ويتواصل الحديث عن سمك القرش برّا وبحرا... مسألة الهجرة غير المنظمة ليست ظاهرة حديثة ولا هي عاهة طارئة في العلاقات الدولية... ولولا الهجرة لما عمّر الانسان كل الارض... بما فيها ما يسمى اليوم بالولايات المتحدةالامريكية... فالهاربون من الاضطهاد الديني والهاربون من العدالة والهاربون من الفقر عمروا ارضا ليست ارضهم ثم تبين بعد ذلك... بعد عناء شديد... ان المجتمعات متعددة الاثنيات والألوان واللغات هي الأقدر على التطوّر والتقدم... تعدد الثقافات هي التي تولّد مجتمعا قويا طموحا وثريا والمهم هو الالتفاف حول الوطن وتحول قيم الحرية والمشاركة الديمقراطية والتفوق الى اسمنت يشد الفسيفساء في لوحة واحدة. إذن، لماذا اصدّ الاوروبي وهذا التوجّس... معاهدة «سنقين» بنت سورا واقيا حول اوروبا... ولا يخجل جماعة حقوق الانسان عندهم من ذلك... وينسون انهم في حربهم على الارهاب يغفلون عن حقيقة مرة... الفقر والتخلف يولدان الارهاب والارهاب يصدر نفسه بنفسه ولا تمنعه حواجز... وهؤلاء الذي يحرقون فيحترقون... هؤلاء الذين تأكلهم اسماك القرش برّا وبحرا لا يطمعون الا في عمل لما عزّت بهم السبل في أوطانهم... ولو بقوا في اوطانهم ويئسوا من ضوء امل يحببهم في الحياة فإنهم سيكونون عرضة لليأس والمتطرفون يجنّدون ضحايا هم من سوق اليأس... الدول التي نسميها صديقة، ننعت علاقاتنا بها بالتاريخية والحال ان الرابط هو تاريخ استعماري بغيض لم تفهم الرسالة وكما انها لم تفكر يوما في تعويض مستعمراتها عن الدمار والضياع الذي لحقها فإنها لا تفكر بجد في ان تغسل ذنوبها وتاريخها الذي تتبرأ منه هي نفسها بمدّ اليد، بجد الى الدول النامية... وان فعلت فإنها تجني اكثر مما تزرع... وما تتكرم به باليمنى تسترده باليسرى مع فائض محترم ثقافيا واقتصاديا.. قوارب الموت لن تتوقف لأن الحلول ليست بيد القرار السياسي بل هي بيد القرار الاقتصادي... والاقتصاد حسابات وليس نوايا حسنة، ايطاليا مثلا عدد سكانها 60 مليون نسمة وهم يقولون ان مثل هذا العدد من الايطاليين يعيشون في امريكا والارجنتين واستراليا وغيرها... مهاجرون.. هم ايضا... اذن الحكاية ليست حكرا على الافارقة... مداخيل ايطاليا لوحدها تفوق مداخيل كل دول الخليج البترولية... وكذلك الشأن بالنسبة لفرنسا واسبانيا... البرتغال كانت قبل عقدين في آخر الصف ولما شدّوا ازرها صارت دولة عتيدة... عندما تصدق النوايا يمكن صنع المعجزات وقتها فقط تتحدث عن المتوسط بحيرة سلام وأمان وعن البحر كجسر تعاون وتوافق... وقتها تكسب العولمة المتوحشة بعض الملامح الانسانية..