تونس-الشروق : تصاعدت وتيرة الاحتجاجات في العديد من الجهات والمناطق التي تعيش على وقع موجة من الغضب الشعبي ضد تباطؤ الدولة في تفعيل خطط التنمية والتشغيل وتنديدا بالسياسة المعتمدة في التعامل مع المطلبية الاجتماعية. تحركات احتجاجية عديدة نفذتها أمس شرائح اجتماعية مختلفة في العديد من ولايات الجمهورية رفضا للسياسة المتبعة في معالجة العديد من القضايا العالقة وتنديدا بما عبروا عنه بسياسة المماطلة والتسويف في التعامل مع مطالبهم المزمنة التي استغلتها الحكومات المتعاقبة لتغذية حملاتهم الانتخابية. وقد تزعم هذه الاحتجاجات التي شهدتها أمس العديد من المناطق ، عمّال الحضائر الذين عادوا من جديد الى مربع الاحتجاجات بعد أن استنفدوا كل سبل التفاوض مع الحكومة ليصل بهم الامر في الفترة الاخيرة حد الاعتصام امام قصر قرطاج مستنجدين برئيس الجمهورية دون ان يظفروا باي نتيجة. وقد شملت احتجاجاتهم أمس كل من ولاية سليانة ومنطقة ام العرائسبقفصة والمكناسي من ولاية سيدي بوزيد في انتظار التحاق بقية الجهات على غرار منطقة الرقاب وولاية مدنين في بحر هذا الأسبوع. وطالب عمّال الحضائر بإيجاد حل جذري لقضيتهم من خلال الاتفاق على جدولة لترسيمهم صلب مؤسساتهم في شتى القطاعات التي ينتمون إليها استنادا الى محضر الجلسة المبرم بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل في 28 ديسمبر 2018 الذي ينص على تمكين من يرغب في الخروج التطوعي من مبلغ مالي قيمته 14 ألف دينار وتمتيع من يتراوح عمره بين 55 سنة و60 سنة من منحة العائلات المعوزة ودفتر العلاج المجاني ومن يرغب من بين هؤلاء في الخروج التطوعي يتمتع بنسبة 50 % من مجموع الاجور المتبقية (الى حدود ال60 سنة) وتسوية وضعيات باقي العمّال على مراحل. الامر ذاته بالنسبة للمعطلين عن العمل من اصحاب الشهائد العليا الذين نفذوا طيلة الفترة الاخيرة سلسلة من الاعتصامات والتحركات الاحتجاجية في العديد من الجهات لتتواصل احتجاجاتهم أمس أمام مقر ولاية قفصة طالبوا خلالها بضرورة التعجيل في ايجاد حلول عملية واجراءات استثنائية لتشغيلهم بكافة اختصاصاتهم وتقليص نسبة البطالة في صفوفهم. وحذر أصحاب الشهائد العليا من مزيد التراخي في الحسم في قضيتهم التي تعاقبت عليها الحكومات ليبقى الوضع على حاله في ظل انسداد باب الانتدابات مؤكدين أن ملفهم أصبح من الضروري طرحه بجدية وتشغيل هذه الفئة التي تعاني التهميش والمماطلة منذ سنوات عديدة. وقفة احتجاجية أخرى شهدتها أمس منطقة حاجب العيون التي عمد البعض من شبابها الى غلق الطريق الوطنية عدد 3 إحتجاجا على نتائج مناظرة إنتداب سواق بوزارة الصحة وهو مشهد يتكرر بشكل يكاد يكون يوميا في العديد من الجهات على غرار بعض منطق ولاية قفصة على خلفية الانتدابات التابعة لشركة الفسفاط. ولا يقتصر الامر عند حدود هذه الفئات الضعيفة بل تعداه الى الدكاترة الباحثين التونسيين وطلبة الدكتوراه الذين يعيشون منذ فترة سلسلة من التحركات الاحتجاجية آخرها تجمعا احتجاجيا بالقصبة الأسبوع المنقضي ، يستعدون بدورهم للتصعيد تنديدا بانسداد أفق التشغيل في صفوفهم وتدهور اوضاعهم المادية والمعنوية في ظل تجاهل الحكومات المتعاقبة لمطالبهم وغياب الرؤية والارادة السياسية الحقيقية لايجاد حلول جذرية للتقليص من البطالة في صفوفهم فضلا على عدم الوعي منذ سنوات بأهمية منظومة البحث العلمي والتعليم العالي. انفجار اجتماعي أكّد عضو التنسيقية الوطنية للحركات الاجتماعية عبد الحليم حمدي في تصريح «للشروق« ان حالة التململ و الاحتقان الاجتماعي الذي يسود شقا هاما من الشباب اليوم شبيه بما حدث سنة 2018 وان الوضع الاجتماعي مرشح للانفجار في صورة عدم إسراع الدولة الى تطويقه عبر ايجاد حلول جذرية لامتصاص غضب المحتجين قبل فوات الاوان. وقال عبد الحليم حمدي ان الأحداث التي تعيشها معتمدية جلمة منذ ايّام على خلفية وفاة الشاب عبد الوهاب الحبابي حرقا ، مثلت الشرارة الاولى لهذه الاحتجاجات سواء في صفوف عمال الحضائر او المعطلين عن العمل او النواب او غيرهم من الشرائح الاخرى التي انتظرت طيلة خمس سنوات وعودا لم تفعل على ارض الواقع. وقال عضو التنسيقية الوطنية للحركات الاجتماعية ان هذا الحراك الاجتماعي هو نتيجة حتمية لحالة الغبن والقهر التي تعيشها هذه الفئات مشيرا الى إمكانية وجود تحركات احتجاجية غير مؤطرة في بعض الجهات التي تعاني ظلما وحيفا في العديد من المستويات والمطالبة بتغيير المنوال التنموي الذي يستجيب لمتطلبات الشغل والتنمية. وحذر عبد الحليم حمدي من عدم التعامل مع هذه الاحتجاجات بالجدية المطلوبة وحل معظلة هذه الفئات المهمشة والمقصية من دائرة اهتمام الدولة لتدفع وحدها ضريبة فشل المنوال التنموي الذي يفترض ان يستجيب لمبدإ العدالة الاجتماعية واستفادة الشعب من ثرواته على قاعدة التوازن بين الجهات مؤكدا ان السلم الاجتماعي رهين احترام حقوق الشعب.