على غرار برقية التفتيش التي يصدرها القضاء لملاحقة المجرمين تتلقى المكاتب الديوانية في 3 موانئ بحرية بصفة آلية «بطاقة استهداف» تخضع الحاويات المشبوهة للتفتيش الدقيق في المسلك الأحمر. الشروق تونس: وخلف بطاقة الاستهداف تتحرك ترسانة من الأنظمة المعلوماتية التي تشكل سيلا لا يتوقف من المعلومات يمكن جهاز الديوانة في تونس من متابعة حركة الحاويات المشبوهة قبل رسوّها في المياه التونسية. تقاطع مع الأممالمتحدة وتتشكل هذه الترسانة من منظومات معلوماتية وطنية بما في ذلك «السجل الأسود» للمهربين وأخرى دولية أهمها منظومة مكتب الأممالمتحدة للجريمة والمخدرات ومنظومة «شان كوم» التابعة للمنظمة العالمية للديوانة التي تغذيها أجهزة الديوانة في كثير من الدول بما في ذلك تونس. ويخضع هذا السيل من المعلومات إلى تحاليل على مدار الساعة تنجز فيما الحاويات لا تزال في أعماق البحار وذلك بمقر إدارة التصرف في المخاطر التي تشكل «دماغ» الديوانة التونسية. وعلى امتداد نحو ساعتين قضتها «الشروق» في مقر هذه الادارة بدا تحليل المخاطر مثل تجميع مربعات «اللوقو» التي تفضي في نهاية المطاف إلى تحديد درجة خطورة تصاريح التوريد بناء على جملة من المعايير SCORING التي يتم في ضوئه توجيه البضائع أوتوماتيكيا إلى واحد من المسالك الثلاثة في الموانئ البحرية.. الأحمر أو البرتقالي أو الأخضر. حماية الأمن القومي وأكّد العميد ساسي البوعزيزي مدير إدارة التصرف في المخاطر أن هذه الترسانة من التقاطعات تمكن من استهداف الممارسات المشبوهة عالية الخطورة التي تتهدّد إما الأمن القومي أو سلامة المستهلك أو مصالح النسيج الاقتصادي الوطني مشيرا إلى أن هذه المنظومة المعتمدة حاليا في ثلاثة موانئ بحرية هي رادس وسوسة وصفاقس ستعمم تدريجيا على كافة الموانئ والمطارات والمعابر البرية وتابع أن تحليل المعطيات بما في ذلك سجل المورّد يفضي إلى تراكم عناصر شك في صدقيّة بيان الحمولة يتم في ضوئها إصدار بطاقة استهداف إلى المكتب الديواني تخضع بمقتضاها البضاعة للتفتيش الدقيق. وكشف في هذا الصدد أن استهداف بيانات الحمولة أفضى خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام إلى كشف أكثر من 20 تصريح توريد كاذب واسترجاع مبالغ للدولة بقيمة 12 مليارا من المليمات إلى جانب حجز أكثر من ثلاثة ملايين منتوج. وتابع مدير إدارة التصرف في المخاطر أنّ تصاريح التوريد الكاذبة تتعلق إما بخصوص قيمة أو كمية أو نوع البضاعة الموردة وهي تهدف إما إلى التقصّي كليا أو جزئيا من الأداءات المستوجبة أو مراوغة نظام الرقابة الفنية المفروض على عدّة أصناف من الواردات. ومن جانبه أكّد العميد عصام الفساطوي رئيس مرصد الديوانة الذي يعد أحد المكونات الأساسية لإدارة التصرف في المخاطر أن تقاطع المعطيات يؤدي إلى بناء ما يسمى «شجرة القرار» التي تكتسي نجاعة عالية في استهداف كل أشكال التهريب والغش التجاري والتهرب من الرقابة الفنية عن التوريد ملاحظا أن هذه المنظومة تشتغل وفقا لعدّة معايير منها تيارات التهريب. 18 شركة في الفخ وفي السياق ذاته لاحظ العميد المنصف صميدة رئيس وحدة مراقبة الحاويات أنه يوجد تنسيق على مدار الساعة بين كل من إدارة التصرف في المخاطر وإدارة القيمة وهو ما أدى مؤخرا إلى تلاعب بقيمة التوريد من قبل 18 شركة تنشط في توريد الموبيليا والبلاستيك ومعدات الإضاءة قدر الفارق بين القيمة الحقيقية لوارداتها والمبالغ المصرح بها بنحو 7٫7 ملايين دينار. وتمكنت إدارة التصرف في المخاطر من الكشف عن هذه الممارسات بعد استخدام عدة منظومات بما في ذلك قاعدة بيانات البلدان المنضوية تحت لواء الاتفاقية العربية المتوسطية للتبادل الحر المعروفة باتفاقية أغادير. وبالنتيجة بدت إدارة التصرف في المخاطر بمثابة «الغرفة السوداء» التي تتشكل من ترسانة من الحواسيب تتقاطع فيما بينها لتخرج صورة كاملة بخصوص محتويات الحاويات المشبوهة فيما السفن لا تزال تمخر أعماق البحار في طريقها إلى تونس.