تعتبر صناعة البلاستيك من الصناعات التي تتميز بسهولة استعمالها وقابليتها لإعادة الرسكلة والتدوير وبالتالي خلق فرص ومواطن شغل عديدة. ولكن في الوقت نفسه تعتبر من أخطر الصناعات وأكثرها تهديدا لصحة الإنسان وتوازن البيئة. فكيف ذلك؟ تونس – الشروق: من المعتقدات السائدة أن صناعة البلاستيك هي صناعة حديثة. ولكن في الحقيقة أن هذه الصناعة ظهرت سنة 1839م عندما اكتشف تشارلز جوديير بالصدفة عملية الفلكنة, وذلك عند مزج الكبريت مع المطاط الطّبيعي أثناء تسخينه. فأصبح بذلك أكثر مرونة، وأكثر قابلية للتشكيل. وفي ثلاثينيات القرن العشرين اكتشف العالم والاس كاروثرز أنّ تفاعل حمض الأديبيك ونوع معين من المونومرات يُسمى ديامينوهكسان يؤدّي إلى إنتاج نوع من البلاستيك هو النّايلون. ويتّصف النّايلون بأنه مكوّن من ألياف قوية وخفيفة الوزن، ومناسبة لتصنيع الملابس، والخيام، والحقائب، والحبال. ومع تعاقب السّنوات تمكّن الكيميائيون من إنتاج مواد بلاستيكية محسنّة، مثل التي نستخدمها اليوم في حياتنا العادية. ورغم هذه التحسينات تظل صناعة البلاستيك مهددة لصحة التونسي.فماهي مضار هذه المواد؟ مخاطر البلاستيك بين تقرير علمي نشره فريق من معهد الأبحاث الصناعية والعلمية الأسترالي أن عدداً كبيراً من الحيوانات يعاني من تأثير النفايات البلاستيكية على نظامه الغذائي، والتي تضر بصحته وتؤدي إلى نفوقه. كما أن 99 في المائة من الطيور البحرية معرضة لابتلاع جزيئات البلاستيك جنباً إلى جنب مع الغذاء حتى عام 2050. إلى جانب الأجسام الغريبة الناتجة عن صناعة صيد الأسماك, يمكن العثور على بقايا مخلفات من الحياة اليومية الني انجرفت في المياه المالحة, بالإضافة إلى آثار المخلوقات البحرية عليها. وأشار الدكتور عبد الرزاق يحي إلى أن للبلاستيك آثارا خطيرة على صحة الانسان وتتسبب على المدى الطويل في الأمراض السرطانية. كما تؤثر المواد البلاستيكية على الكبد والكلى ويؤدي إلى قصور وظيفي في كليهما وذلك نتيجة احتواء القوارير والأوعية البلاستيكية على مواد كيميائية خطيرة وسامة. أطنان من النفايات برا وبحرا إلى جانب تأثيراتها الخطيرة والسلبية على صحة الانسان تتسبب النفايات البلاستيكية في تلوث البيئة. وتشكل خطرا على الحيوانات والطيور البحرية. حيث نجد أن الكثير من النفايات البلاستيكية ينتهي به الحال وسط البحار والمحيطات، مما يؤثر على الحيتان والطيور والسلاحف ويضر بالأسماك التي تتغذى عليها. وحيث بدأ البحر تدريجيا في التغير إلى أن أصبح وعاء عملاقا وعميقا مليئا بالبلاستيك. حيث تتراوح كميات القمامة التي تصل إلى المحيطات سنويا بين 8 و 12 مليون طن متري. ويأتي معظمها من سوء إدارة النفايات اليابسة. وللحد من المخاطر السلبية للبلاستيك على البيئة والمحيط وصحة الانسان, اتجهت تونس كغيرها من الدول إلى ايجاد حلول للتقليص من هذه المخاطر من خلال إحداث شركات لجمع وتثمين النفايات البلاستيكية وبعث الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات. رسكلة البلاستيك مشروع مربح لا توجد أرقام رسمية في تونس عن عدد شركات رسكلة البلاستيك. لكن من المؤكد أن عددها كبير. وتمثل مشروعا مربحا. فإنشاء مشروع يستهدف القيام بشراء مخلفات المصانع البلاستيكية بأسعار رخيصة والعمل على اعادة تدويرها لتحويلها بذلك الى منتجات جديدة مطلوبة في الاسواق، سيحقق الكثير من الارباح. وفي نفس الوقت يقدم خدمة عظيمة للمجتمع والبيئة المحيطة. ولذلك يعتبر مشروع تدوير البلاستيك وغيره من المشاريع القائمة على تدوير المخلفات بأنواعها من افضل وارقى المشاريع التي يمكن ان يعمل بها الانسان وذلك لأنها مربحة الي اقصى درجة. وفي نفس الوقت تساعد على تطوير البيئة وتخليصها من التلوث. ويقدر سعر الكيلوغرام من نفايات البلاستيك ب 750 مي. وحسب تقرير صادر عن الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات فإن قطاع رسكلة البلاستيك يوفر حوالي 16 ألف موطن شغل نسبة كبيرة منها لفائدة أصحاب الشهادات العليا. ويشار إلى أن عدد مجمّعي البلاستيك في تونس أو ما يعرف ب"البرباشة" بلغ 8000 شخص. كما تقدّر نسبة مساهمتهم في إعادة رسكلة المواد البلاستيكية ب 67 % . الدكتور عبد الرزاق يحيى : رسكلة البلاستيك لا تلغي مضاره يعتقد الكثيرون أن رسكلة البلاستيك تلغي مضاره.ولكن الدراسات العلمية والطبية أكدت عكس ذلك. وقد أشار الدكتور عبد الرزاق يحيى طبيب عام الى أن رسكلة البلاستيك تسبب العديد من المخاطر الصحية للإنسان. وينتج عن عملية تصنيعه وتدويره ورسكلته عدد من المواد الكيميائية ذات التأثير السام، والتي تُسبب السرطانات وتدمر الهرمونات وتتلف الأعصاب لدى الإنسان. وغالباً ما تكون هذه المواد المدمرة للأعصاب إما مواد أساسية في تصنيع البلاستيك، أو نفايات ناتجة عن تصنيعه، والتي تصل إلى الإنسان عن طريق تلوث الهواء والماء بها. ومن هذه المُركبات الأكثر شيوعاً كلوريد الفينيل، والديوكسينات والبنزين، والفثالات والفورمالديهايد. ويُعتبر العديد منها من الملوثات العضوية الثابتة، والتي تُعد أحد السموم الأكثر ضرراً على الأرض نظراً الى بقائها في الأرض وارتفاع مستوى السُمّية فيها. لذا يُحذَّر من إطلاقها غير المدروس في البيئة والذي سيؤثر على الحياة البرية والبحرية أيضاً. أحمد حرزي (خبير بيئي) رسكلة النفايات البلاستيكية تحد من مخاطرها بين السيد أحمد حرزي ( كاهية مدير بادارة مساندة المؤسسات بمركز تونس لتكنولوجيا البيئة) وخبير بيئي أن مشروع تركيز الايكولوجيا الصناعية بفضاء الانشطة الاقتصادية ببنزرت (منطقة حرة) يهدف الى التحكم في التصرف في النفايات الصناعية التي تفرزها المؤسسات المنتصبة بالمناطق الصناعية ببنزرت ومنزل بورقيبة. حيث قام خبراء المركز بتنظيم وتنشيط ورشات اعلامية لفائدة هذه المؤسسات بالإضافة الى زيارات ميدانية لتشخيص طرق التصرف في هذه النفايات ومن اهمها النفايات البلاستيكية والمعدنية. ومن خلال هذا المشروع تم وضع مخططات عمل لفائدة المؤسسات بهدف التحكم في التصرف في النفايات مع احترام القوانين والتراتيب الجاري بها العمل. كما تمت مساندة هذه المؤسسات لتطبيق المشروع من خلال القيام بزيارات ميدانية وتوعوية لتنفيذ مخططات العمل. كما تم ابرام اتفاقيات تعاون لتبادل النفايات بين بعض المؤسسات الصناعية من اجل استغلالها كمواد اولية. وأشار إلى أن مشكل المواد البلاستيكية وخطرها على البيئة والإنسان ظهر مع الانتشار الكبير للّف والتغليف وارتفاع عدد مصانع المياه المعنية التي تسوق منتوجاتها في قوارير بلاستيكية, وزيادة استعمال الأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الوحيد في الفضاءات التجارية الكبرى ومن قبل التجار وأصحاب المحلات التجارية المختلفة وبائعي الخضر والغلال. وللحد من أضرار المواد البلاستيكية الضارة وقع بعث منظومة «ايكولف» المخصصة بالأساس لجمع القوارير بأنواعها العديدة. وهناك عدد من أنواع البلاستيك لم يقع تثمينه. كما يقع رحي المواد البلاستيكية وتصديرها او توجيهها الى المصانع لإعادة تصنيعها.