يقارن خبراء ومحللون تكتيك تصعيد القصف والاعتداءات العسكرية المكثفة التي تنفذها قوات الاحتلال الأمريكي في العراق هذه الأيام بالتكتيك الذي تستخدمه قوات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطينالمحتلة من عمليات القمع والقتل وتدمير ونسف منازل الفدائيين الفلسطينيين، فقوات الاحتلال الأمريكي تقوم بتدمير ونسف بيوت تزعم أنها تعود إلى عناصر في المقاومة العراقية مخلية هذه البيوت من النساء والأطفال ومن ثم تدميرها بالأسلحة الثقيلة. وقد تم تدمير أكثر من عشرين منزلا على الأقل في تكريت كجزء من العملية العسكرية المسماة «الإعصار الحلزوني 2» التي قال قائد كتيبة المشاة الأولى في فرقة المشاة الرابعة، العقيد الأمريكي جيمس هيكي أنها قد انتهت يوم الأربعاء. وقال أعضاء أسرة أحد المنازل في بلدة الهويدة أن قوات الاحتلال الأمريكي أعطتهم مهلة خمس دقائق لإخلاء المنزل قبل أن يبدأ الجنود بإطلاق النار. وعزا هيكي تدمير المنازل إلى أن مقاتلي المقاومة العراقية عاشوا فيها واجتمعوا وأن تدمير المنازل سيجبرهم على إيجاد أماكن أخرى للاجتماع وقال «إننا سنزيد من حرارة الهجمات ضدهم ونعقد مجال ميادينهم القتالية ودحرهم إلى الصحراء، وهناك سيكونون مكشوفين وسنهاجمهم». وامتنع الناطق باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان عن التعليق بصورة محددة عما إذا كان قرار تدمير المنازل جزءا من استراتيجية شاملة أقرها البيت الأبيض، محيلا الأسئلة بهذا الشأن إلى وزارة الدفاع (البنتاغون)، لكنه امتدح جهود قوات الاحتلال الأمريكي للتعامل بشدة مع الثوار العراقيين. شهادات من العراق وقد أحال المسؤولون في البنتاغون بدورهم الأسئلة إلى القيادة المركزية الأمريكية في تامبا بولاية فلوريدا التي قرر قائدها الجنرال جون أبا زيد نقل مقر قيادته في تامبا إلى قاعدة السيلية في قطر. ونقلت الصحافة الأمريكية عن عراقيين غاضبين من بلدة الهويدة قولهم أن تكتيك هدم المنازل سيولد المزيد من المقاتلين وربما يثير انتفاضة مماثلة لانتفاضة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال جمال شهاب «إنه عمل يقوم به شارون وإن ما يحدث في العراق هو مماثل تماما لما يحدث في فلسطين.» وقالت زوجة المزارع العراقي عمر خليل الذي دمرت قوات الاحتلال الأمريكي منزله في الهويدة بدعوى أن ابنه واحد من المشتبه بهم في إسقاط طائرة البلاك هوك يوم السابع من نوفمبر الجاري، قالت وهي تنوح قرب حطام منزلها «ليس لي ولد وليس لي زوج وليس لي بيت، فسأصبح متسولة». وقالت كافية خليل إن المسؤولين العسكريين الأمريكيين زاروا أولا المنزل قبل يومين من تدميره وطلبوا من زوجها تسليم ابنها، فرفض ومن ثم بعد حوالي الساعة العاشرة ليلة الأحد الماضي عاد جنود الاحتلال الأمريكي و»بدأوا يطلقون النار علينا وقالوا: انهضوا، أخرجوا، وأحضروا سيارة نقل كبيرة لنا وكان الجو باردا وشعرنا وكأننا نموت. وبعد خمس دقائق بدأوا يطلقون النار ولم يكن لدينا وقت لأخذ أي شيء سوى بطانيات، وأحضروا دبابات وطائرات هليوكوبتر وبدأوا بقصف المنزل.» وبعد وقف إطلاق النار تم إطلاق سراح النساء والأطفال وتركوا في المكان لكي يواصلوا البحث في الركام لإنقاذ ما بقي من الأشياء القليلة، كما حول القصف الأمريكي منزلين مجاورين إلى أنقاض وحمل ولد صغير ما بقي من قطع تلفزيون العائلة. وفي الساحة الخلفية لأحد البيوت شوهدت بقرة وقد نفقت وفتحت معدتها برصاصة كبيرة وعجلها الذي لم يكن قد ولد وقد بدا للعيان، وكان كلب يترنح يمشي متثاقلا وقطعة من شظية تظهر من جسمه وقد ظهرت على الأرض أغلفة القذائف وجمعها الأولاد وعرضوها على الصحفيين. ومما يذكر أن ممارسات جنود الاحتلال الإسرائيلي في تدمير منازل الأسر الفلسطينية التي لها أبناء يقومون بعمليات فدائية قد أدت إلى إدانات واسعة النطاق من منظمات حقوق الإنسان والحكومات الأخرى بما في ذلك انتقادات شديدة من الولاياتالمتحدة. وقال تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن حالة حقوق الإنسان في عام 2002 أن مثل هذه السياسات «تركت مئات الفلسطينيين الذين لا علاقة لهم بهجمات إرهابية مشردين بلا منازل.» وفي شهر سبتمبر الماضي انتقد الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية ريتشارد باوتشر الكيان الصهيوني لقيام قوات احتلاله بتدمير مبنى من سبعة طوابق في غزة خلال غارة جوية على مشتبهين من حماس. وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية طلب عدم الإفصاح عن هويته يوم الاثنين الماضي ردا على سؤال حول تكتيك قوات الاحتلال الأمريكي في العراق المشابه لتكتيك قوات الاحتلال الإسرائيلي «إن هذا التكتيك لم يقر في واشنطن» مضيفا «إنني لا أستطيع الانتظار لأرى عرض الجزيرة لهذا العمل». انتقادات وقال مسؤولون عسكريون أميركيون أن التكتيك الأمريكي الجديد تم تبنيه خلال سلسلة اجتماعات عقدها الجنرال أبا زيد مع القائد الميداني لقوات الاحتلال الأمريكي في العراق الجنرال ريكاردو سانشيز. وقال الجنرال المتقاعد بيل ناش «لو كان وراء تبني هذا التكتيك أحد غير الجنرال أبا زيد لشعرت بالقلق، لكن أبا زيد يفهم المنطقة، ويفهم طبيعة العدو وأصدقاؤه هناك أفضل من أي شخص.» ويذكر أن أبا زيد من أصل لبناني ويتحدث العربية بطلاقة. وقد استخدمت قوات الاحتلال الأمريكي في هجماتها مستوى عاليا من التنسيق والأسلحة المتطورة، فالعمليات الليلية التي استهدفت بغداد وغيرها من المدن صواريخ ونيران مدفعية موجهة بالليزر. غير أن منتقدين للتكتيك الأمريكي الجديد تساءلوا عما إذا كان استخدام قوة نيران هائلة ضد أهداف معزولة وجيوب صغيرة للمقاومة من شأنها أن توقف عمليات المقاومة أو تحيد المواطنين العراقيين العاديين الذين يريدون عودة الحياة الطبيعية. فقد أعرب الجنرال المتقاعد من سلاح مشاة البحرية (المارينز) بول فان ريبر عن شكه في أن تصعيد القصف سيردع رجال المقاومة العراقية وقال «ربما يكون للقصف بشكل مبدئي تأثير سيكولوجي، ولكن التاريخ يعلمنا أن التأثير هو محدود، فالناس يتعلمون كيفية التعايش مع القصف».