«هريسة وسردينة» في إناء بلاستيكي (بانو) هكذا توزع لمجة على150 تلميذا في مدرسة هنشير البقر بالقصرين ,صورة فاجأت المسؤولين عن قطاعي التربية والطفولة لكنها لم تفاجأ اولياء التلاميذ ولا سكان الارياف، فهذا واقعم بل هو أعمق وأكثر تعاسة وقتامة. فتلك الصورة هي مألوفة وعادية بالنسبة لتلميذ تلك المدارس الذي يغادر المنزل مند ساعات الصباح الاولى وارجله الصغيرة تتحسس الطريق في ظلام دامس وظهره الضعيف لايقوى على حمل اكداس من كتب تحدثه عن حب الوطن، وقدماه غارقة في الاوحال وجسده النحيف يرتعش بردا وخوفا من ان أي مفاجاة تهدد حياته ولا يقوى على مقاومتها... أطفال في الاعمار ولكنهم كبار في تحدي المعاناة... معاناة قد تبدو خفية لكنها عن أعين المسؤولين فقط، وليس عمّن خبروا كل فصولها. الكاف (الشروق) 80 % من المدارس الابتدائية تقاطع الأكلة المدرسية، 50 % من المدارس الريفية بلا ماء صالح للشرب، وفي غياب المطاعم المدرسية وتردي البنية التحتية فإن معاناة التلميذ تتعمق. التيجاني العريفي (كاتب عام نقابة أساسية وعضو الفرع الجامعي) أكّد على تواصل مقاطعة 80 % من المدارس الابتدائية المعنية بالإعاشة وعددها 167 للأكلة المدرسية، محملا المسؤولية إلى وزارة التربية ومن بعدها ديوان الخدمات المدرسية الذي قدم حلولا واهية. وما يجعل التلميذ في خطر اليوم هو تداعي جل المدارس للسقوط، مع غياب التعهد والصيانة لتلك التي تم تأسيسها منذ بداية القرن الماضي مثل مدرسة ولجة السدرة بالطويرف والمرجى بالسرس والمنجم (بلا سور خارجي) وسيدي الوحيشي (بلا أبواب) وعين القطار (بلا أبواب) بالساقية والسلايمية وأولاد زيد بالقصور، وارتفاع نسبة الرطوبة وتشقق الجدران إلا أن المصالح المعنية لا تبالي بمثل هذه الإشكاليات. مدرسة الأربص بالسرس التي تداعت جل جدرانها للسقوط وهجرها المربون لتقديم الدروس لحوالي 140 تلميذا في نادي للأطفال في انتظار برمجة المدرسة وتهديمها بالكامل من أجل إعادة بنائها وتواترت نداءات الاستغاثة في المناطق الريفية بسبب الوضع الكارثي لمؤسسات تربوية تفتقر للأسيجة وأبسط مقوّمات البنية التحتية مثل مدرسة المديْنة بالدهماني ومدرسة هنشير القصر بالساقية مع انتشار الحيوانات الوحشية وكثرة المسالك التي تفتقر للتهيئة بريف القصور والجريصة والقلعة الخصبة وتاجروين (مدرسة قرن الحلفاية) وقلعة سنان وسيدي خيار بدشرة نبر بما يحول حياة التلميذ إلى كابوس يعيشه في طريق الذهاب والعودة خاصة عند تردي الأحوال الجوية.