الاحتكار هو «اشتراء الطعام ونحوه وحبسه الى الغلاء» أو «رصد الاسواق انتظارا لارتفاع الأثمان» أو «اشتراء القوت وقت الغلاء وامساكه وبيعه بأكثر من ثمنه للتضييق» أو «كل ما أضر بالناس حبسه فهو احتكار» وقد نهى رسول الله ص عن الاحتكار بقوله: «لا يحتكر الا خاطئ»، وشدد على عدم التضييق على الناس بأقوالهم فقال: «من احتكر الطعام أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه» وحث على الجلب وهو عكس الاحتكار فقال: «الجالب مرزوق والمحتكر ملعون». وللغزالي نظرة شاملة في تفسير الاتجار بالأقوات الضرورية بقصد احتكارها، وبين ان الانسان اهم من المال. فذكر في كتابه احياء علوم الدين ان «التجارة في الأقوات مما لا يستحب لانه طلب برح، والاقوات أصول خلقت قواما، والربح من المزايا فينبغي ان يطلب الربح فيما خلق من جملة المزايا التي لا ضرورة للخلق اليها». والاحتكار سواء كان على مستوى الفرق او الجماعة او المنظمات فهو منهي عنه مما يتوجب على القائم بأعمال السوق اولا، وهذا ما بينه ابن تيمية بقوله: فمنع البائعين الذي تواطؤوا على ان لا يبيعوا الا بثمن قدروه أولا، وكذلك منع المشترين اذا تواطؤوا على ان يشتركوا فيما يشتريه أحدهم حتى يهضموا سلع الناس أولا، وذكر ايضا الاحتكار الصناعي والزراعي والانشائي فقال: «ومن ذلك ان يحتاج الناس الى صناعة ناس مثل حاجة الناس الى الفلاحة والنساجة والبناية». ووصف هذا السلوك بالعدوان وهو أعظم من التعدي على سوق بعينه كتلقي الركبان او بيع النجش. ويترتب على القائم بأعمال السوق التصدي لمثل هذه التكتلات، كما يترتب عليه إجبار الناس على القيم بمثل هذه الأعمال لكفاية الناس من الحاجة لغيرهم. وهذا يعتبر من ضوابط ادارة السوق. فقد روي ان عمر بن الخطاب دخل السوق ذات مرة ولم ير فيه الا النبط (الأجانب) فلما اجتمع الناس اخبرهم بذلك وعذلهم (لامهم) في ترك السوق. فقالوا: إن الله أغنانا عن السوق بما فتح علينا. فقال: والله لئن فعلتم (أي تركتم السوق) ليحتاج رجالكم الى رجالهم ونساؤكم الى نسائهم. وهذا دلالة على مدى تدخل القائم على السوق هو يحلل ويتوقع فينصح ويرشد خشية الوقوع في المفاجآت. ولقد أدرك عمر مدى أهمية استقلالية الاسواق فقال مقالته تلك.