ليلة الصمت الانتخابي الذي سبق الدور الأول للرئاسية كنت مثل كل التونسيين أتنقّل من قناة تلفزية تونسية الى أخرى أتابع حوارات المترشحين للرئاسية في الساعات الأخيرة وكلّي امل في ان أعثر على خطاب متوازن رصين يجلب احترام المتلقّي. كان الكل يحاول تقزيم الكل والكل يحاول تشويه الكل. ولكن ما قاله يوسف الشاهد كان فوق الخيال وفوق المتوقع. انتظرنا انتهاء الانتخابات التشريعية حتى نذكّر يوسف الشاهد بما قاله في تلك الليلة. كان الرجل يتحدث عن منافسه المورط في قضية تهرب ضريبي نبيل القروي وفي معرض حديثه تحمّس رئيس الحكومة وسمّاه "مقرونة" بدل أن يسمّيه باسمه. ولا يعنينا نبيل القروي في هذا التفصيل فهو شخص مدان بجريمة اقتصادية وملفه قضائي بامتياز. ولكن ما يعنينا هو هذه التسمية المستفزة ألا يعلم رئيس الحكومة ان هناك فعلا تونسيين يعانون الجوع وان أحزابا وشخصية تسرّبت إليهم واطعمتهم "المقرونة" و"الشوكوطوم" ووظفتهم سياسيا فقط لأن الدولة التي يقودها منذ ثلاث سنوات نسيتهم؟ الا يعلم يوسف الشاهد ان الآلاف من التونسيين غير قادرين على الحصول على الخدمات الصحية بما في ذلك الأساسية وان زيدا وعمرا قدموا لهم خدمات صحية في قوافل طبية تم توظيفها سياسيا لاحقا فقط لان الدولة التي يقودها يوسف الشاهد منذ 2016 لم تنجح في تحقيق العدالة الصحية والاجتماعية والتنموية؟ الا يدرك يوسف الشاهد ان زيدا وعمرا استغلّوا الهفوات في سياسته لاطعام الناس "المقرونة" التي يسخر منها الشاهد؟ وانت تجلس في القصبة وتحيك المؤامرات من اجل البقاء في السلطة جاع الناس ولم يجدوا لا "المقرونة" ولا "السميد" ولا "الزيت". هذا التنطّع لن يصل به بعيدا سياسيا فلا هو في الحكم ولا هو في المعارضة (إذا ما تمّ اصطياد أعضاء كتلته البرلمانية في اطار السياحة الحزبية) ولا هو أيضا شريك في اي مبادرة سياسية قد تعلن قريبا من قبل العائلة الوسطية. يوسف الى زوال.