تونس (الشروق) رغم ما حصل معه في الكواليس قبل إبعاده عن الأركستر السمفوني التونسي، فإن الدكتور حافظ مقني، لم يشتك، وحافظ كعادته على هدوئه، وواصل عمله خارج هذه المؤسسة، التي ظل يكن لها كل الحب، بل ويتألم لاضمحلالها بعد مسيرة فاقت النصف قرن. الأركستر السمفوني التونسي والأركستر المدرسي والجامعي والأركستر السمفوني بقرطاج، كلّها محطات في مسيرة محدثنا، تطرقنا لها في هذا الحوار الذي عقب عرض الأركستر المدرسي والجامعي مساء أمس بالمسرح البلدي بالعاصمة. الأركستر السمفوني المدرسي والجامعي، مازال يقاوم رغم الصعوبات؟ - كما تعلمون تأسس الأركستر السمفوني المدرسي والجامعي سنة 1989، والهدف الأساسي من تأسيسه، هو التكوين، أي تكوين التلاميذ من 06 سنوات فما فوق على العزف الأركسترالي، وهذا الأركستر قدّم عديد العروض في تونس وخارجها، نذكر على سبيل الذكر لا الحصر، فرنسا واسبانيا وتشيكيا... وحاليا يضم الأركستر ما بين 40 و60 عنصرا تتراوح أعمارهم بين 08 سنوات و25 سنة، وضمّ بالمسرح البلدي، عناصر من الجيل الجديد (جيل 2019) وعناصر من الأركستر السمفوني بقرطاج وفرقا أخرى، وقدم معزوفات لموزار وشوبار وتشيكوفسكي ومحمد مقني ومراد قعلول... وماذا بخصوص الأركستر السمفوني بقرطاج؟ نحن حاليا بصدد تحضير عرض السنة الإدارية الجديدة والذي سنقدمه يوم غرة جانفي 2020، وسيكون مسبوقا بعرض موسيقى الغرفة يوم 03 ديسمبر في قاعة الفن الرابع بالعاصمة، والذي سيتولى قيادته هشام مقني، وللتذكير، الأركستر السمفوني بقرطاج يقدم عروضا نصف شهرية بمعدل عرض كل 15 يوما، وسيكون الموعد المقبل يوم 19 ديسمبر 2019 بالمسرح البلدي بالعاصمة. في هذ العصر الذي غزت فيه الأغاني الهابطة الساحة الفنية، هل مازالت الموسيقى السمفونية أو الكلاسيكية، تحظى بإقبال كبير؟ أجل، ثمة جمهور كبير في تونس يتابع العروض الموسيقية السمفونية، والدليل على ذلك تعدد الفرق، (3 أو 4 فرق)، ونحن نقدم كل عروضنا أمام شبابيك مغلقة، وأعتقد أن هذا المعطى يقيم الدليل على أن التونسي يحب الموسيقى السمفونية والموسيقى الكلاسيكية عموما، لكن ما أودّ الإشارة إليه، وبكل ألم اضمحلال الأركستر السمفوني التونسي الذي بعد 50 سنة من العطاء، يقدم عرضين أو ثلاثة، في غياب شبه كلي، ولخبطة بينه وبين أركستر أوبرا تونس... هل أنتم على إطلاع بالمشاكل الحاصلة في الشأن الموسيقي صلب وزارة الشؤون الثقافية؟ نوعا ما، ومشكلة الوزارة أنها لم تف بوعودها المادية تجاه الموسيقيين، الذين من المفترض أن يتحصلوا على حقوقهم، وأتفهم الأزمة المالية في بلادنا، ولكن المنطق يفترض عدم تنظيم تظاهرات لا تنظيمها وعدم الإيفاء بمستحقات الموسيقيين، (هل لديكم مستحقات لم تتحصلوا عليها؟ قاطعنا محدثنا)، وشخصيا لدي مستحقات 12 أو 13 عرضا منذ سنة 2017، وإلى الآن لم أتحصل على مستحقاتي، وهذا غير معقول ولا مقبول، ورغم ذلك لم أتكلم لأن التباكي ليس من عاداتي. ثمة ظاهرة جديدة في الساحة الموسيقية، تتمثل في هجرة أبرز الموسيقيين على الساحة، ما السبب حسب رأيك؟ العازفون المتميزون هجروا البلاد ما داموا «يخدموا بالكريدي»، ونحن بصدد خسارة كفاءات بشكل متتالي، وإذا واصلنا على هذه الحال، سيأتي يوم نجد فيه الساحة الموسيقية خالية من العازفين المتميزين، واستحضر أن 13 عنصرا كانوا معي في الأركستر السمفوني التونسي هاجروا للعمل في الخليج العربي، وهذا العدد يساوي تقريبا ثلث الأركستر، ومن هذا المنطلق يجب إيجاد حلول عاجلة لئلا تتواصل هجرة الموسيقيين التونسيين المتميزين، ولما لا يعودون للعمل في وطنهم، ويقع توفير ظروف عمل ملائمة.