أحدثت اللقاءات العربية السورية على هامش المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا ، اختراقا كبيرا في جدار التلكؤ العربي في اعادة سوريا الى الجامعة العربية التي طردت منها في نوفمبر 2011. ومثّلت اللقاءات التي أجراها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد خاصة مع نظيره المصري في أول لقاء من نوعه بعد 10 سنوات ثم بنظيره التونسي عثمان الجرندي بعد 9 سنوات تطوّرا لافتا في هذا المضمار. فعلى الجانب المصري يعتبر هذا اللقاء على قدر كبير من الأهمية ويحمل في طياته تغيّرا استراتيجيا في المنطقة فهو يمثّل من ناحية دفعا للتنسيق الثلاثي بين مصر والأردنوالعراق نحو خطوة أخرى وهي دعم لبنان خاصة عبر مده بالغاز المصري. ومن ناحية أخرى هو فتح لباب التنسيق الرسمي المعلن مع القيادة في سوريا التي رحبت بمرور الغاز المصري إلى لبنان بعد موافقة أمريكية سابقة لاستجرار لبنان الطاقة الكهربائية والغاز مروراً بسوريا. أما فيما يخصّ تونس فهو أول لقاء يعقد بين وزيري خارجية البلدين، منذُ إعلان الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، قطع العلاقات مع دمشق عام 2012 مع طرد السفير السوري من تونس. ومع تغيّر الوضع السوري والاقليمي، تبدو تونس جاهزة الآن لاستئناف العلاقات التي خلّف قطعها رفض شعبي واسع وضربة موجعة للعلاقات التونسية السورية على مرّ التاريخ. وما سيساعد تونس على اتخاذ هذا القرار المهم هو فكرة عودة سوريا الى الجامعة العربية والتي أصبحت مطروحة بقوة وفي أجندات دولة الجزائر المستضيف للقمة العربية في مارس المقبل. وتدفع الآن عديد الدول نحو هذا المنحى خاصة العراق الذي أصبح يلعب دور الوسيط الإقليمي البارز سواء في عودة سوريا الى الجامعة العربية او في التسويات الاقليمية الأخرى (المصالحة بين طهران والرياض). كما تلعب الأردن هي الأخرى دورا بارزا في المضمار السوري حيث زار وزير الدفاع السوري العماد علي عبد الله أيوب عمّان وهي الزيارة الأولى لمسؤول سوري رفيع المستوى إلى الأردن منذ عام 2011 بالاضافة الى فتح المعابر بين البلدين. الجزائر هي الأخرى تسير على نفس المنوال، حيث يكشف مخطط عمل الحكومة الى أن الجزائر ستعمل بكل قوتها على إعادة إرساء العمل العربي المشترك، وتوحيد الصف العربي، في إشارة إلى مطلب الجزائر المعلن، وهو ضرورة عودة سوريا إلى الجامعة العربية. وقد تكون القمة العربية التي ستحتضنها الجزائر هي الموعد الرسمي لإعلان عودة سوريا الى البيت العربي الذي هجّرت منه قسرا في عهد المدّ الاخواني الذي اجتاح المنطقة العربية. المنطقة تتغيّر بسرعة ويبدو أنه بضوء أخضر أمريكي لإطفاء جميع الحرائق المشتعلة التي بدأت واشنطن في الانسحاب منها تدريجيا ولا تريد أن يحلّ محلّها أحد أعدائها روسيا أو الصين في صورة عدم اخمادها. بدرالدّين السّيّاري