تعرّضت الإيالة التونسية من تاريخ انتصاب الحماية الفرنسيّة سنة 1881 م إلى تاريخ الاستقلال سنة 1956 م لاستعمار سياسي واقتصادي ولاستيلاب فكري وثقافي فكان على الشعب وقادته أن يواجهوا عدوّا ظاهرا وآخر خفيّا . كان تسرّب الماصونيّة عن طريق الصحافة الراديكاليّة والاشتراكيّة مثل بريد تونس ( Le courrier de Tunisie ) من 1905 إلى 1940 وتونس الاشتراكيّة ( Tunis - socialiste) من 1921 إلى 1956 وخاصة كتابات (Guy Mollet) و (André Bidet) و (Albert Bouzanquet) . لقد اكتشف الماصوني الاشتراكي الفرنسي (Félicien Challaye) 1875 – 1967 م) أنّ الحضور الفرنسي في تونس وباقي الشمال الإفريقي لم يكن لغرض إنساني وتمديني بل كان استعمارا عنيفا لغاية الاستغلال الاقتصادي خطّط له (Jules Ferry) . وقد عبّرت جريدة « تونس الاشتراكيّة « في عدد 27 / 4 / 1927 صراحة عن أمل مهندسي الحماية في أن يحتلّ الاستعمار القلوب والعقول وألاّ يكتفي بالأرض إلى أن يؤمن الأهالي بأنّ حياتهم رهينة دوام تعلّقهم بفرنسا . وقد أثبتت دراسة الوثائق الأرشيفيّة مدى تغلغل الماصونيّة في أجهزة الدولة من أعلى المستويات السياسيّة والوظيفيّة إلى أدناها ، كما اهتمّت بشخصيّات نشيطة في هذا الاتّجاه ، من الطرفين الفرنسي والتونسي، مثل القنصل (Léon Roches) (1809 – 1901 م ) والطبيب (David Goldzeiguer) (1886 – 1943 م ) والمحامي بسوسة الطيّب غشّام ( 1903 – 1953 م ) وعدد من زعماء الحركة الوطنيّة وأعلام الحياة الثقافيّة كعبد العزيز الثعالبي والطاهر حدّاد، وصولا إلى محمود المسعدي وزير التربية.وقد تبنّوا جميعا الدفاع عن المبادئ التالية : تمجيد الاستعمار واستدامته والانتصار للأفكار الفرنسيّة وإرساء النظام الجمهوري وتقديم الوطنيّة اللاّئكية على الوطنيّة الدينيّة ومناهضة القوميّة العربيّة ودعم الفكر الحرّ وتحرير المرأة المسلمة وتعويض التعليم الزيتوني بالتعليم المدرسي باللغتين. وعلى أساسها فضّلت فرنسا الحبيب بورقيبة على صالح بن يوسف مفاوضا متجاوبا . وإذ تحقّق جلّها بعد الاستقلال فقدت الماصونيّة موجب إشهارها. الجمعيات بين التأطير والتوظيف، تقديم وتنسيق الكراي القسنطيني، كلية الآداب والفنون والإنسانيات ، منوبة ، 2009 ( ص : 471 – 501 بالفرنسية). يوسفي (أسمهان): الجمعيات السرّية والاستعمار الفرنسي، الماسونية بتونس أثناء الفترة الاستعمارية مثالا . – في : الجمعيات بين التأطير والتوظيف ... ص 501 – 517 . مالوف» هو المألوف بتخفيف الهمزة أي الفن الغنائي و الموسيقي الذي ألفته الأسماع ودوّن مشاعر الألفة ، ألفة الأحباب و ألفة الأوطان ، صار مصطلحا تونسيّا للموسيقى الأندلسية الواردة على البلاد من الأندلس قبل الهجرة الأخيرة بقرون لأنّ الموريسكيين، أو أواخر الأندلسيين ، لم يكونوا يعرفون اللغة العربية باستثناء قلّة منهم ، و إنما في وطنهم الجديد أقبلوا جيلا بعد جيل على حفظ ما تضمّنه المصطلح من نوبات و موشحات أندلسية و شرقية و أزجال محلّية تنفيسا عن غربتهم زيادة على تقوية إيمانهم في بعده الشعبي بما شمله أيضا من المدائح النبوية و الطرقية . و رواياته و تعريفاته مختلفة بين الأقطار المغاربية و بين الجهات التونسية . بقيت لنا منه بالرواية و بجهد المعهد الرشيدي و مؤسسة الإذاعة و فضل شيوخ الفنّ ثلاث عشرة نوبة ، رتّبت في زجل تابع لنوبة النوى . و أشهر القطاع منه « ناعورة الطبوع» من نظم سيدي محمد الظريف ( ت 787 / 1385 م ) في قصيدة تشوّق لزيارة قبر الرسول (ص). و قد سبقه في فضل حفظه الفيلسوف أبو الصلت أميّة بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني الإشبيلي ( ت 529 ه / 1134 م ) الذي - بعد رحلته المصرية - عاش في المهدية و دفن بالمنستير حسب العادة . و لزاوية أبي الغيث القشاش بتونس، صاحب الطريقة و مستقبل المهاجرين سنة 1609 م، دور كبير في إحيائه عبر الزوايا متأثرا بالموسيقى التركية إلى أن احتضنه مهرجان تستور منذ سنة 1967 م . الحمروني (أ.) : المدوّنة الموريسكية التونسية ، ص 88 – 91 ؛ تستور / المالوف و المهرجان. – تونس 2003 ؛ عزّونة (جلول): في الموسيقى التونسية . – سحر ، تونس 1999 (خاصة ص 44 – 51 حيث الإضافة التونسية).