التقاليد الرمضانية بربوع الساحل لئن تتشابه مع عديد الجهات في اكثر من مجال فإنها تختلف عنها في البعض الآخر، وقد غابت العديد منها بحكم التطوّر الذي شهدته الحياة في بلادنا. ومن اهم التقاليد اتي بقيت بالذاكرة ظاهرة السيار فهذا الشخص كان يكلف من قبل شيخ البلدة ليذهب الى المدينة المجاورة يستطلع لدى القاضي ظهور هلال رمضان وعند النهاية هلال العيد ثم يعود إما رجلا وفي افضل الاحوال على دراجته ويعترضه الاهالي كهولا وشبابا واطفالا عند مدخل القرية راجين منه اعلامهم بالخبر اليقين. ورغم الاغراءات المقدمة يرفض السيّار البوح بالسر الذي يفشيه الا لصاحب القرار الذي يعلم به الجماهير المتجمهرة حول مكتبه. واذا ثبتت رؤية الهلال اندفع الجميع وراء الطبال يجوبون الشوارع ويتبادلون التهاني واذا ثبت العكس ساد الصمت وتستمر الحياة على وقعها الروتيني ويتمتع السيار بامتياز عدم دفعه المجبى كمقابل لأتعابه. ومن المظاهر الأخرى التي اختفت المدفع بعدد من المدن والطبال الذي كان ينبئ بحلول الافطار بعد ان حلت محلهما وسائل الاتصال الحديثة. وعلى مستوى الأكلات فأكلة السحور هي التي شهدت تغييرا فأغلب الصائمين كانوا يتناولون المسفوف وهي اكلة تتكون من الكسكس والزيت والسكر او الحليب او الرمان تماشيا مع المواسم الفلاحية وما تقدمه من غلال لا توجد في غير موسمها. وما كان يميز السهرات الرمضانية بالمدن والقرى الساحلية الاسمار بالدكاكين للاستماع الى الحكايات الشعبية ولعب الورق. ويكون الرهان إما التمور وإما الحلويات وتتواصل الاسمار الى حدود الواحدة بعد منتصف الليل موعد خروج الطبال ايذانا بالسحور وفي بعض المناطق يكون الطبال مصحوبا بالزكار، ويتقاضى الطبال والزكار تسبقة على الحساب من الاهالي تتمثل في خبزة او خبزتين يجمعها المرافق في كيس وما يجمع يصلح ان يكون سلفة للأجوار يعيدونه في وقت آخر. قبل ان يتسلم الجميع معلوم الايقاظ للسحور يوم العيد في جولة عبر الاحياء يرافقهم فيها الاطفال في اجواء احتفالية كبيرة. ومن المظاهر الأخرى التي تميز حياة سكان الساحل في رمضان عشاء الموتى، فمن الجهات من تشرع في اخراج عشاء الموتى منذ بداية النصف الثاني من رمضان. ومن الجهات من تقوم بهذه العملية ليلة السابع والعشرين من هذا الشهر الكريم. وتجمع المآكل التي غالبا ما تكون إما كسكسي باللحم او بالدوارة بساحة فسيحة بالحي ويتجمهر الرجال والاطفال لتناولها بعد الاعلان عن موعد الافطار. ومع حلول الايام العشر الاخيرة من شهر الصيام تكثر النسوة من زيارات المقابر ترحما على امواتهن من الأهل والأقارب ويشرعن في اعداد الحلويات التقليدية التي لا تتعدى المقروض والغريبة.