسعيرة الحاكم» هي عنصر التشويش الوحيد في هذا العيد. تونس (الشروق) بمعنى آخر ان البرنامج التعديلي للدولة الذي تم إرساؤه عام 2004 بهدف توفير بديل للمستهلك يشد أسعار «الرحبة» الى الأسفل قد فقد معناه بعد رضوخ كل من وزارتي الفلاحة والتجارة للمنطق الربحي لبعض كبار المربّين ومن ثم فرض تسعيرة مشطة في نقاط البيع المنظمة تتراوح بين 11٫8 و12٫5 دينارا وهو ما أدى بالنتيجة الى تغيير وظيفة نقاط البيع المنظمة من أداة تعديل للسوق الى بوابة مشرعة للمضاربة وامتصاص دماء المواطن البسيط تحت غطاء رسمي. وفي خضم الأسعار الخيالية لنقاط البيع المنظمة صار كبار «القشارة» أرحم من الدولة حيث عرضوا الخرفان بالميزان في عدد من ضواحي العاصمة مثل سيدي حسين السيجومي والحرايرية بتسعيرة لم تتجاوز 11 دينارا للكلغ الحي الواحد وهو ما يتيح للمستهلك ادخار 50 دينارا في حال اقتناء أضحية متوسطة الحجم من فئة 50 كلغ مقارنة بما سيدفعه في نقاط البيع المنظمة. العرض يفوق الطلب والواضح أن التسعيرة الرسمية لا يوجد ما يبرّرها على الميدان عدا منطق الاستكراش والربح السريع حيث تواصل الى حد يوم اول أمس الأربعاء تدفق الأضاحي بالآلاف على «رحبة تونس» المحاذية لمقر شركة اللحوم والتي تضطلع بدور سوق الجملة للدواب في العاصمة وتشتغل بوتيرة 24 ساعة منذ أسبوعين. كما تؤكد معاينات ميدانية لأجهزة الرقابة تواصل توفر الأضاحي بأعداد كبيرة في مختلف أنحاء البلاد وخاصة مناطق الانتاج وذلك بأسعار تعادل 10 دنانير للكلغ الحي بالنسبة الى صنف «البركوس» كما تؤكد وزارة الفلاحة ذاتها وجود وفرة كبيرة في العرض الذي يصل هذا العامه الى مليون ونصف المليون رأس وهو ما كان يفترض أن يجرّ الأسعار الى الأسفل وليس العكس. وبالنتيجة فإنه لولا التشويش الذي صنعته تسعيرة الحاكم لكانت الاسعار في أسواق الاضاحي أفضل بكثير من الاسعار المتداولة خلال الايام الاخيرة والتي يرجح أن تتجه نحو الانخفاض في خضم التراجع اللافت لعدد المقبلين على الأضاحي بسبب الضغوطات المعيشية وتغير الأولويات لدى فئات واسعة من المجتمع.