سجل استغلال الموارد المائية الباطنية العميقة ارتفاعا ملحوظا وصلت نسبته الى 134 بالمائة وذلك بسبب حفر الآبار المرخصة وخاصة العشوائية التي يفوق عددها عدد الآبار القانونية بما يشكل تهديدا لموارد حيوية للاقتصاد الوطني. وتتصدر ولاية قبلي باقي الولايات من حيث عدد الآبار العشوائية ب 5510 بئر، تليها سيدي بوزيد ب 2200 بئر والقيروان ب 2151 بئر. يأتي ذلك في إطار تقرير أعده المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية نشره أول أمس الأربعاء 2 أفريل 2024، اعتبر فيه ان الاستنزاف الكبير للمياه عن طريق الآبار العشوائية يتطلب تشديد الرقابة على الفلاحين والصناعيين وتكثيف ردع المخالفين، خاصة مع توفر عديد القوانين التي تحجر القيام بعمليات الحفر العشوائية وخاصة منها الفصل 12 من مجلة المياه الذي يؤكد على أنه يمنع انجاز أية بئر أو تنقيبات أو القيام بأي عمل تحويل آبار أو تنقيبات معدة للزيادة في كمية الماء المستخرج منها. كما تمت الإشارة، في هذا الصدد، الى أن أغلب الفلاحين يلجؤون الى حفر الآبار العشوائية في ظل تراجع وفرة المياه والرفض أو التأخر في الرد على طلباتهم في الحصول على رخص حفر ابار، رغم أن أغلب ملفاتهم تكون مستوفية لجميع الشروط. وبلغ عدد الملفات المتعلقة بالحصول على رخص حفر ابار 1852 ملف من جانفي 2023 الى جويلية 2023 تمت دراسة 42 بالمائة منها فقط وتحصل 746 طالب على رخصة. تكشف اخر الإحصائيات ان حجم استخراج الماء عبر الآبار المرخّصة بلغ 1324 مليون متر مكعّب (عدد الآبار المرخّصة 13322)، فيما يقدّر الاستغلال السنوي للآبار غير المرخّصة بحوالي 519 مليون متر مكعّب أي أكثر من ثلث استغلال الآبار المرخّصة (يقدّر عدد الآبار غير المرخصة بحوالي 19 ألف وتشهد أوجها في الجنوب التونسي بنسبة 81.5 بالمائة). وتقدّر الاحتياطات المائيّة في تونس بحوالي 5 مليارات متر مكعّب وهي الأضعف في منطقة المغرب الكبير، أغلبها في خزّانات، سواء كانت مياها جوفيّة أو سطحيّة. وتتراوح نسب توفّر المياه السطحيّة بين 49 بالمائة بالشمال، ثمّ 33 بالمائة في الوسط، و18 بالمائة بالجنوب، فيما بلغ مستوى الاستهلاك أكثر من 117 بالمائة. وتمثّل جملة هذه الموارد حوالي 58 بالمائة. أمّا المياه الجوفيّة، وهي موارد غير متجدّدة، فيقدّر مخزونها بحوالي 1400 مليار متر مكعّب، يتركّز أغلبها (60 بالمائة) في الجنوب، ويبلغ مستوى استهلاكها حوالي 120 بالمائة. عموما، لا يمكن تناول مسألة المياه من وجهة نظر تقنية بحتة، ولا يجب التعامل مع الأرقام والنسب كحقائق علمية مطلقة. إدارة المياه والثروات الطبيعية هي شأن اجتماعي واقتصادي بالأساس يندرج في سياق رؤى، واختيارات، وسلوكيات، واستثمارات. كما أن الإدارة التشاركية لهذه الثروة تعتبر محورية في إطار مجابهة تحديات المياه في البلاد. الأخبار