لم تعد حقيقة أن الحكومة العراقية المنصبة أداة لتأبيد الاحتلال بأي شكل من الاشكال وتحت ذرائع شتى في حاجة الى اثبات، فمنذ تعيين هذه الحكومة في موفى جوان الماضي لم يحد المسؤولون فيها قليلا او كثيرا عن الخط الذي رسمته سلطة الاحتلال الامريكي، يأتمرون بأوامرها ويروّجون لخطابها بنفس تلك الكلمات التي يستخدمها المسؤولون الامريكيون وان كان فيها تجاوز وقلب للمفاهيم كما هو شأن أية سلطة غير شرعية. ولم يتردّد رئيس الحكومة العراقية المعينة إياد علاوي في «التفاني» في سعيه للقضاء على المقاومة العراقية وابداء الولاء والامتنان لسلطة الاحتلال، الجهة الوحيدة التي يستمد منها «شرعيته». ولعل ما تشهده مدينة الفلوجة الصامدة هذه الأيام من حصار عسكري وضغوط للقبول باملاءات هذه الحكومة قد مثل منفذا لعلاوي لاثبات أنه الاقدر على أداء هذه «المهمة» وهو الذي وصفه الرئيس الامريكي جورج بوش مرارا بالرجل القوي ولم يترك فرصة دون مدحه والثناء عليه. وقد ذهب علاوي حد الزعم بأنه يعرض السلام على أهالي الفلوجة بتسليم من أسماهم «ارهابيين» لتجنيب المدينة الاجتياح الشامل وهو يعلم علم اليقين ان لا سبيل الى تحقيق مطلبه لسبب واضح ومنطقي وهو أن الفلوجة لا تؤوي «ارهابيين» وانما تضم مقاتلين شرفاء يدافعون عن كرامتهم وكرامة وطنهم وحتى الزعم بوجود مقاتلين تابعين لأبي مصعب الزرقاوي باطل لان «زرقاويهم» مجرد أسطورة باعتراف المخابرات الامريكية ذاتها... وقد صرح علاوي حرفيا: لقد مددنا غصن الزيتون لشعب الفلوجة ونأمل ان يتمكن شعب الفلوجة من العمل مع الحكومة لتقديم الارهابيين الى العدالة، فاذا كان «غصن الزيتون» في عرف علاوي وحكومته يعني القصف الذي لا يكاد ينقطع على المدينة، وهدم المنازل وقتل الابرياء، فأي سلام يُرجى وأية مفاوضات يمكن مباشرتها مع مثل هذه الحكومة، واذا كان المقاومون سواء كانوا عراقيين أو أجانب «إرهابيين» فأي نعت يكفي لوصف من جاء غازيا ومن مهد له الطريق لتدمير العراق؟ ومثل هذه التصريحات ليست غريبة عن علاوي الذي لم يستنكف من قبل عن إعلان «مسؤوليته» عن ضرب الفلوجة بذريعة وجود عناصر مشبوهة أو مخابئ لأتباع «الزرقاوي». والثابت ان الحكومة العراقية المؤقتة مخطئة إن هي اعتقدت أنها ستخضع المقاومة بهذا الاسلوب لأن ذلك لن يزيدها سوى عزلة ولن يزيد المقاومة الا تأججا ولأن منطق القصف والتهديد والوعيد، المنطق المعادي للمقاومة لا يمكن تجميله، ومهما سعت حكومة علاوي في ذلك فلن يقبل منها ملء الأرض أغصان زياتين.