أحيل مؤخرا على حاكم التحقيق بابتدائية باجة شيخ مزدوج الإقامة بين تونس وفرنسا وذلك بتهم حمل سلاحي ناري ومسكه دون رخصة ومحاولة قتل نفس بشرية عمدا بعد أن أطلق عيارا ناريا تجاه أحد الأعوان. ولا يزال التحري جاريا لمعرفة مصدر السلاح الناري حديث الطراز الذي يمتلكه الشيخ. وورد بملف القضية أن أعوان فرقة من أعوان الحرس الوطني بباجة قد عاشوا في احدى الليالي الشديدة البرد والحالكة السواد المنقضية مغامرة لن تمحي من ذاكرتهم بما شهدوه من تقلبات دامت أكثر من 6 ساعات وكادوا يفقدون خلالها أحد زملائهم. تلقى أعوان الحرس الوطني بباجة نبأ مفاده أن شيخا يبلغ من العمر 66 سنة مزدوج الاقامة بين احدى جهات باجةحيث يمتلك ضيعة صغيرة تحوي منزلا وبين احدى المدن الفرنسية التي قضى بها أغلب فترات عمره قبل أن يحال على التقاعد ليصبح بذلك كثير التردّد على المنطقة وخاصة في مواسم الزراعة والحصاد. وأفاد النبأ أن هذا الشيخ يمتلك سلاحا ناريا من طراز حديث وهو ما تحجّره قوانين بلادنا. وبموجب هذه الأنباء تلقى أعوان الحرس الوطني بباجة إذنا من ممثل النيابة العمومية بباجة للتوجه إلى ضيعة الشيخ قصد حجز السلاح الناري وإيقاف صاحبه وبمفعول هذه الإنابة تحرّك الأعوان المذكورين ليلا وطوّقوا الضيعة. وفي مناسبة أولى أرسل الأعوان اشارات ضوئية وصوتية إلى الشيخ القابع بداخل المنزل لاعلامه بهوياتهم حتى يتم ما جاؤوا من أجله بطرق سلمية وهو ما رفضه الشيخ الذي هدّد زائريه بإطلاق النار على كلّ من يدنو من باب منزله. وقد مثل هذا التهديد بقدر ما يحمله من مخاطر نقطة ارتكز عليها الأعوان لمواصلة العملية بعد تأكدهم أن الشيخ يمتلك فعلا سلاحا ناريا. ودنا أحد الأعوان من باب المنزل وشرع في رجّه في محاولة لاعطاء فرصة جديدة للشيخ لتسليم نفسه دون مقاومة ولكنه أطلق عيارا ناريا في اتجاه رأس العون المطل من خلال المنطقة المشبّكة التي توسطت الباب المعدني لكن العيار الناري لم يصب العون فنجا من الموت. اثر ذلك تراجع العون ليلتحق بزملائه ويطمئنهم على حالته فاستغلّ الشيخ الفرصة للفرار من أحد الأبواب الخلفية متستّرا بالظلام الدامس الذي كان يخيّم على المكان. ولكن العون المكلف بمراقبة المنزل عن بعد قد تفطن لفرار الشيخ فأعلم زملاءه بذلك. عندها تحرّك الجميع لملاحقته متخذين كل الاحتياطات اللازمة لتفادي طلقات نارية جديدة مفاجئة. وأثناء اقتفاء الاثار لمح أحد الأعوان هيكلا بشريا يغيب ويظهر بين مرتفعات ومنخفضات المنطقة المجاورة للضيعة وهي طبيعة تضاريس هذه المنطقة الريفية.. فأسرع تجاهه مستعينا بأحد زملائه وأمكن لهما إدراكه فارتميا عليه وشلا حركته ظانين بذلك أن مسلسل المطاردة قد أدرك نهايته ولكنهما فوجئا بأن صاحب الهيكل ليس سوى امرأة. تتالت الساعات والشيخ لم يظهر بعد ومع عدم ظهوره بدأ الأمل في القاء القبض عليه يتلاشى مما أجبر رئيس المنطقة على الاتصال ببقية الفرق الأمنية قصد التحرّك بأقصى سرعة لسدّ منافذ المعتمدية. كما كلّف فريقا ممن هم معه بالعودة إلى المنزل الذي عاد أو قد يعود إليه الشيخ. انتصف الليل والشيخ لم يظهر بعد. ومع حلول الواحدة صباحا لمح أحد الأعوان لدى دنوه من كومة تبن على بعد 500م من الضيعة أن ساقين قد تدلتا منها. جذب العون الساقين فإذا بالشيخ بدمه ولحمه يقف أمامه معلنا أن مسلسل القبض عليه قد أدرك نهايته. التف جميع الأعوان حول الشيخ وبسؤاله عن المسدس أفاد أنه قام بردمه في الطريق عندما كان يزحف على امتداد 300م قبل أن يدرك كومة التبن. وقد تمكن الأعوان من العثور على السلاح الناري بعد قضاء أكثر من ساعة زمنية في التفتيش المرفوق بنبش التراب. اقتيد الشيخ والمرأة إلى منطقة الحرس الوطني بباجة ومع بزوغ شمس اليوم الموالي أخلي سبيل المرأة واحتفظ بالشيخ على ذمة باحث البداية فلم ينكر تهمة حمل سلح ناري ومسكه دون رخصة ولكنه أنكر ما تعلق بتهمة محاولة قتل نفس بشرية عمدا إذ زعم ان اطلاقه للعيار الناري كان بغرض تخويف الوافدين على منزله وأكد أنه لم يكن مصدقا أنهم أعوان الحرس الوطني. اثر التحرير عليه أحيل الشيخ وملفه على ممثل النيابة العمومية بباجة ومنه إلى حاكم التحقيق الذي أصدر في شأنه بطاقة ايداع بسجن الايقاف ولا يزال التحرّي جاريا في ما يتعلق بمصدر السلاح الناري.