لوّح أمس علماء الدين في الفلوجة بإعلان الجهاد في سائر أنحاء العراق وذلك بعد ساعات من تعرض المدينة لاعتدءات أمريكية واسعة من الجو والبر أوقعت عديد الشهداء والجرحى.. وبدت الاعتداءات الأمريكية التي شاركت فيهاوحدات من القوات التابعة لحكومة أياد علاوي تسخينا لعدوان شامل قد يفضي إلى اجتياح كامل للمدينة... وشارك ما لا يقل عن ألف جندي في العمليات البرية التي مهّد لها الطيران الأمريكي بقصف مكثف طيلة الليلة قبل الماضية. وقبل هذا القصف العنيف الذي وصف بالأعنف من عدوان الربيع الماضي كانت المقاتلات الأمريكية قد شنت سلسلة من الغارات على عدة أحياء في المدينة أسفرت عن استشهاد 5 مدنيين وجرح نحو 20 آخرين زيادة على تدمير عديد المنازل... «تسخين» للاجتياح وبدأ الهجوم الكبير على الفلوجة منذ مساء أول أمس مشتملا على غارات جوية واسعة وقصف مدفعي... وقال الجيش الأمريكي في بيان له أن أكثر من ألف عنصر من مشاة البحرية (المارينز) مدعومين بالمدرعات الثقيلة والمدفعية والمروحيات والطائرات المقاتلة شاركوا في العملية. وعلى مدى عدة ساعات أغار الطيران الأمريكي الليلة قبل الماضية بكثافة على مواقع مزعومة للمقاتلين مما أسفر عن استشهاد 3 عراقيين وجرح 7 آخرين وفق مصادر طبية من مستشفى الفلوجة العام. وحسب زعم الجيش الأمريكي فإن الهدف من العدوان الجديد على الفلوجة الذي تزامن مع أول أيام شهر رمضان المعظم (أمس الجمعة) هو ضرب من سماهم ب»الإرهابيين» الذين يخططون لشن هجمات خلال هذا الشهر. وقال ضابط كبير من الفرقة الأولى في قوة مشاة البحرية ان هذه العملية الواسعة ليست الاجتياح المتوقع أن تتعرض له المدينة قبل الانتخابات العامة (موفى جانفي القادم) على الأرجح... وتمهيدا لهذه الاعتداءات الجوية والبرية كانت الطائرات الأمريكية قد شنت ثماني غارات على عدة مواقع في المدينة. وجاءت العملية العسكرية الأمريكيةالجديدة تكريسا للتهديد الذي أطلقه قبل أيام إياد علاوي حين أنذر سكان المدينة بضرورة تسليم أبي مصعب الزرقاوي واتباعه وردا على تعليق المفاوضات (أول أمس) من جانب وفد الفلوجة المفاوض. كما ان العملية كانت في أغلب الظن ردا انتقاميا من جانب قوات الاحتلال على العملية الفدائية المزدوجة داخل المنطقة الخضراء في بغداد التي أسفرت عن مصرع عديد الأمريكيين وإصابة آخرين بينهم ديبلوماسيون من السفارة الأمريكية. ولم تقتصر الاعتداءات على الفلوجة فحسب وإنما امتدت إلى البلدات والقرى الواقعة في محيطها. ففي قرية «البوعيسى» جنوبي الفلوجة اعتقل أمس جنود الاحتلال الشيخ خالد جمود الجميلي كبير المفاوضين عن المدينة. واعتقل الجنود الأمريكيون الشيخ الجميلي بعد خروجه من المسجد إثر صلاة الجمعة وفق ما أكده الشيخ عبد الحميد جدوع العضو الآخر في الوفد كما اعتقلت قوات الاحتلال قائد شرطة الفلوجة صابر الجنابي واثنين من الضباط بينما كانوا يحاولوا إخراج أسرهم من المدينة. مقاومة شاملة وأثار العدوان الأمريكي الجديد سخط أهالي الفلوجة وعلماء الدين الذين لوحوا بإعلان الجهاد في كل أنحاء العراق. ولخّص الشيخ محمود عبد العزيز وهو عالم دين بارز من الفلوجة في خطبة صلاة الجمعة بمسجد «أم القرى» في بغداد (حيث مقر هيئة علماء المسلمين) هذا السخط بالقول ان علماء الدين سيصدرون فتوى يعلنون بمقتضاها العصيان المدني في كل العراق ويدعون إلى مسيرة تضم علماء الدين وممثلي المنظمات الإنسانية عند المدخل الشرقي للفلوجة في حال تعرضت لاجتياح أمريكي... وتابع عبد العزيز انه في حال لم تتخل القوات الأمريكية وحكومة علاوي عن الخيار العسكري بعد تنفيذ هذه الخطوات الاحتجاجية فسيعلن العلماء (السنة) الجهاد والتعبئة العامة في سائر أنحاء العراق ضد قوات الاحتلال والمتعاونين معها. وكان «أبو أحمد» عضو الوفد المفاوض عن الفلوجة الذي أعلن أول أمس تعليق المفاوضات مع حكومة علاوي بسبب تهديدات الأخير قد أكد أن الوفد قرّر تعليق المفاوضات الآن وفي المستقبل وأنه بات يشترط جلاء قوات الاحتلال عن المدن والبلدات والقرى لاستئناف المحادثات. حصار وتفجيرات وبالتوازي تقريبا مع الاعتداءات الجديدة على الفلوجة ضربت القوات الأمريكية حصارا على مدينة «تلعفر» القريبة من الموصل استعدادا لاقتحامها. وقال داود الياغستاني رئيس رابطة حقوق الإنسان في العراق في مقابلة مع قناة «الجزيرة» القطرية ان قيادة قوات الاحتلال في الموصل كلفته بالتفاوض مع أهالي المدينة كي يتمكن الأمريكيون من الدخول إليها دون قتال. وذكرت تقارير ان القوات الأمريكية توصلت إلى اتفاق مع أهالي قضاء «هيت» في محافظة الأنبار دخلت بمقتضاه إلى المدينة. وينص الاتفاق على عدم مهاجمة الأمريكيين في المدينة على ان يكفوا هم في المقابل عن تنفيذ أي عملية عسكرية. وغداة العملية المزدوجة في المنطقة الخضراء فجّر صباح أمس رجل سيارته قرب مقر إدارة الشرطة في حي الدورة جنوبي بغداد. وتضاربت البيانات بشأن الحصيلة النهائية للقتلى حيث تحدثت مصادر عن قتيل واحد وعديد الجرحى معظمهم من أفراد الشرطة بينما أشارت أخر إلى مقتل حوالي 5 أشخاص وأعلنت أمس شركة أمن غربية تعمل بالعراق ان بريطانيا يعمل لديها قتل الاثنين الماضي قرب كركوك في هجوم شنه مقاومون.