ارتفع عدد ضحايا الاحتجاجات في العراق إلى 44 قتيلا ومئات المصابين، بحسب ما ذكرت وكالة «رويترز» نقلا عن مصادر طبية وأمنية، امس، في وقت تستعد فيه الحكومة الى أخذ قرارات تهدّئ الشارع. بغداد (وكالات) وتشهد الاحتجاجات في العراق ضد الفساد نسقا تصاعديا مع توسع رقعة المظاهرات التي باتت تشمل عددا كبيرا من المدن، رغم مطالبة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بالتهدئة وتقديمه وعودا بتحسين مداخيل العائلات الفقيرة بحيث «يوفر حدا أدنى للدخل يضمن لكل عائلة عراقية العيش بكرامة». وعاش العراق أول أمس يوما وُصف بالأكثر دموية منذ اندلاع الاحتجاجات الثلاثاء الماضي، حيث ارتفع عدد القتلى إلى 31 شخصا خلال المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن. وقد دعت منظمة العفو الدولية بغداد في بيان إلى «أمر قوات الأمن على الفور بالتوقّف عن استخدام القوة، بما في ذلك القوة المفرطة المميتة»، وإعادة شبكة الاتصالات. كذلك حث عدد من الدول الخليجية مواطنيها إلى عدم السفر إلى العراق، ومواطنيها المتواجدين هناك إلى ضرورة مغادرته بالسرعة الممكنة، وذلك على خلفية الاحتجاجات والمواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن. ومن المقرر أن يعقد البرلمان العراقي جلسة، اليوم السبت، لمناقشة مطالب المحتجين الغاضبين، إثر تصاعد وتيرة الاحتجاجات على سوء الخدمات العامة وانتشار البطالة والفساد. وذكرت وكالة الأنباء العراقية أن جلسة البرلمان ستناقش خلال جلسة اليوم مطالب المتظاهرين، إذ نقلت عن النائب الأول لرئيس البرلمان، حسن كريم الكعبي، قوله، «سنعمل على تشريع قانون المحرومية عبر تخصيص 5 % من رواتب الرئاسات (البرلمان والجمهورية والوزراء) للمحرومين والمتعففين». ودعا الكعبي الحكومة إلى تخصيص 25 ألف فرصة عمل لحملة الشهائد العليا. وفي وقت سابق من أمس، طلب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، كتلة «سائرون» (54 مقعدا من أصل 329) النيابية المدعومة من تياره، بتعليق عملها في البرلمان لحين صدور برنامج حكومي يلبي مطالب الشعب. وبدأت الاحتجاجات، يوم الثلاثاء الماضي، من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، وذلك قبل أن تمتد إلى محافظات الجنوب. ورفع المتظاهرون من سقف مطالبهم وباتوا يدعون لاستقالة رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، إثر لجوء قوات الأمن للعنف لاحتواء الاحتجاجات، علما أن حظر التجوال المعلن منذ يوم الخميس لا يزال ساريا في بغداد وعدد من محافظات الجنوب، لكن المتظاهرين تحدوا القرار. بدوره انتقد المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، امس، الحكومة العراقية وحث كل من القادة السياسيين والمتظاهرين على التراجع «قبل أن يفوت الأوان». وجاءت كلمة السيستاني بعد ساعات قليلة من دعوة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي المحتجين للعودة إلى ديارهم، ووصف الإجراءات الأمنية التي فرضت عقب المظاهرات ب"الدواء المر" الذي يجب ابتلاعه. وألقى السيستاني اللوم على زعماء أكبر كتلتين برلمانيتين على وجه الخصوص، قائلا إنهم «فشلوا في الوفاء بوعودهم». وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي ألقاها ممثله أحمد الصافي في مدينة كربلاء إن «الحكومة والجهات السياسية لم تف بمطالب الشعب بمحاربة الفساد». ودعا السيستاني القادة السياسيين إلى اتخاذ «خطوات عملية وواضحة» نحو مكافحة الفساد، وعلى الحكومة «القيام بواجبها» لتقليل معاناة الناس. كما كرر اقتراحه بتشكيل لجنة من التكنوقراط المكلفين بتقديم توصيات بشأن محاربة الفساد، كوسيلة للخروج من الأزمة الحالية.