لا أبالغ إذا قلت أني شعرت بسعادة غامرة عندما علمت أن ساحر الأجيال حمادي العقربي سيكون ممنونا جدا بطلب وفد «دار الأنوار» تتقدمهم الرئيس المدير العام السيدة سعيدة العامري وزوجها الأستاذ عبد الجليل المسعودي الذين تحولوا الى صفاقس في زيارة عمل يريدون الاطمئنان على صحته و ذلك بالتحول الى بيته محملين بالورود وبشعور يغمره حبّ خاص لأسطورة الكرة التونسية . حمادي العقربي بابتسامته ولطفه أعاد بي الذاكرة لأول حديث أجريته معه منذ قرابة الأربعة عقود مضت أيام كان يرسم لوحات كروية سحرية في كل الملاعب بالمدن التونسية وينال تشجيع جميع الجماهير الرياضية بطريقة منفردة لم يسجلها التاريخ الرياضي في توسن الى يومنا هذا. انتهى زمن المواهب استقبلنا في منزله بكلمة معبّرة من طرفه ومن فم زوجته السيدة سارة . تسلم حمادي باقة الورود من يد السيدة سعيدة العامري وعينه تبرقان فرحا . وكم ارتحنا عندما تحادثنا معه وقدم لنا رؤيه في عدة قضايا تهم عالم كرة القدم في بلادنا ليقول بكل حرقة وبهدوء الكبار أتأسف لما وصل إليه فريقي الذي أنجبني وصنع نجوما كبارا على مرّ العقود والسبب مادي بحت ويستدعي من الجميع مدّ يد المساعدة بالمال خاصة لحل كل المشاكل التي تورّطت فيها الهيئة المديرة وعلى رأسها منصف خماخم الذي لا يستحق الجحود والتعدّي على شخصه بعد أن قدم ومازال المال الوفير والجهد الكبير لينهض بناد خلق لتعشقه الجماهير الرياضية وتشجع نجومه وللأسف اليوم لم يعد عصرنا هذا ينجب ويبرز المواهب الكروية في زمن طغت فيه المادة والصناعة الكروية بالتخطيط لصناعة نجوم لا يستحقون ما يتقاضونه من أموال طائلة، مضيفا بكل حماس: «لا بد أن يقف هذا التيار الجارف بتحديد سقف للأجور بالنسبة الي كل اللاعبين والممرنين وللحقيقة أقول إنه لم يعد لدينا مدربين متميّزين باستثناء عدد قليل جدا ولا يمكن حتى للفرق الكبرى انتداب ممرنين عالميين قادرين على الإضافة للأسف». ما هو سرّ نجاحكم في ملحمة الأرجنتين؟ مفتاح نجاحنا زمنها هو المثابرة والعمل الجدي والتشبّع بالوطنية الخالصة والدفاع عن الراية المقدسة... كنا زمنها نضع نصب أعيننا خدمة البلاد وإدخال الفرحة في قلوب العباد عندما يرمى أمامنا العلَم المفدّى ولا نفكر زمنها في المال والشهرة وهذا ما جعلنا الى يومنا هذا راسخين في الذاكرة الجماعية والحمد للّه. ما هو الحل لصنع جيل جديد مبدع وفرق متميّزة تشرّف كرة القدم في الداخل وفي المحافل الدولية؟ لا مجال أمام الجميع سوى الاعتماد علي العناية بالشبان ودعم المراكز المختصة في كرة القدم بالمال والخبرات القادرة على الإضافة. لماذا لم تسع لصنع نجم يخلفك من أبنائك الثلاثة معز الموظف ومهدي الصيدلي وزياد الطبيب؟ حقيقة لم ألمس موهبة لدى أبنائي وأحدهم شجعته لكن بعد فترة قصيرة صارحته بأنه لا يملك سحرا كرويا وموهبة تميّزه على أقرانه. ما هي القيمة المالية التي تسلّمتموها من الزعيم الحبيب بورقيبة عندما استقبلكم بقصر قرطاج بعد عودتكم من مونديال 78؟ سلمنا ألف وخمس مائة دينار لكل لاعب ساهم في ملحمة الأرجنتين ونصحنا جميعا بأن نحسن التصرّف فيها. هل لك أن تصنّف لنا الفرق التونسية في سباق البطولة الوطنية هذا الموسم؟ بصراحة وبدون مجاملة ليس هناك فريق متكامل وقادر على لعب الأدوار الأولى وطنيا وقاريا غير الترجي الرياضي التونسي الذي يملك مواهب فذّة وقادرة على صنع السحر الكروي وتحقيق الانتصارات بكل استحقاق. غيابك عن الملاعب كمتفرّج لماذا طال حتى قبل أن تتعرّض الى وعكة صحية؟ بصراحة لم أعد أشعر كما هو الحال بعديد العارفين بجمال وسحر وعشق أجواء الملاعب بالراحة والشغف لمتابعة لقاء في كرة القدم داخل الملاعب التي أصبحت فضاء للعنف وتبادل التهم والتعدّي على حرمة الفضاء الرياضي وثلب المسؤولين واللاعبين الذين يضحون لإدخال الفرحة في قلوب الجماهير... أعتقد جازما أن التهجّم و الثلب والكلام البذيء الذي طال رئيس ال «سي آس آ» منصف خماخم أمر مشين ولا مجال لعودته مرة أخرى لأن جمهورنا تميّز منذ القدم بالأخلاق العالية والروح الرياضية السامية وأعتقد أن دور العقلاء ولجان التأطير الإحاطة بالأحباء لأنه أمر هام ويستوجب وقفة حازمة وجدية لإعادة الأجواء الممتازة في كل ملاعبنا الرياضية. هل لك أن تطمئننا عن حالتك الصحية والنفسية؟ أحمد الله على كل شيء ومن فضل المولى العليّ القدير أنني تخطّيت مؤخرا مرحلة صعبة جدا وحسّاسة في وضعي الصحي والآلام التي عانيت منها... أدعو اللّه أن يرزقني وكل من ابتلاهم اللّه بأي مرض الشفاء التام . بهذه الروح المعنوية ودّعنا العقربي الذي سحرنا بلطفه وأخلاقه متمنين له الصحة و العافية وأن يديم الله عليه نعمة حب وتقدير وعشق كل التونسيين له. لا مفرّ من تحديد سقف لأجور اللاعبين و المدربين كرة القدم التونسية تعيش أزمة مواهب و الترجي هو الأفضل في هذه الفترة