نابل...استعدادات مكثفة لموسم الزراعات الكبرى وسط تفاؤل الفلاحين    الاتحاد المنستيري شبيبة القبائل (0 3) هزيمة ثقيلة للمنستيري والجمهور يثور    الرابطة الوطنية لكرة القدم تسلّط عقوبات مالية ضد عدد من الأندية: التفاصيل    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    مع الشروق : من جلاء الأرض إلى جلاء العقول...هل تحرّرنا من الجهل؟    وزير الفلاحة يعلن عن جملة من الإجراءات لفائدة موسم زيت الزيتون    المهدية .. المؤتمر الوطني للبيولوجيا الطبيّة في دورته ال 34 ..مواكبة للتكنولوجيات الحديثة من أجل تطوير الخدمات الصحيّة    محافظ البنك المركزي من واشنطن: تونس تتعافى إقتصاديا.. #خبر_عاجل    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    مجدي الراشدي مدربا جديدا لمستقبل القصرين    قابس: المجلس الجهوي لعمادة الأطباء يعبّر عن استعداده الكامل للتعاون من أجل تحسين الوضع البيئي وضمان سلامة المواطنين    عاجل: مشروع قانون المالية يُمكّن أطفال القمر من 130 دينارا شهريّا    ترتيب الفيفا: المنتخب التونسي يقفز ثلاثة مراكز ويصعد إلى المرتبة 43 عالميًا    وفد من وزارة التجارة يبحث ترويج زيت الزيتون التونسي في السوق الصينية    وزارة الفلاحة: برمجة مشاريع في مجال الموارد المائية في 2026    عاجل: هذا ما تقرّر بشأن محامية تونسية شاركت في قافلة الصمود بجواز سفر شخص آخر    القضاء اللبناني يفرج عن هانبيال القذافي بكفالة قدرها 11 مليون دولار    عاجل: وزارة المالية...جهاز جديد يسجّل كل عملية بيع للمأكولات والمشروبات في تونس!    دار الثقافة عين زغوان تكرم الفنان الراحل حسن الدهماني    في الاحتفال باليوم الدولي للتراث الثقافي غير المادي: تونس تعمل على تعزيز رصيدها من العناصر المسجلة على قائمة اليونسكو    عاجل/ منخفض صحراوي وأمطار غزيرة بكميات هامة ستشمل هذه الولايات يوم السبت..    عاجل/ متابعة: حادثة الميترو عدد 5..القبض على المعتدي..وهذه التفاصيل..    عاجل/ انقاذ 29 مهاجرا غير شرعي من الغرق قبالة هذه السواحل..    عاجل/ ليلة رعب في المترو عدد 5..ماذا حصل في محطة الجبل الاحمر؟..    التطوّرات في قابس: هيئة المحامين تتدخّل.. #خبر_عاجل    تحطم طائرة بهذه المنطقة..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    بشرى سارة للمصابين بقرحة المعدة..أخيرا..    الحمامات: انطلاق المؤتمر الخامس والعشرين لجراحة الكلى والمسالك البولية    انطلاق مهرجان الهريسة بنابل تحت شعار جودة وتراث    الصحة بغزة تتسلم 120 جثمانا وتدعو الأهالي للتعرف عليهم    حمودة بن حسين أفضل ممثل في مهرجان بغداد الدولي للمسرح    تحويل جزئي لحركة المرور على مستوى جسر لاكانيا إبتداءا من غد السبت ولمدة ثلاثين يوما    وزارة الأسرة تفتح مناظرة خارجية للمتصرفين في الوثائق والأرشيف    العثور على شاب مشنوق في إحدى واحات قبلي    مصر ترفع أسعار الوقود    الغرفة التونسية الفرنسية للصناعة والتجارة تنظم يوم 21 اكتوبر الجاري النسخة الثانية من لقاءات التمويل    عاجل : الفيفا تصدر توضيحا حول تصريحات ترامب بخصوص كأس العالم 2026    عاجل: هاذم ماتشوات الويكاند..برنامج كامل بالتوقيت التونسي    عاجل: نحو 100 إصابة بينهم شرطيون وصحفيون في احتجاجات ''بيرو'' الأخيرة..شفما؟    روسيا تخطط لإطلاق السفر بدون تأشيرة مع 3 دول بينها بلد عربي في القريب العاجل    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    العرض الكوريغرافي "Laaroussa Quartet" لسلمى وسفيان ويسي في "دريم سيتي": عندما تتحول إبداعات حرفيات سجنان إلى رمز للصمود والمقاومة    عاجل: الوضع الصحي لفضل شاكر بعد شائعات تعرضه لوعكة    البنك المركزي التونسي يطرح ورقة نقدية جديدة من فئة 10 دنانير    عاجل: تفشي مرض ''الدفتيريا'' في الجزائر...هل تونس محمية من الخطر؟    عاجل: وزارة الصحة تنظّم الأيام الوطنية لصحة البصر وصحة الفم بالمدارس..هذا هو الموعد    رياض ڤويدر يكتب التاريخ: أوّل تونسي وعربي نائبًا لرئيس الاتحاد العالمي لطبّ الأعصاب    وزارة التربية: فتح باب التسجيل لاجتياز مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية دورة 2026 بداية من يوم 29 أكتوبر 2025    القصرين: تقدّم أشغال مشروع الطريق الحزامية بتالة بنسبة 54 بالمائة    عاجل/ تونس دون بنوك ليومين..    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مباريات الجولة الخامسة    ديوكوفيتش لا يخطط للاعتزال ‬ويستمد الإلهام من رونالدو وليبرون وبرادي    "هاكرز" يخترقون انظمة مطارات في امريكا وكندا ويبثون رسائل ضد إسرائيل    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    محمد بوحوش يكتب:صورة الأرامل في الأدب والمجتمع    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهم في رحلاتهم .. مع إيفالد في رحلته التونسيّة الطرابلسيّة (6)
نشر في الشروق يوم 15 - 08 - 2019

نحاول بهذه الحلقات من أدب الرحلات إمتاع القارئ بالتجوال في العالم رفقة رحّالة وكتّاب شغفوا بالترحال وأبدعوا على اختلاف الأنظار والأساليب في وصف البلدان، سواء انطلقوا من هذا القطر أو من ذاك، مع العلم بأنّ أكثرهم من المغرب الكبير ووجهاتهم حجازيّة لأولويّة مقصد الحجّ وغلبة المشاغل العلميّة والثقافيّة على آثارهم باعتبارهم فقهاء وأدباء، على أنّ الرحلة تكون ممتعة أكثر مع آخرين جالوا في قارات أخرى.
إيفالد (كريستيان فردناند): 1803 – 1875 م.
وفي طريق العودة إلى تونس أرسى المبشّر إيفالد بجربة يوم 12 أكتوبر أو قبله بيوم، حسب تاريخ اليوميّة المقيّدة لرحلته. ثمّ وصل إلى تونس حسب ما كتبه بتاريخ 24 أكتوبر، «بعد غيبة استغرقت حوالي خمسة أشهر» على حدّ قوله (ص 120). وقد خصّها هي وقرطاج بأشمل الوصف في الصفحات أو اليوميّات الخاتمة لرحلته.
كتب عن تونس في غرّة ديسمبر: «تنقسم المدينة إلى ثلاثة أجزاء، هي «المدينة» وربضا «باب سويقة» و «باب البحر». ويفصل المدينة ذاتها عن ربضيها سور مرتفع له خمسة أبواب. لكن ثمّة سور ثان يحيط بالكلّ، تعلوه هنا وهناك بعض المدافع المهملة، ويشتمل على أحد عشر بابا. ولكلّ جزء من أجزاء المدينة ما يعرف ب «شيخ المدينة» أي ما يضاهي رئيس الشرطة، يضطلع، على وجه التدقيق، بالحراسة الليلية. وتتميّز الأنهج هنا بالاتّساع وحسن العناية إلى حدّ ما، علما بأنّ حسن العناية هذا صار حديثا يقرأ له ألف حساب. ويتسنّى في غالب هذه الأنهج، ولا سيما أنهج المدينة ذاتها، التنقّل بالعربات.
ونظرا لكون تونس عاصمة البلاد، ترد إليها كافة منتوجات أقاليمها تقريبا، ومنها يشترى ما تحتاج إليه هذه الأقاليم، فالمدينة بأسرها أشبه شيء بسوق عظيمة. ونجد في الأرباض أسواق الفواكه والخضر والزبد والبيض والزيت والطيور الداجنة والغنم والخيل والفحم والحطب والجلد ونسيج الأشرعة وغيرها. ويشرف على كلّ سوق ناظر خاص بها يقال له «أمين» يجبي الأداءات التي تؤجّر الدولة حقّ استغلالها إلى المزايد الأعلى. وتوجد في قلب المدينة سوق التوابل وهي من أجمل الأسواق، ثمّ أسواق الفضّة والذهب والجواهر والنعال والملابس وسوق العبيد. وتختلف الممارسات التجارية المحلّية كلّ الاختلاف عمّا هو مألوف في أوروبا. فلكلّ سوق عدد من السماسرة يعملون ضمنها (...) وينقسم سكّان تونس إلى مسلمين حضّر وعرب وأتراك وزنوج ويهود ونصارى. ويتألّف لباس المسلمين الحضري من سروال رحب فضفاض وسترة مستديرة الشكل تلبس فوقها ثانية عادة ما تكون موشّاة بتطريز ذهبي غزير. ويلفّ حول الحزام نطاق تتفاوت جودته بحسب ثروة صاحبه. أمّا الجوارب فيندر لبسها، ويتوقّف ذلك على الشيوخ، وإلاّ فإنّ الأقدام تبقى عارية في أخفافها. ويسدل فوق الكلّ قفطان هو بمثابة المعطف (يقصد البرنس). ولمّا يبلغ الشاب الثانية والعشرين من عمره يلبس العمامة ويترك لحيته تنمو، وهي زينة الرجل المفضّلة (...) ويتعاطى مسلمو الحاضرة أشغالا متنوّعة، فكثيرهم أصحاب ضيعات، منها القريب من المدينة ومنها البعيد، ويملكون رقيقا وافرا، وطالما تتركهم الحكومة وشأنهم ولا تضايقهم فإنّهم يعيشون عيشا هنيئا رغيدا. وينتمي آخرون إلى فئة التجّار، وكأنّي بالتجارة من أحبّ المهن إلى نفوس المسلمين. ومنهم أيضا من هو صاحب مصنع للحرير ينتج فيه شتّى الأقمشة الحريرية. وهناك عدد كبير يباشر صناعة القبّعات الحمراء أو «الشاشية»، وهي ذائعة الصيت وتصدّر إلى الخارج. وتصنع كذلك أعداد كبيرة من البنادق والمسدّسات والسيوف» (ص 131 – 133).
ولاحظ كره الرجال ملازمة البيوت (ص 133) والتحاف النساء في الشارع وتعدّد الزوجات وجمال المنازل وفخامة الأثاث (ص 134) لكنّه انتقد بعض المشاهد إذ لاحظ أنّ «من أفظع معتقدات المسلمين الباطلة اعتبارهم المجانين أولياء صالحين. ومن أوليائهم هؤلاء من كان صادقا، ومنهم الدجّال، بما في ذلك الرجال والنساء على حدّ سواء. وتراهم يجوبون الشوارع في أغرب الأزياء، نصف عراة أحيانا أو عراة أحيانا أخرى. ويزوّدهم الناس بالنقود والطعام، ويستبشرون خيرا إذا ما لمسهم أحد هؤلاء الأولياء ويعتبرون ذلك حظوة كبرى. وعندما يموت أحدهم تقام على قبورهم المزارات التي تصبح في الإبّان حرمات (يقصد زوايا) يلوذ بها المجرمون» (ص 137).
وخاتمة المطاف قرطاج التي كتب عنها بتاريخ 6 جانفي 1836 معجبا بشساعتها وآثارها وبساتينها رغم الخراب الذي فسح شوارعها للمحراث وساحاتها للغنم حتّى – والكلام له – «صار السائح يمشي بين أكوام الحجارة غارقا في عميق الأفكار، متسائلا في كدر وكآبة: أصحيح أنّ قرطاج كانت تقوم في هذا المكان !» (ص 156).
التعليق : تتبّع إيفالد - بصفته المسيحيّة وأصله اليهوديّ ومهمّته التبشيريّة - أحوال اليهود في المدن التونسيّة التي اختارها ساعيا إلى تحويلهم إلى دينه بناء على معرفته باللغة والعقائد والعوائد. وبالمناسبة لاحظ أينما حطّ الرحال الآثار السلبيّة للسياسة الجبائيّة والمعتقدات الشعبيّة في حياة السكّان على اختلافهم ممّا جلب إليهم مع الفقر والتلوّث عدّة أمراض بما في ذلك الوباء. ولم يخف أسفه لهذه الحالة وخاصّة وضع المرأة، وبالخصوص الإماء، كما لم يكبت استنكاره لسذاجة تقديس « الأولياء» والاحتماء بزواياهم، وأكثرهم من الدجّالين والمجانين . على أنّه لم يغفل الإشادة بما فاجأه في بعض الأماكن من النظافة والنظام والذوق والنشاط، خاصة في أوساط الأثرياء، وأغلبهم من التجّار. ولموضوعيّته تعدّ شهادته وثيقة مفيدة للباحث عن صورة تونس في النصف الأوّل من ق 19 م، مع غيرها بطبيعة الحال.
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.