الهلال السعودي يفشل في تحقيق انتصاره الأول في كأس العالم للأندية.. ترتيب المجموعة الثامنة    حرفاؤه كانوا من بنزرت إلى بن قردان .. بومنديل لم يعد سوق «الزوّالي»!    بعد دفع الفلاحين والمصنعين 120 مليارا في 12 سنة: لماذا غاب دعم صندوق النهوض بالصادرات؟    تحصّل على 80 ميدالية في جينيف ... زيت الزيتون التونسي يؤكد تفوّقه عالميا    فرنسا ترسل طائرة عسكرية لإجلاء مواطنيها من إسرائيل    عاجل : فوضى في الأجواء الخليجية... وتأثير مباشر على المسافرين التونسيين    زاخاروفا: إسرائيل الوحيدة بالمنطقة التي تمتلك أسلحة نووية وهي تقصف مع أمريكا إيران التي لا تمتلكها    في اجتماع مجلس وزاري: إطلاق منصّة رقمية لمتابعة تقدم المشاريع العمومية    النجم الساحلي: موعد استئناف التمارين    مونديال 2025 (المجموعة الرابعة): الترجي – تشيلسي، حكم أرجنتيني يدير اللقاء    فوزي البنزرتي يحسم مصيره رسميا مع الإتّحاد المنستيري    إيطاليا: هبوط ساليرنيتانا وديلان برون إلى الدرجة الثالثة !    ولاية مدنين تحتل المرتبة الثانية وطنيا على مستوى نسبة النجاح بالدورة الرئيسية لامتحان البكالوريا    تابسيس : حملة علمية وأثرية جديدة في اطار مشروع الدراسة الأثرية البيئية الدولي    في مهرجان الفيلم العربي بالدار البيضاء: محمد مراد يُتوّج عن دوره في فيلم «جاد»    عانت من ضعف التمويل وسوء التسيير .. هل تتجاوز المهرجانات الصيفية مشاكلها؟    الممثلة المسرحية نورس العباسي ل«الشروق»: يستهويني عالم التدريس    مدٌّ أحمر في المنستير: تحذير من نفوق الأسماك وتوصيات للمواطنين    عاجل/ وزارة التربية تكشف عدد حالة غش وسوء سلوك في الدورة الرئيسية للباكالوريا..    تونس صدرت منتوجات بيولوجية بنحو 420 مليون دينار الى موفى ماي 2025    نفوق الاسماك بخليج المنستير يعود الى انخفاض الاكسجين الذائب في مياه البحر (وزارة الفلاحة)    النجم الساحلي :ضبط القائمة النهائية للإطار الفني لفريق أكابر كرة القدم    انتحاري يفجر نفسه داخل كنيسة في دمشق    صفاقس: محمد أمين كمون..الأول جهويا بمعدل 19,79 : "القرآن الكريم له دور كبير في تفوقي ونجاحي"    واشنطن تحث بكين على ثني طهران عن إغلاق مضيق هرمز    مونديال كرة اليد تحت 21 عاما - المنتخب التونسي يواجه غدا نظيره البحريني    ضخ كميات إضافية من مادة الفارينة المدعمة لمجابهة الطلب في الصيف (وزارة التجارة)    الهيئة الوطنية للسلامة الصحية تدعو سكان المناطق الساحلية الى عدم استهلاك الأسماك النافقة لخطورتها على الصحة    مدينة قليبية تعيش على وقع الدورة 38 لفيلم الهواة من 16 إلى 23 أوت 2025    معهد 9 أفريل للمكفوفين بضفاقس يحقق نسبة نجاح ب100 بالمائة في الدورة الرئيسية للباكالوريا 2025    تحذير صحي عاجل: ''لا تستهلكوا الأسماك النافقة بسواحل المنستير''    صفاقس الأولى وطنياً في باكالوريا 2025: نسبة نجاح تتجاوز 55%    في مسابقة دولية بلشبونة: تتويج التونسية ملاك العبيدي بجائزة أفضل مؤلف عن الطبخ في العالم    دعوة سُكّان المناطق الساحلية إلى عدم استهلاك الأسماك النافقة لخطورتها على الصحة    إحباط تهريب أكثر من 22 ألف حبة "إكستازي" و2.2 كلغ من الكوكايين بمعبر رأس جدير    عاجل/ إيران تهدّد ب "رد بلا حدود" في حال استهداف المرشد الإيراني على خامنئي..    الحرس الديواني يحجز بضائع مهربة بقيمة تتجاوز 900 ألف دينار    قرى الأطفال "أس و أس": 21 ناجحا في الدورة الرئيسية للبكالوريا..    مبابي يغيب مجددًا عن ريال مدريد    تركيز رادارات جديدة في النقاط السوداء بولاية تونس للحد من الحوادث    مدنين: من أرض عطشى شابة تقطر زيوت الأعشاب لتروي بشرة الإنسان    بداية من غرة جويلية القادم تطبيق العقوبات الخاصة بنظام الفوترة الالكترونية    توقعات بصمود الصين أمام الصدمات التجارية العالمية    عاجل: ترامب يعلن ضرب 3 منشآت نووية إيرانية ويهدد بالمزيد    إيران تستخدم صاروخ "خيبر" لأول مرة في ضرب إسرائيل    ارتفاع طفيف في درجات الحرارة الأحد لتتراوح بين 29 و38 درجة    بلدية مدينة تونس: تواصل اشغال الصيانة بعديد المناطق التابعة لها    صيحة فزع    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية "و لي خطوات في فلسطين" لنجاة البُكري (3/3): من سيرة الكاتبة إلى سيرة فلسطين
نشر في الشروق يوم 07 - 02 - 2021

تعرض الكاتب يوسف عبد العاطي في الجزء الثاني من هذه الدراسة الى أسلوب كتابة نجاة البكري لروايتها " ولي خطوات في فلسطين " ورأى ان تدخل الكاتبة، جاء في أسلوب خطابي غير مبرر في السرد أساء للرواية وتسبب في اغتيال بقية الأحداث وهذا الجزء الثالث والأخير من هذه الدراسة: أعود الآن إلى بعض تفاصيل الرّواية، و الّتي شعرت من خلالها، بأنني أكتشف القضية و المواطن الفلسطيني. فبعد أن اقتصرت أغلب الأعمال الأدبية على تمجيد دور الفدائيين، بعيدًا عن تفاصيل حياتهم اليومية.
و هذا ما جعلنا نحصر رؤيتنا لهذا الإنسان في دور المقاتل أو الفدائي فقط. بينما جاءت أحداث هذه الرواية " و لي خطوات في فلسطين" لتلمس بعض المظاهر المخفية في حياة المواطن الفلسطيني و الذي تحكمه مظاهر و تقاليد اجتماعية مدمّرة في بعض الأحيان. و حتّى أُقرّب الصّورة أكثر إلى ذهن القارئ، سأحاول التقاط البعض من هذه المظاهر المكبّلة لتطور المجتمع و الّتي تحدّث عنها السّرد الرّوائي. من ذلك مثلًا ظاهرة (الأخذ بالثّأر) التي ما زالت تعيق المجتمع الفلسطيني، و ساهمت أحيانًا في قطع جذور عائلات بأسرها. ونقرأ في هذا المجال : "... إن تمسّك المجتمع الفلسطينيّ بفكرة الأخذ بالثّأر و الاستغناء عن المنظومة القضائية المتآكلة جعل مسلسل الاقتتال يستمرّ بين العديد من العائلات على مدى الحياة، و كثيرًا ما ينال من نسيج أفراد الأسرة الممتدّة فيُتلفه." ( ص: 35). فمثل هذه الأمراض الاجتماعية، كنت أظنّ أنّ المجتمع الفلسطيني تخطّاها بحكم تزايد عدد المتعلّمين، و تعلّق همّته خاصّة بالنّضال الوطني المقدّس.
لكن أحداث الرّواية جاءت لتخلخل قناعاتي و تدفعني إلى مزيد البحث ملامح شخصية المواطن الفلسطيني. كذلك سردت لنا أحداث الرّواية البعض من قضايا الزّواج و العنوسة في هذا المجتمع، إضافةً إلى مفهوم الشّرف ، و الّذي أرى أنّ الكاتبة لخّصته في الجملة الآتية :"... أمّا القتل على خلفيّة الشّرف فهو أيضًا من القضايا الّتي تنهك منظومة هذا المجتمع و تكون الأنثى ضحيّتها حتى و إن تمّ الاعتداء عليها باغتصابها و غالبًا ما يُفلتُ المُعتَدي من العقاب." ( ص : 36). و مثل هذه المواضيع لم تعترضني سابقًا في أيّ عمل أدبي اهتمّ بالقضيّة الفلسطينية، دون الادعاء باطّلاعي على كامل المدوّنة. لكنني أشعر أنّ التطرّق إلى مثل هذه المواضيع دون تعميمها، ستمنحنا فرصة إضافية للاطلاع بطريقة أفضل على تركيبة المجتمع الفلسطيني بصفة عامّة.
و أريد الإشارة إلى أنّ حديثي لا يعني بالضّرورة أنّنا أمام بحث اجتماعي، أو تحقيق صحفي حول واقع المجتمع الفلسطيني، لأنّني أدرك أن العمل " و لي خطوات في فلسطين" هو عمل أدبي، و روائي بالأساس، و هو ما يمنح صاحبته حرية الاعتماد على الخيال. إلّا أنّني تابعت السّرد الرّوائي بعين الباحث عن تفاصيل الحياة اليومية في هذا العمل الّذي وسّمته كاتبته، بأنّه ( رواية سيريّة)، و هو ما منحني فرصة التقاط البعض من مظاهر الحياة في المجتمع الفلسطيني. و في نفس هذا السّياق، تعرّضت الأحداث إلى ظاهرة إخفاء الشّخص المعوق في العائلة، إلى حين تمكّن الصبيّة من حيازة عريس. و لا أنكر أنّ مثل هذه الأخبار كانت صادمة و مخجلة في نفس الوقت. كما أنّها كانت اكتشافا غير مفرح بالنسبة لي كقارئ خاصّة.
و نقرأ فيهذا المجال: "...للحظة كدتُ أصدّق أن ما قام به أولياء أمورهم هو عيْن الصّواب خاصّة حين عرفت أنّ جلّ من يتقدّم للزّواج من فتاة و يكون أحد أفراد العائلة معوّقا، يعْدل عن رأيه و يبحث عن أخرى، إلّا أنّي سرعان ما أعود إلى رُشْدي لإيماني بحقّ كلّ إنسان في حياة متوازنة." ( ص: 38). بعد أن لاحظت انزياح الرّاوية أو الكاتبة إلى المواقف العاطفية و ظهر ذلك خاصّة في الفقرة الأولى من الرّواية، أُشير إلى تعديل موقفها، و الّذي كان واضحًا خاصّة في الفصل الّذي جاء حاملًا لنفس عنوان الرّواية "و لي خطوات في فلسطين" و الّذي سرد لنا بوح الرّاوية بعد التحاقها بفريق عمل أطبّاء بلا حدود للطبّ النّفسي في مخيّم جنين. حيث نجدها تقول: "...لم أكن أملك القرار، و كيف لي أن أمتلكه و أنا أدرك أنّ الجهل هو من يشكّل قدر هؤلاء و هو الّذي يجعل من شعوبنا لقمة سائغة بفم أعدائنا؟" ( ص : 87). و نلاحظ أنّ الرّاوية امتلكت لنفسها موقفًا عقلانيًا و مغايرًا لعاطفتها، بعد اشتغالها في هذه المنظّمات الدولية، و الّتي أشعر أنّها منحتها عينا ناقدة لواقعنا. و يتأكّد هذا التحوّل من تصريحها اللّاحق و الّذي جاء فيه خاصّة: ( إنّ التحاقي بمشروع أطبّاء بلا حدود كان رحلة عميقة في حياة المرأة الفلسطينيّة الّتي لا شكّ أنّها تُعاني الأمرّين،..."( ص: 90). الأكيد أنّ المواضيع الّتي تعرّضت لها الرّواية كثيرة و عديدة و مختلفة المشارب أيضًا.
و أرى أنّ قيمة ما ذكرته أحداث الرّواية كان أهمّ بكثير من البحث تقنيات الكتابة و مدى احترام الكاتبة لهذا الشّكل أو ذاك، دون التّعويل على غيره من أنماط الكتابة.
و هنا أشير إلى أنّني تابعت أحداث الرّواية بشغف كبير لاحتوائها على منافذ جديدة للحياة داخل الأراضي الفلسطينية من خلال تجربة حيّة و معايشة لتفاصيل الحياة اليومية ، لأكتشف من خلال ذلك وقوع أفراد هذا المجتمع المناضل تحت طائلة عدّة مظاهر سلبية. لكنّني متأكّد أنّ كلّ مُقدم على مطالعة هذه الرواية"و لي خطوات في فلسطين " سوف لا يندم أبدًا ، و حسبي في هذا المجال الإشارة إلى هذا العمل الأدبي المهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.