وزير السياحة يؤدي زيارة عمل إلى ولاية القصرين يومي 17 و18 نوفمبر 2025    بن سلمان: نُريد أن نكون ضمن الاتفاقيات الإبراهيمية    الأمن الروسي يرفع السرية عن عملاء للنازيين في الحرب الوطنية العظمى تعاونوا لاحقا مع CIA    13 قتيلا في غارة إسرائيلية على مخيم عين الحلوة جنوبي لبنان    سوسة: بطاقة إيداع ضد طفل إثر محاولة قتل رجل مسن    الشوط الأول: البرازيل تتعادل مع تونس    انتخاب القائد العام للكشافة التونسية محمد علي الخياري نائبًا لرئيس اللجنة الكشفية العربية    قضية رحمة لحمر: التمديد في الإيقاف التحفّظي للوزير السابق مهدي بن غربية    مواسم الريح للأمين السعيدي، رحلة فلسفية في أعماق الذات البشرية    مع الشروق : قرارملغّم.. وخياران أحلاهما.. مرّ    عاجل/ السعودية تعلن عن رغبتها في الانضمام لاتفاقيات ابراهام    التونسية آمنة قويدر تتوج بجائزة الانجاز مدى الحياة 2025 بالمدينة المنورة    هذه الوزارة ترفع انتداباتها خلال 2026 بنسبة 333%..#خبر_عاجل    محرز الغنووسي يُبشّر: ''مساء الغيث النافع''..هذه المناطق المعنية    انطلاق فعاليات النسخة الخامسة من المناظرة التونسية للمنتجات المحليّة    عمل جديد لسامي الفهري ...و هذي تفاصيلوا    عودة خدمة كلاود فلير تدريجيا بعد تعطل منصات ومواقع عالمية    المنستير: تسجيل معدّل تساقطات لا يتجاوز 9 بالمائة منذ غرة سبتمبر المنقضي (مندوبية الفلاحة)    ندوة علمية تحت عنوان " تقوية العضلات...ركيز أساسية في اعادة التأهيل" يوم 29 نوفمبر 2025 بمدينة سوسة " "    عاجل/ قضية التخطيط لاغتيالات: هذا ما تقرر بشأن الافراج عن فتحي دمّق    مباراة ودية - المنتخب التونسي تحت 23 عاما يفوز على نظيره الاماراتي 3-2    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: برنامج مباريات الجولة الخامسة عشرة    جندوبة: الحكم ابتدائيا على عضو بالبرلمان بالسجن لثلاث سنوات    هل تعاني من تنميل مستمر في يدك؟ علامة خطيرة على هذا المرض    عاجل/ رصد تعويضات بقيمة 30 م د لفائدة هؤلاء..    شوطة في نهار أحد بلاش كورة    قائم القروض البنكية المسلّمة للأشخاص الطبيعيين منذ بداية العام..#خبر_عاجل    افتتاح الندوة الدولية "الثقافة العربية والتحديات الراهنة"    مونديال 2026: سبعة منتخبات تتنافس على ثلاث بطاقات مباشرة في ختام تصفيات الكونكاكاف    قبلي: ارتفاع حجم الانتاج الجملي للتمور البيولوجية خلال الموسم الحالي    موجات برد وأمطار غزيرة متوقعة في أوروبا...تونس من بينها    مباراة ودية: تشكيلة المنتخب الوطني في مواجهة نظيره البرازيلي    أفلام مهرجان تيميمون للفيلم القصير: تقاطع الذاكرة والمقاومة والهوية في 47 فيلما قصيرا    إجراءات إستثنائية لتنظيم عمليات توزيع منتوجات التمور والتفاح والقوارص والرمان والزيتون    مفزع/ 1052 قتيلاً في حوادث المرور منذ بداية السنة..!    تونس: أطبّاء الصحة العمومية يخدموا 120 ساعة في الأسبوع بأجور تتراوح بين 1500 و1900 د    طاقم تحكيم فرنسي لإدارة مباراة تونس والبرازيل الودية    بولونيا تتجه لملحق لكأس العالم بعد الفوز في مالطا    هذا عدد التذاكر المخصصة لمباراة الترجي الرياضي والملعب المالي..#خبر_عاجل    تحويل جزئي لحركة المرور على مستوى الوصلة المؤدّية من الطريق الوطنيّة رقم 3 أ1 نحو سوسة والحمّامات بداية من الثلاثاء    ولاية تونس تدرس إمكانية تركيز منظومة الإنذار المبكر للتوقي والاستعداد لمجابهة الكوارث الطبيعية    تونس: أمطار هذا الشتاء ستتجاوز المعدلات العادية في الشمال    فيروس من'' الخفافيش'' يظهر في إثيوبيا: يقلق الصحة العالمية ...شنوا حكايتو ؟    فتح بحث تحقيقي بعد العثور على محامية متوفاة منذ 3 أيام في أكودة    ميزانية النقل لسنة 2026: برمجة اقتناء طائرات وحافلات وعربات مترو ودعم الموارد البشرية    ميزانية 2026: ملف الدكاترة المعطّلين عن العمل يهيمن على مداخلات نواب مجلس نواب الشعب    واشنطن: رفض حماس لقرار الأمم المتحدة دليل على تقدمنا بالمسار الصحيح    مختار التليلي: " سامي الطرابلسي يحكمو فيه في المنتخب وخليني ساكت خير"    الشروع في مناقشة ميزانية مهمة التعليم العالي والبحث العلمي لسنة 2026    الثلاثاء: الحرارة في انخفاض وأمطار متفرقة بهذه المناطق    في أول زيارة له لمصر:الفنان الأمين النهدي يحضر خصيصًا العرض الرسمي لفيلم "الجولة13"    العلم اثبت قيمتها لكن يقع تجاهلها: «تعليم الأطفال وهم يلعبون» .. بيداغوجيا مهملة في مدارسنا    الكوتش وليد زليلة يكتب: ضغط المدرسة.. ضحاياه الاولياء كما التلاميذ    تونس تتسلّم 30 قطعة أثرية بعد ترميمها في روما    المعهد القومي العربي للفلك يعلن عن غرة جمادى الثانية    Titre    رأي: الإبراهيمية وصلتها بالمشروع التطبيعي الصهيوني    شوف وقت صلاة الجمعة اليوم في تونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الشروق : ... ولكن في الهزيمة كالغزال !!
نشر في الشروق يوم 15 - 04 - 2025

قديما قال شاعرنا العربي الكبير ابن سودون المصري (1407 1463 بالقاهرة) بيتا خالدا جاء في سياق قصيدة حماسية رائعة، جاء فيها:
«وفي الهيجاء ما جرّبت نفسي * ولكن في الهزيمة كالغزال»
وهي قصيدة أرادها تشهيرا بالتخاذل وبالقعود عن القتال ذودا عن حياض العشيرة ودفاعا عن الحقوق وعن الشرف.. ويبدو أن الكثير من القادة العرب قد فهموا هذا القصيد الرائع وهذا البيت الجميل على عكس مقاصد الشاعر، هذا ان كان بينهم أصلا من قرأ هذا القصيد أو سمع بهذا الشاعر... فقد اعتبروا هذا البيت دعوة الى الهروب من ساحات الوغى، ودعوة الى التخاذل والقعود عن محاربة الأعداء ودعوة الى الانسحاب من ساحات النزال حين يشتد الوغى وتتكسّر النصال على النصال.. لذلك نجدهم لا يتخلّفون فقط عن نصرة اخوانهم في قطاع غزّة المحاصر والمدمّر والمجوّع والذي أصبح ساحة للإبادة الجماعية وعنوانا للقتل وللجريمة الصهيونية.. ولا يتخاذلون فقط عن نجدة اخوانهم ومساعدتهم على الصمود في وجه تتار ومغول العصر الحديث.. بل على العكس من كل هذا نجدهم ينصرون عليهم عدوّهم ويمدّونه بأسباب استكمال جريمته من الامداد بالمؤن والأغذية والخضر إلى التزويد بالأسلحة وبالطيّارين للمساهمة في تسوية القطاع بالأرض علاوة على فتح خزائن أموالهم لمساعدة بني صهيون على استكمال مهمّتهم القذرة في إبادة وترويع سكان القطاع ودفعهم دفعا إلى الهجرة إلى الصحراء المصرية وإلى الأردن وإلى أي مكان ليسلموا مفاتيح القطاع إلى الرئيس الأمريكي ترامب لإقامة مشروعه الاستثماري الكبير.
هؤلاء العرب لا يقاتلون ويكيدون لمن يقاتل.. هؤلاء العرب يهربون من ساحات النزال دفاعا عن الشرف العربي وعن الأرض وعن الحقوق الفلسطينية ويطعنون في الظهر من يقاتل ويصمد ويذيق الصهاينة كأس الهزيمة والانكسار في ساحات المعركة . هؤلاء العرب لا يعادون عدو أمتهم ومستبيح حقوقهم ويطعنون في الظهر من يقاتله ويدفع ضريبة الدم دفاعا عن الأمة وعن شرف الأمة.. لكأن الشاعر بن سودون المصري قد قال قصيدته الشهيرة في عرب هذا الزمان الذين لا يكتفون بالتخاذل ولا يقبلون بالهزيمة فقط.. بل ويتجرّؤون على طعن المقاومين في الظهر.. مصرّين بذلك على استعراض مهاراتهم في الانكسار وفي الهرب من ساحات القتال كالغزلان وفق الصورة التي رسمها شاعرنا العربي الكبير قبل قرون.
آخر ما جادت به قريحة هؤلاء أو ما وافقوا عليه الصهاينة والأمريكان تضمّنته الورقة الأخيرة التي قدمها الجانب المصري إلى حركة «حماس» في قالب مبادرة جديدة للتوصل إلى تهدئة وتبادل للأسرى وإدخال المساعدات. والمقترح تضمّن مخاتلة عظمى تسير في سياق قصيدة ابن سودون لأنها تمكّن هؤلاء العرب من الهرب من ساحة الوغى كالغزلان.. حيث تضمّنت الورقة مقايضة رخيصة لهذه التهدئة بنزع سلاح المقاومة. وهو الهدف الذي عجز الصهاينة عن تحقيقه بالقوة المفرطة والثمن الذي تطلبه الادارة الأمريكية مقابلا للتهدئة ووقف القتال. أما الدماء الفلسطينية الطاهرة الزكية التي سالت دفاعا عن الأرض.. وأما الأرواح التي أزهقت ذودا عن شرف الوطن والأمة العربية.. وأما معاناة ملايين البشر وعذابات شعب بأسره مشتّت بين قهر الاحتلال وذل المنافي.. وأما الحقوق الكونية وفي طليعتها حقّ الشعوب في النضال والكفاح المسلّح من أجل استرداد حريتها وحقوقها فكل ذلك لم يعد موجودا في قواميس بعض العرب تماما كما أنه غير موجود في قاموس الصهاينة وحلفائهم الأمريكان.
لم تعد العقدة في الاحتلال الصهيوني وفي الغطرسة الصهيونية وفي الانحياز الأمريكي الأعمى. ولم تعد العقدة في جرائم الابادة الجماعية التي تقترف على مرآى ومسمع الجميع. ولم تعد العقدة في شرعية دولية تداس تحت جنازير الدبابات ولا في قانون دولي تدكه الصواريخ والقنابل وتسوّيه بالتراب.. بل أصبحت العقدة في سلاح من يقاوم الاحتلال. في سلاح من يصرخ ليقول لا لاستعباد البشر ومصادرة الحقوق وفي طليعتها الحق في الحياة. العقدة لم تعد في المحتل بل في سلاح الخاضع للاحتلال. لذلك نجد الصهاينة والأمريكان يلوذون بكل الألاعيب والبهلوانيات وينخرط مع عرب التخاذل في التآمر على سلاح المقاومة سواء في غزّة أو في جنوب لبنان وكأنما كان الإشكال في سلاح المقاومة الاسلامية في غزة، وفي سلاح حزب الله في جنوب لبنان وليس في الاحتلال الصهيوني الذي يمضي في تنفيذ مخطط إقامة ما يسمى إسرائيل الكبرى الذي سيشمل أجزاء كبيرة من لبنان والأردن وسوريا والعراق ومصر والسعودية إضافة الى الضفة والقطاع.
ألا يعلم الساعون الى تمرير مؤامرة نزع سلاح حماس وحزب الله أنهم يطلقون الرصاص على أقدامهم في واقع الحال لأن المقاومة تقاوم نيابة عنهم ولأن مخططات الصهاينة تشمل السيطرة على أجزاء هامة من أرضهم.. فإن لم يكونوا مع المقاومة فكيف لا يكونون مع أنفسهم على الأقل؟ أم تراهم يصرّون على أن تتجسّد فيهم قصيدة ابن سودون وهم في «الهزيمة كالغزال»؟!
عبد الحميد الرياحي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.