وزيرة الأسرة ووزير تكنولوجيات الاتصال يُسلّمان جائزة أفضل بحث علمي نسائي بعنوان سنة 2025 حول "تأثير الذّكاء الاصطناعي على قدرات الأفراد    ملف انستالينغو: إحالة يحي الكحيلي على أنظار الدائرة الجنائية    قروض موسمية بقيمة 4.5 ملايين دينار لفائدة الفلاحين بهذه الولاية    العفو الدولية: لم يشهد أي صراع حديث في العالم مقتل هذا العدد من الصحفيين كما يحدث في غزة    ماكرون يحذر من كارثة غير مسبوقة في قطاع غزة    ترامب يكشف عن أهدافه من لقاء بوتين.. #خبر_عاجل    العراق: انقطاع كامل للكهرباء في عدة محافظات    النادي الإفريقي: "علي يوسف" حاضر لمواجهة النجم الساحلي    طقس الليلة.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار متفرقة    وزيرة المرأة: المرأة التونسية الأولى عربيا وافريقيا في مجال البحث العلمي    فرصة لذوي الإعاقة البصرية: فتح باب الترشح لشعبة العلاج الطبيعي بتونس    تونس – الطقس: عواصف رعدية وأمطار متفرقة في الوسط الغربي    مالوما يوقف حفله في مكسيكو بسبب طفل بدون حماية    توننداكس ينهي أولى جلساته الأسبوعية على تراجع طفيف    الصناعات التقليدية: رافد للتنمية وعامل جذب سياحي    القصرين : الدورة الثالثة لمهرجان "التفاحة الذهبية" بفوسانة تجمع بين الفلاحة والثقافة والترفيه والتنمية    المنستير: اختتام الدورة الرابعة لمهرجان الطفل المبدع بمارينا المنستير    عاجل -إسبانيا : إجلاء أكثر من ألف شخص واتهامات بإشعال متعمّد    النادي الإفريقي: بسام الصرارفي يلتحق بالمجموعة    ماذا حدث لاعب ليفربول المصري محمد صلاح ؟    في مثل هذا اليوم: سجّلت تونس الرقم القياسي المطلق للحرارة    تحذير هام من "مياه الشاحنات".. #خبر_عاجل    الألعاب العالمية "شينغدو 2025": المنتخب الوطني لكرة اليد الشاطئية ينهزم أمام نظيره الكرواتي    اليوم: انطلاق دورة إعادة التوجيه الجامعي..    عاجل/ حادث مرور قاتل ببنزرت وهذه التفاصيل..    الطبوبي: الاتحاد مازال حامي حقوق الشغّالين ومستعد للحوار بلا تنازلات!    سامي الطاهري: ما نستبعدوش حتى خيار الإضراب    عاجل: وزارة الدفاع تكشف رزنامة التجنيد الجديدة.. هذه مراكز التسجيل!    عاجل/ وزارة الصحة تحسم الجدل وتوضح بخصوص ما تم تداوله حول فيروس " Chikungunya "    موجة الحر تزيد في الأمراض المعدية.. شنيا هي الأمراض وفما نصائح لازم تعرفها!    عاجل/ بشرى سارة للعاطلين عن العمل: حوالي 100 ألف موطن شغل سيوفرها هذا القطاع..    الدكاترة المعطلون عن العمل: مستعدون للتصعيد في صورة عدم الاستجابة لمطالبنا    5 غلطات في شرب ''التاي'' تخليك تضر صحتك بلا ما تحس!    تونس تشارك في بطولة إفريقيا لرفع الأثقال للأواسط والأصاغر في غانا بتسعة رباعين    وزارة الثقافة تنعى الفنان المبدع الفاضل الجزيري    المخرج التونسي الفاضل الجزيري في ذمة الله    ماهر السرولي يخلف نفسه على رأس الجامعة التونسية للرياضات الالكترونية    برشلونة يفوز على كومو بخماسية ويحرز كأس خوان غامبر    عاجل: زلزال قوي بقوة 6.2 درجات يضرب هذه البلاد العربية    تجربة سريرية تثبت فعالية دواء جديد في مكافحة سرطان الرئة    عاجل: وفاة صاحب''الحضرة'' الفاضل الجزيري بعد صراع مع المرض    خزندار: الإطاحة بمنحرف خطير محل 6 مناشير تفتيش    فوربس الشرق الأوسط تكشف عن قائمة أبرز 100 شخصية في قطاع السفر والسياحة لعام 2025    عاجل/ دولة جديدة تقرر الاعتراف بدولة فلسطين خلال هذا الموعد..    نجوى كرم تحطم الأرقام في قرطاج وتكتب فصلاً ذهبياً جديداً مع الجمهور التونسي    الرابطة المحترفة الاولى (الجولة الافتتاحية-الدفعة الثانية والاخيرة): النتائج و الترتيب    نابل: انطلاق فعاليات الدورة 63 من مهرجان العنب بقرمبالية    مرصد سلامة المرور: 458 قتيلا بسبب حوادث الطرقات خلال النصف الأول من 2025    قتله جيش الإحتلال.. الصحفي أنس الشريف يترك وصية مؤثرة عن حياته وعائلته وغزة    دراسة ليبية تحذر من بكتيريا خطيرة في المنتجات البحرية    استراحة صيفية    تاريخ الخيانات السياسية (42) .. ظهور القرامطة    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    سابقة خطيرة في قطر على مستوى الأمن الداخلي للدولة    غرفة التجارة والصناعة لصفاقس تنظم بعثة أعمال متعددة القطاعات إلى السعودية    انتهاء موسم الحصاد بهذه الولاية بتجميع أكثر من 267 ألف قنطار من الحبوب..    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحية "جرانتي العزيزة" للفاضل الجزيري: المسرح والموسيقى ذاكرة الشعوب الحيّة وتاريخها
نشر في الشروق يوم 29 - 11 - 2024

تتواصل فعاليات أيام قرطاج المسرحية في دورتها الخامسة والعشرين، واحتضنت قاعة مسرح الجهات بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي مساء الخميس 28 نوفمبر، مسرحية "جرانتي العزيزة" إنتاج المسرح الوطني التونسي والمركز الثقافي جربة ومسرح الأوبرا تونس، المسرحية سينوغرافيا وإخراج فاضل الجزيري، نص ودراماتورجيا جماعي، أداء كل من إشراق مطر وسليم الذيب بمشاركة العازفين لطفي السافي على آلة التشيللو و إلياس بلاغي على آلة البيانو ومهدي ذاكر على آلة الكمنجة.
المسرح أو أبو الفنون وسمي هكذا لأنه يحتوي داخله عديد الفنون الأخرى مثل الرقص والتمثيل والكوريغرافيا والكتابة المسرحية والنقد، وعادة ما تتضمن المسرحيات مختلف هذه الفنون، كما هو شأن مسرحية "جرانتي العزيزة" التي كانت مزيجا من الغناء والموسيقى والرقص والتمثيل، ويعد المسرح أيضا ذاكرة الشعوب حيث يخبرنا التاريخ أن لا وجود لوطن عظيم دون ذاكرة مسرحية توثق له، وهو ما حاول فاضل الجزيري إثباته من خلال هذه العمل المسرحي، حيث وثق لتاريخ تونس منذ الإستقلال الى ما بعد ثورة 14 جانفي 2011 بالاعتماد على الموسيقى وقصة عازف كمنجة لفرقة الإذاعة الوطنية.
منذ الوهلة الأولى يخيّل اليك أنك أمام مسرحية غنائية حيث توزعت الآلات الموسيقية على الركح وتمركزت الميكروهات في الجزء الأمامي منه، ثم يقتحم خمسة أفراد هذا الفضاء أربعة رجال وامرأة. يؤدي إلياس بلاغي معزوفة على آلة البيانو، لتستهل إشراق مطر العرض وتخبرنا أننا أمام حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة وشهرزاد، وهنا يوهم فاضل الجزيري جمهوره أنه أمام "خرافة" سيروي لنا أطوارها طيلة العرض.
تروي مسرحية "جرانتي العزيزة" قصة عازف كمنجة يدعى ماهر على أبواب التقاعد بعد سنوات من العمل في فرقة الإذاعة الوطنية وخارجها مما جعله طرفا في عديد الأعمال الموسيقيّة والمسرحيّة وشاهدا على أكثر من نصف قرن من الإنتاج الأدبي والفنّي في تنوّعه.
بتهوفن أو ماهر عاشق الكمنجة يسرد ويجسّد على الركح مع رفيقة دربه وبحضور باقي العازفين خلاصة خبراته التي تعكس حقبة من تاريخ الفن والإبداع وبالتالي تاريخ البلاد وما طبع تلك الفترة من تجاذبات بين السياسي والإبداعي استقرّت في ذاكرة العازف وتركت ندوبا لا تُمحى.
ساعتان روى خلالهما ماهر كل المحطات السياسية التي مرت بها تونس منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، ولم يقتصر التاريخ الذي رواه ماهر على الجانب السياسي فحسب بل أيضا الفني وتطوره وكيف ارتبط الفن بالسياسة في كل هذه المحطات ولعّل الجملة التي نطق بها خلال العرض تلخص هذه الحقيقة "الإذاعة والداخلية واحد " .
في هذه المسرحية يستحضر الجزيري عديد الشخصيات السياسية المؤثرة في تاريخ تونس مسلطا الضوء على كواليس هذا العالم وكيف تدار الأمور وتحاك فيه، وحتى لا يكون سرده لهذه الأحداث مملا أو روتينيا اختار إيصاله عن طريق الموسيقى والغناء مبينا أن لكل تاريخ وحقبة زمنية فنانيها ومبدعيها الذين عاصروا السياسيين وتقربوا منهم كل بطريقته .
تروي الشخصيات الخمس في مسرحية "جرانتي العزيزة" تاريخ تونس من خلال تجاربهم، حيث يقدمه ماهر من خلال تجربته في فرقة الاذاعة الوطنية الذي كانت عنصرا قارا في كل الأحداث السياسية الهامة بالبلاد بفنانيها وعازفيها، وتشاركه رفيقة دربه وزوجته سرد هذه الأحداث إما عن طريق الحوار المباشر بينهما أو الغناء حيث أدت إشراق مطر عديد الأغاني التي ارتبطت بكل حقبة من تاريخ تونس على غرار أغنية المرحوم الهادي قلّة "بابور زمّر خشّ البحر" وغيرها من الأغاني .
الغناء والعزف في مسرحية "جرانتي العزيزة" لم يكونا مجرد "موتيف" فني أو عنصر جمالي داخل سينوغرافيا العمل بل عبارة عن مونولوج درامي يشرح تدرج الأحداث داخل المسرحية، وهو ما يفسّر اعتماد الجزيري على عازفين محترفين وهم لطفي السافي على آلة التشيللو والذي كانت له مداخلات خفيفة وكوميدية في المسرحية إضافة الى مهدي ذاكر الذي كسر حاجز الملل بعزفه المحترف على آلة الكمنجة و المايسترو إلياس بلاغي الذي لم يكتف بالعزف بل شارك في سرد الأحداث مجسدا شخصية "عمدة" عازف البيانو الضرير .
ولم تخل مسرحية فاضل الجزيري من المشاعر الانسانية حيث شاهدنا ثنائية الحب والخيانة من خلال قصة ماهر وزوجته التي رافقته في كل مسيرته الحياتية والفنية لتقرر نهاية المسرحية تركه والتخلي عنه بعد أن خيّر "الجرانة" أو الكمنجة والأوبيرات عن حياتهما الزوجية .
تدفعك مسرحية "جرانتي العزيزة" للبحث وطرح عديد الأسئلة خاصة في علاقة الفن بالسياسة وهل كان لفرقة الاذاعة الوطنية دور في المشهد السياسي وهو ما جاء في أحد المشاهد التي تحدث فيها الشخصية الرئيسية عن انتهاء هذه الفرقة مجرّد ابتعادها عن عالم السياسة ( اليوم الفرقة فيها 6 او 7 عناصر يسجلون حضورهم ويتقاضون أجرا دون عناء ) .
في هذا العمل المسرحي حدّد الجزيري أسماء عديد الشخصيات الفاعلة في تاريخ تونس فتحدث عن أساتذة الكونسرفتوار من أحمد عاشور الذي درّس بالمعهد العالي للموسيقى وقاد الأوكسترا السيمفوني من سنة 1979 الى 2010 الى أستاذة بالمعهد على غرار "زلاطكا" و"ياروش" و"سترينو" الذي تتلمذ على يده رضا القلعي وتطرق الى سيرة عازفين كعبد الحميد بن علجية والسيد شطا ولم يفته ذكر عدد من المسرحيين كمحمد إدريس والحبيب بولعراس وقدم لمسة وفاء الى مدير التصوير الحبيب المسروقي الذي انتحر سنة 1980 عن عمر لم يتجاوز الثلاثين سنة .
كما تحدث الجزيري عن بورقيبة واليوسفيين و الهادي نويرة وأحمد بن صالح والشاذلي القليبي وعبد الرؤوف الباسطي ومجموعة بريسبكتيف وغيرهم من الشخصيات التي تركت بصمتها في المشهد الفني والسياسي في تونس وصولا الى مرحلة فرار بن علي واندلاع الثورة التي ربما عبر عنها فاضل الجزيري بمشهد تخلي الزوجة عن زوجها واختيارها للسعودية كمكان للاستقرار فيها .
"جرانتي العزيزة" مساعدة مخرج سامية بن عبد الله، أزياء جيهان بن عطية و إضاءة فيصل بن صالح أما موسيقى فلصابر القاسمي.
الأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.