الشركة التونسية للكهرباء والغاز تعلن عن تشغيل خط هوائي ذو جهد 150 الف فولت بتوزر    احتياطي تونس من العملة الصعبة يغطي 98 يوم توريد    أشاعوا خبر وفاتها.. الفنانة السورية منى واصف بخير    في لقاء رئيسة الحكومة مع بدر محمد السعد .. دراسة مجالات التعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي    دعوة إلى مفاوضات    زيادة حجم الكتلة النقدية المتداولة    أصحاب وكالات الأسفار ل «الشروق» مداخيلنا تراجعت بسبب قانون الشيكات    بعد أن أمهله المتظاهرون 24 ساعة... المنفي يعد بالتفاعل الايجابي مع الليبيّين    حريق بميناء الصيد البحري بجرزونة    أخبار النادي الإفريقي... الافريقي بطل تونس في كرة السلة    الرابطة الثانية...وسط فرحة هستيرية المرسى في «الناسيونال»    اتحاد المنستير الملعب التونسي (0 0)(2 4 ض ج)...«البقلاوة» في «الفينال»    جندوبة: الاحتفاظ بشخص وإحالة 3 آخرين بحالة تقديم من أجل تحوّز أجهزة الكترونية معدة للغش في الامتحانات    اجتماع عاجل وإدانة شديدة... الاتحاد الجهوي بصفاقس يتحرّك!    منذ إنتاجه سنة 2021...فيلم «طبرقيني» لحبيب المستيري لأول مرة في اسبانيا    الممثل هادي الماجري يتحدث عن اتصال عبير به قبل انتحارها ويكشف معاناتها الصامتة    أولا وأخيرا: «يطول ليلها وتعلف»    ملتقى ماري نوستروم: ذهبية ل أحمد الجوادي وبرونزية ل رامي الرحموني في سباق 400م    مايا تطلق "فحلة".. عمل فني يحتفي بقوة المرأة التونسية ويلاقي نجاحا كبيرا    أردوغان يلتقي الشرع في إسطنبول    البرلمان: جلسة عامة الإثنين القادم حول مشروع قانون يتعلّق بالموافقة على اتفاقية قرض بين تونس والصندوق العربي للإنماء    دعوة من عدول الإشهاد لتوثيق كل عقد صادر عنهم في القباضة المالية    فوزي بن قمرة: ''شبي حبي المزيان'' مستوحاة من خلاف شخصي مع ابنتي سليمة،    رسمي: قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة في الرائد الرسمي    أسرار النجمة الزهراء: مؤلف جديد لمركز الموسيقى العربية والمتوسطية    القيروان: اختيار 15 طالب دكتوراه للتنافس على تصفيات نهائي مسابقة "أطروحتي في 180 ثانية"    طقس الليلة    مدنين: بلدية جرجيس تنفّذ 7 قرارات هدم لأسيجة أحدثت بدون رخصة ومخالفة لمثال التهيئة العمراني    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية لتقصي ومداواة أمراض القلب والشرايين بمركز الصحة الأساسية بالهوارية    سيدي بوزيد: قافلة صحية متعددة الاختصاصات تؤمن عيادات في 14 اختصاصا بالمستشفى المحلي بالمزونة    وكالة التبغ والوقيد: أرباح تتراجع وأزمة سيولة تهدد المستقبل!    عاجل : النيابة العمومية تفتح تحقيقاً بعد وفاة شابة بطلق ناري في الكاف    تم ضبطهم بميناء حلق الوادي: السجن لثلاثة أجانب ينشطون ضمن شبكة دولية لتهريب المخدرات..    محمد صلاح أفضل لاعب بالبطولة الانقليزية الممتازة للمرة الثانية    عاجل/ حادثة مقتل فتاة بطلق ناري في الكاف: المساعد الأول لوكيل الجمهورية يكشف تفاصيل جديدة..    كاس العالم للمبارزة (سلاح السابر) - تاهل فارس الفرجاني الى الدور ثمن النهائي    قرار استثنائي من الفيفا ...تعرف عليه    وفاة شابة بطلق ناري في الكاف: العثور على ورقة ترجح فرضية الانتحار    جندوبة: تفكيك شبكة مختصة في ترويج سماعات الغش في الامتحانات    عاجل/ السجن لكهل تحرش ب 3 أطفال واعتدى عليهم..    الشرطة الألمانية تحذر من صعود جماعات شبابية يمينية إجرامية    زلزال بقوة 6ر4 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عملية ألمانيا: ارتفاع حصيلة المصابين ومنفذة الهجوم امرأة..#خبر_عاجل    تعزيز التعاون بين تونس والصندوق العربي للانماء الإقتصادى والاجتماعى، محور لقاء وزير الإقتصاد بالمدير العام للصندوق.    إيطاليا تُغيّر قانونا بشأن الحق في الحصول على الجنسية بموجب 'حق الدم'    عاجل/ إجلاء 71 مصريا من ليبيا اثر التوتر الأمني..    هام/ تمديد آجال العفو الاجتماعي ونظام التعويض عن أضرار حوادث الشغل..    رحيل أسطورة السينما الجزائرية محمد لخضر حمينة    الفكر المستقيل    أمراض تهدد حياتك عند ضعف حاستي السمع والشم.. ما هي؟!    تنبيه/ توقف جولان الخط "ت.ح .م" بين هاتين المحطتين..    موعد بدء إجازة عيد الأضحى في السعودية    كأس العرب 2025: قيمة الجوائز المالية للمنتخبات المشاركة تتجاوز ال100مليار؟    29 يوم فقط تفصلنا على بداية فصل الصيف    علاج طبيعي للاكتئاب دون أدوية...تعرف عليه    دعاء يوم الجمعة 23 ماي 2025    الاستيقاظ قبل رنين المنبه خطر.. دراسة تحذر وتكشف..    هام/ "الستاغ" تشرع في جدولة ديون هؤولاء..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحية "جرانتي العزيزة" للفاضل الجزيري: المسرح والموسيقى ذاكرة الشعوب الحيّة وتاريخها
نشر في الشروق يوم 29 - 11 - 2024

تتواصل فعاليات أيام قرطاج المسرحية في دورتها الخامسة والعشرين، واحتضنت قاعة مسرح الجهات بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي مساء الخميس 28 نوفمبر، مسرحية "جرانتي العزيزة" إنتاج المسرح الوطني التونسي والمركز الثقافي جربة ومسرح الأوبرا تونس، المسرحية سينوغرافيا وإخراج فاضل الجزيري، نص ودراماتورجيا جماعي، أداء كل من إشراق مطر وسليم الذيب بمشاركة العازفين لطفي السافي على آلة التشيللو و إلياس بلاغي على آلة البيانو ومهدي ذاكر على آلة الكمنجة.
المسرح أو أبو الفنون وسمي هكذا لأنه يحتوي داخله عديد الفنون الأخرى مثل الرقص والتمثيل والكوريغرافيا والكتابة المسرحية والنقد، وعادة ما تتضمن المسرحيات مختلف هذه الفنون، كما هو شأن مسرحية "جرانتي العزيزة" التي كانت مزيجا من الغناء والموسيقى والرقص والتمثيل، ويعد المسرح أيضا ذاكرة الشعوب حيث يخبرنا التاريخ أن لا وجود لوطن عظيم دون ذاكرة مسرحية توثق له، وهو ما حاول فاضل الجزيري إثباته من خلال هذه العمل المسرحي، حيث وثق لتاريخ تونس منذ الإستقلال الى ما بعد ثورة 14 جانفي 2011 بالاعتماد على الموسيقى وقصة عازف كمنجة لفرقة الإذاعة الوطنية.
منذ الوهلة الأولى يخيّل اليك أنك أمام مسرحية غنائية حيث توزعت الآلات الموسيقية على الركح وتمركزت الميكروهات في الجزء الأمامي منه، ثم يقتحم خمسة أفراد هذا الفضاء أربعة رجال وامرأة. يؤدي إلياس بلاغي معزوفة على آلة البيانو، لتستهل إشراق مطر العرض وتخبرنا أننا أمام حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة وشهرزاد، وهنا يوهم فاضل الجزيري جمهوره أنه أمام "خرافة" سيروي لنا أطوارها طيلة العرض.
تروي مسرحية "جرانتي العزيزة" قصة عازف كمنجة يدعى ماهر على أبواب التقاعد بعد سنوات من العمل في فرقة الإذاعة الوطنية وخارجها مما جعله طرفا في عديد الأعمال الموسيقيّة والمسرحيّة وشاهدا على أكثر من نصف قرن من الإنتاج الأدبي والفنّي في تنوّعه.
بتهوفن أو ماهر عاشق الكمنجة يسرد ويجسّد على الركح مع رفيقة دربه وبحضور باقي العازفين خلاصة خبراته التي تعكس حقبة من تاريخ الفن والإبداع وبالتالي تاريخ البلاد وما طبع تلك الفترة من تجاذبات بين السياسي والإبداعي استقرّت في ذاكرة العازف وتركت ندوبا لا تُمحى.
ساعتان روى خلالهما ماهر كل المحطات السياسية التي مرت بها تونس منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، ولم يقتصر التاريخ الذي رواه ماهر على الجانب السياسي فحسب بل أيضا الفني وتطوره وكيف ارتبط الفن بالسياسة في كل هذه المحطات ولعّل الجملة التي نطق بها خلال العرض تلخص هذه الحقيقة "الإذاعة والداخلية واحد " .
في هذه المسرحية يستحضر الجزيري عديد الشخصيات السياسية المؤثرة في تاريخ تونس مسلطا الضوء على كواليس هذا العالم وكيف تدار الأمور وتحاك فيه، وحتى لا يكون سرده لهذه الأحداث مملا أو روتينيا اختار إيصاله عن طريق الموسيقى والغناء مبينا أن لكل تاريخ وحقبة زمنية فنانيها ومبدعيها الذين عاصروا السياسيين وتقربوا منهم كل بطريقته .
تروي الشخصيات الخمس في مسرحية "جرانتي العزيزة" تاريخ تونس من خلال تجاربهم، حيث يقدمه ماهر من خلال تجربته في فرقة الاذاعة الوطنية الذي كانت عنصرا قارا في كل الأحداث السياسية الهامة بالبلاد بفنانيها وعازفيها، وتشاركه رفيقة دربه وزوجته سرد هذه الأحداث إما عن طريق الحوار المباشر بينهما أو الغناء حيث أدت إشراق مطر عديد الأغاني التي ارتبطت بكل حقبة من تاريخ تونس على غرار أغنية المرحوم الهادي قلّة "بابور زمّر خشّ البحر" وغيرها من الأغاني .
الغناء والعزف في مسرحية "جرانتي العزيزة" لم يكونا مجرد "موتيف" فني أو عنصر جمالي داخل سينوغرافيا العمل بل عبارة عن مونولوج درامي يشرح تدرج الأحداث داخل المسرحية، وهو ما يفسّر اعتماد الجزيري على عازفين محترفين وهم لطفي السافي على آلة التشيللو والذي كانت له مداخلات خفيفة وكوميدية في المسرحية إضافة الى مهدي ذاكر الذي كسر حاجز الملل بعزفه المحترف على آلة الكمنجة و المايسترو إلياس بلاغي الذي لم يكتف بالعزف بل شارك في سرد الأحداث مجسدا شخصية "عمدة" عازف البيانو الضرير .
ولم تخل مسرحية فاضل الجزيري من المشاعر الانسانية حيث شاهدنا ثنائية الحب والخيانة من خلال قصة ماهر وزوجته التي رافقته في كل مسيرته الحياتية والفنية لتقرر نهاية المسرحية تركه والتخلي عنه بعد أن خيّر "الجرانة" أو الكمنجة والأوبيرات عن حياتهما الزوجية .
تدفعك مسرحية "جرانتي العزيزة" للبحث وطرح عديد الأسئلة خاصة في علاقة الفن بالسياسة وهل كان لفرقة الاذاعة الوطنية دور في المشهد السياسي وهو ما جاء في أحد المشاهد التي تحدث فيها الشخصية الرئيسية عن انتهاء هذه الفرقة مجرّد ابتعادها عن عالم السياسة ( اليوم الفرقة فيها 6 او 7 عناصر يسجلون حضورهم ويتقاضون أجرا دون عناء ) .
في هذا العمل المسرحي حدّد الجزيري أسماء عديد الشخصيات الفاعلة في تاريخ تونس فتحدث عن أساتذة الكونسرفتوار من أحمد عاشور الذي درّس بالمعهد العالي للموسيقى وقاد الأوكسترا السيمفوني من سنة 1979 الى 2010 الى أستاذة بالمعهد على غرار "زلاطكا" و"ياروش" و"سترينو" الذي تتلمذ على يده رضا القلعي وتطرق الى سيرة عازفين كعبد الحميد بن علجية والسيد شطا ولم يفته ذكر عدد من المسرحيين كمحمد إدريس والحبيب بولعراس وقدم لمسة وفاء الى مدير التصوير الحبيب المسروقي الذي انتحر سنة 1980 عن عمر لم يتجاوز الثلاثين سنة .
كما تحدث الجزيري عن بورقيبة واليوسفيين و الهادي نويرة وأحمد بن صالح والشاذلي القليبي وعبد الرؤوف الباسطي ومجموعة بريسبكتيف وغيرهم من الشخصيات التي تركت بصمتها في المشهد الفني والسياسي في تونس وصولا الى مرحلة فرار بن علي واندلاع الثورة التي ربما عبر عنها فاضل الجزيري بمشهد تخلي الزوجة عن زوجها واختيارها للسعودية كمكان للاستقرار فيها .
"جرانتي العزيزة" مساعدة مخرج سامية بن عبد الله، أزياء جيهان بن عطية و إضاءة فيصل بن صالح أما موسيقى فلصابر القاسمي.
الأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.